الوقت- في حوارٍ أجراه موقع "الوقت" التحليلي - الإخباري مع الأمين العام لجامعة الأمة العربية (الأمة المقاومة) والباحثة والمحللة السياسية الدكتورة هالة الأسعد؛ تم التطرق إلى آخر المستجدات في الشمال السوري وخفايا وكواليس الاتفاق الأمريكي التركي حول دعم جبهة النصرة، والأذرع الخفية الداعمة للإرهاب والعديد من المفاجآت الأخرى. فكان لنا الحوار التالي.
الوقت: ما هي آخر المستجدات في إدلب ومن هي الأطراف المتنازعة في الشمال السوري وإلى أين تتجه الأحداث؟
الدكتورة هالة أسعد أمين عام جامعة الأمة العربية: الوضع في الشمال السوري أو ما يسمى شرق الفرات وضع خطير جداً ومعقّد ومتداخل بشكل يصعب تفكيكه، حيث إنّ الأمر يخضع لحسابات دولية على الأرض السورية، استكمالاً لحرب لم يعرف مثلها في التاريخ الإنساني ولا على الجغرافيا البشرية بالمطلق.
ونستند على ذلك من جهة وجود كثيف للجيش العربي السوري مدعوماً بالحلفاء والأصدقاء، كل بحسب ما اتُّفق عليه فيما بينهم وربما الوضع الميداني لا يسمح بذكر تفاصيل دقيقة بهذا الشأن وفي هذا التوقيت بالذات.
يمكننا القول أنّ قوات الجيش العربي السوري المدافعة عن البلاد جاءت هذه المرة بقيادة اللواء ماهر الأسد وهذا من النوادر أن يتم الإعلان عنه بصراحة، هذا بالإضافة لوجود قوات النمر وقوات ثانية تحت عباءة الحيش العربي السوري والحاضرين لأي معركة كبرى ممكن أن تكون والله ناصرهم.
ومن جهة ثانية قامت تركيا المعتدية على الأراضي والسيادة السورية باتباع عدة طرق لممارسة عدوانها؛ الطريق المباشر: وهو إدخال قوات الجيش التركي بشكل مباشر، وهو الذي دخل إدلب بسلاحه الثقيل والمتوسط والذي يتم إرسال تعزيزات له تباعاً وهذا موثّق ومثبت، كما يعتبر ذلك حسب القوانين والأعراف الدولية عدواناً، ويحاسب عليه المعتدي، ولكن وبما أننا في شريعة الغاب فليس أمامنا إلّا الدفاع المقدس عن أراضينا ووطننا.
وتتصف القوات التركية الموجودة في سوريا بشكل غير شرعي وغير قانوني أنّها من قوات النخبة بالجيش التركي والذي يعتبر من الجيوش العالمية القوية والمتقدمة.
وأضافت الأسعد: من جهة ثانية هناك وجود مكثف لقوات قسد الأمريكية المسيطرة على مساحة لا يستهان بها، ومعها السلاح الأمريكي وقوات لا يستهان بها من النخب البريطانية والفرنسية، والأخطر من ذلك أنّ هناك تعاون إسرائيلي مع قسد ومع قوات التحالف الغربي وتعاون أمريكي إسرائيلي في تفاصيل المعركة أيضاً.
فهل تلاحظون حجم العدوان ودقة المرحلة التي تمرّ بها البلاد؟! أمّا بالنسبة لروسيا: فهي تعمل بعدة مسارات؛ تجهّز الموضوع العسكري، وخصوصاً سلاح الجو وبنفس الوقت تتفاوض مع الجميع حسب المصالح السياسية التي تدرسها بعناية .
الوقت: ما هي آخر تطورات تنظيم جبهة النصرة وما هي الأطراف الداعمة له حتى الآن؟
الدكتورة هالة أسعد: الجماعات الإرهابية المسلحة كجبهة النصرة وما يسمى بفيلق الشام وأسماء كثيرة لهذه الجماعات، تعدّ الذراع العسكري للإرهاب وهي مدعومة مالياً من الدول الخليجية العميلة المطبعة مع الإسرائيلي؛ ودون استثناء، والتي تدفع بسخاء لتجنيد كل شذاذ الآفاق وزعران المنطقة والإرهاب القادم من الشرق والغرب، وبالطبع فإن جبهة النصرة تسيطر هي وأخواتها على مناطق مهمة ومساحات ليست بالقليلة، وهم مدربون تدريباً عسكرياً عالي المستوى إضافة إلى نقطة مهمة، ألا وهي أنّ الإرهاب من حيث التفصيل مع تدريباته يقبع تحت راية جهات خارجية، ومنها القاعدة وأمريكا وإسرائيل وتركيا، وبعض الدول الأوربية فإنهم مجموعة مجرمين يتعاطون المخدرات والمنشطات حيث يتعاطون ليحصلوا على قوة بدنية عالية ولينعدم عندهم الإحساس بالألم وعدم التفكير بالقادم، يعني أننا نقاتل روبوتات حقيقية.
الوقت: ما هي دلالات نصيحة "روبرت فورد " التي قدّمها للتنظيمات والجماعات الإرهابية في إدلب (بألّا ينتظروا شيئًا من واشنطن فهي لن تخوض حرباً عالمية ثالثة من أجلهم) فيما يعتبر هو من أشد الداعمين والمحاربين في صفوف الجماعات والتنظيمات الإرهابية؟ ولماذا أعطى هذه النصيحة بهذا التوقيت بالذات؟
الدكتورة هالة أسعد أمين عام جامعة الأمة العربية: نلاحظ أنّ فورد قد نصحهم علانية بهذا الأمر وبالأخص أنّ أمريكا لن تخوض حرباً ثالثة ولكن ذلك ما نسميه بالحرب الشرسة التي دخلت فيها أمريكا بعنف بالوكالة وبالأصالة، فكانت التنظيمات الإرهابية هي جزء من هذه الوكالة في هذه الحرب.
فقد أعطى هذه النصيحة بالذات حتى تشتد المعركة ويصبح الإرهابي أكثر شراسة وشدة على القتال لأنه يعتبرها معركة موت أو حياة ولم يعد أمامه إلّا الشراسة في القتال.
ومن ناحية أخرى إنّ الأمريكي في الواقع والحقيقة لن يدمّر اقتصاده ويشتت قواه ويدخل في حرب مباشرة مع سوريا وحلفائها والتي يمكن أن تكون الشرارة التي تؤدي لحرب عالمية حقيقية من أجل بعضٍ من مرتزقتها.
وهذا حقيقة ما عهدناه عن هذه الدولة الاستكبارية، وبإذن الله رغم كل ذلك فإنّ إيمان الشعب السوري عامة بالله الحق وبأنّنا أصحاب حق سيجعلنا ندافع عن أرضنا وعرضنا، وبذلك لدينا يقين بأننا المنتصرون فإنّ الإرهاب أمامه الموت والسحق على أيدي رجال الله، أو الهروب إلى أوربا أو الداخل التركي وهو ما سيمانعونه أنفسهم.
وأما التسوية فهي ليست مقبولة من الناحية الشعبية بالمطلق، لأن ذلك سيؤسس لخلايا نائمة ستنشط بأي لحظة لتكون كقنابل موقوتة.
الوقت: هناك أحاديث وأخبار حول استثناء وحذف تنظيم جبهة النصرة من لائحة الإرهاب والعمل على دعم هذا التنظيم لتمكينه من السيطرة الدائمة على المناطق التي احتلها، بل تقديم الدعم اللوجستي له باعتباره مجموعات معارضة شرعية، ما هو تعليقكم على هذا الموضوع وما هي المصالح المرجوّة من هذا الأمر، وكيف سيُترجم موقف الدولة السورية وحلفائها في حال تحققت هذه المؤامرة؟
الدكتورة هالة أسعد: للرد على هذا السؤال لا بدّ من توصيف الإرهاب أولاً، فهناك من يسوّق أنّه لا تعريف له بالقانون الدولي، حتى يكون هناك مساحة لتمييع الإرهاب واستخدامه كما يشاء العدوان وتريد أمريكا.
فأود القول والتأكيد هنا؛ أنّه وفقاً للقانون لا يوجد شيء اسمه معارضة مسلحة، فهناك تناقض واضح بالمسميات، فالمعارضة عندما تكون موجودة في أي دولة في العالم تعتبر حالة إيجابية وتعمل على تقويم أداء السلطة في البلاد، ولكن متى ما حملت هذه المعارضة السلاح، حملاً دون استخدامه وإنما للتهديد به لتغيير مجرى سياسي أو ديني أو مذهبي أو إداري أصبح اسمه تمرداً. وهذا التمرد يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي الإنساني.
أمّا إذا استخدم هذا السلاح ولو استخداماً بسيطاً وذلك لتحقيق أي هدف، سياسي كان أو ديني أو مذهبي أو... فيسمّى حينها إرهاباً. ويعتبر انتهاكاً للقانون الدولي والإنساني وجريمة حرب أيضاً.
كما يعتبر داعموه بالمال أو السلاح أو الاعلام بكل توجهاته وتفاصيله شركاء في الإرهاب، ويحاسبون وفقاً للقانون الدولي عدا عن القانون الداخلي للبلاد، ولكننا للأسف قصيروا حربة في استخدام القوانين للدفاع عن حقوقنا والدفاع عن وطننا، وجلّ ما يقوم به البعض هو ترك البلاد تدمّر لیولولوا فقط دون معرفة السبل واتخاذها لمحاسبة الإرهابي والممول والمشارك.
تابعت هالة الأسعد: وكما تحدثنا في مستهل اللقاء عن جبهة النصرة الإرهابية وهيئة تحرير الشام وهي الواجهة للنصرة بعد فترة من إعلانها كمنظمة إرهابية و"هذه معلومات وليست تحليلاً"، فإنّ هناك اتفاق تركي أمريكي حول هذا الأمر وذلك بعد الانتصارات التي حققها الجيش السوري والحلفاء وبعد تحرير أجزاء كبيرة من الوطن السوري وذلك لإدخاله ضمن التفاهمات السياسية التي ستحصل برعاية أممية.
وقد عمدت أمريكا وتركيا معاً إلى إعادة تأهيل جزء من الجبهة العسكرية لأخذ منحى سياسي، ليكون ضمن السلّة المزمع وضعها ضمن التفاهم مع الدولة والشعب السوري لتكون ربما أحد المكونات بأسماء جديدة وبرّاقة.
وبذلك تدخل جبهة النصرة المتعمّد إدخالها أمريكياً ضمن التشكيلات الجديدة لتكون أداة مباشرة ومدعومة مالياً وعسكرياً وبذلك تشارك بالسيطرة على القرار السوري في الوطن السوري. بالإضافة إلى أنّ دخولها لن يقتصر على كونها أداة إرهابية يتم تحريكها متى شاءت، بل إنّ القرار هنا سيكون إسرائيلياً، فعلاقة النصرة مع الكيان الصهيوني لها تاريخ عميق، وهنا بيت القصيد. والدليل على إقحام إسرائيل نفسها في الشأن السوري، هو وجود أسلحة إسرائيلية كانت تستخدمها جبهة النصرة في قتالها مع الجيش الوطني وحلفائه وفتح مشافيها للإرهابيين وغيرها من الأمور، وبذلك ترسم إسرائيل لعلاقات جديدة في الساحة السورية، ليس فقط بعلاقتها بالإرهاب في جنوب البلاد ووسطها بل بعلاقتها مع قسد وأخواتها وهناك اتفاقات حول تقاسم النفط السوري أيضاً.
وها هو اليوم الإرهابي "الجولاني" يعلن أن "هيئة تحرير الشام" لن تنسحب من المنطقة العازلة في شمال غرب سوريا.
وقال " لن ننسحب 20 كم ولن نسلم المناطق، وإن لم ينسحب النظام من المناطق التي سيطر عليها مؤخراً سنستردها عسكرياً".
وهذا ما يؤكد معلوماتنا وتحليلنا، لكن الدولة السورية لن تسمح بتمرير موضوع خطير كهذا مهما كلف الأمر من شهداء أو دمار وهذا ما حصل في السنين الثماني السابقة، ونحن لن نتنازل عن حقنا وعزتنا وكرامتنا وسيادتنا وحلفاؤنا وأخوة الدم الذين دفعوا الدماء للدفاع عن النهج المقاوم وعزة البلاد وسيادتها لن يتهاونوا في الرد على المعتدي، ومعركتنا الكبرى هي في تحرير القدس وفلسطين بإذن الله.
الوقت: وختمت اللقاء الدكتورة هالة أسعد أمين عام جامعة الأمة العربية قائلة: ومن خلالكم أتوجه بالشكر والتقدير لحزب الله ولإيران فهم أخوة الدم، كما أثمّن الدعم الروسي والصيني حتى لو كان في سبيل ارتقاء مكانتها، ولكن تقاطع المصالح يقتضي الشكر. والتحية لمن لا نوفيهم حقهم وهم الشهداء والجرحى الذين دفعوا ما لا يمكن أن يقدّر بثمن، ولأهلهم ولذويهم كل التقدير والاحترام. ولقادتنا الأشاوس أقول إنكم السادة وأنتم القادة الذين منّ الله علينا بكم، وأنتم في عرين الأسود أسود، لتقولوا هيهات منّا الهزيمة وهيهات منا الذلة وإنّا لمنتصرون.
إعداد: د.عبد السلام علي تقي