الوقت- كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية يوم أمس الخميس في تقرير لها أن مسؤولين أمريكيين قالوا إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسحب آلاف الجنود من أفغانستان في مقابل تنازلات من حركة طالبان، بما في ذلك وقف إطلاق النار والتخلي عن تنظيم القاعدة، كجزء من صفقة مبدئية لإنهاء الحرب المستمرة منذ ما يقرب من 18 عاماً.
وأضاف المسؤولون إن الاتفاق، الذي يتطلب من "طالبان" البدء في التفاوض على اتفاق سلام أكبر مباشرة مع الحكومة الأفغانية، يمكن أن يخفض عدد القوات الأميركية هناك من حوالى 14000 إلى 8000 أو 9000 عسكري. وسيكون هذا الرقم هو نفسه تقريباً عندما تولى الرئيس ترامب منصبه.
وبحسب المصادر فقد تبلورت الخطة بعد أشهر من المفاوضات بين "طالبان" وزلماي خليل زاد، الدبلوماسي الأميركي المولود في أفغانستان والذي عينته إدارة ترامب العام الماضي لبدء محادثات.
وتابعت المصادر إنه يمكن الانتهاء من التوصل إلى اتفاق قبل الانتخابات الرئاسية الأفغانية في أيلول/سبتمبر المقبل، رغم أنهم حذروا من أن قادة "طالبان" قد يتأخرون وأن هناك تحديات كبيرة لا تزال قائمة.
وكشفت أنه من المحتمل أن ينظر إلى هذا الاقتراح بشكل متشكك من قبل بعض المسؤولين الأمريكيين والأفغان الذين يشككون في نزاهة "طالبان" ويتساءلون كيف يمكن لأمريكا أن تتحقق من التزام قادة "طالبان". ولكن إذا تمت الموافقة عليه، فسيكون ذلك أحد أهم الخطوات نحو إنهاء الحرب، وهو هدف يحظى بدعم الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشكل متزايد.
وفي السياق كشف أحد المسؤولين، الذي تحدث مثل الآخرين، شريطة عدم الكشف عن هويته، معلومات حول الصفقة المحتملة: "أود أن أقول إننا قطعنا ما بين 80 إلى 90 في المئة من الطريق. "ولكن لا يزال هناك طريق طويل لتحقيق آخر 10 أو 20 في المئة."
ورفض زابي الله مجاهد، المتحدث باسم طالبان، التعليق على احتمال التوصل إلى اتفاق مبدئي. في مقابلة هاتفية قصيرة الخميس، وقال إنه لا يعرف متى ستستأنف المحادثات. وقال "نحن متفائلون. تبدو الأمور واعدة بأنه سيكون هناك تقدم كبير. نأمل ألا تكون هناك أي عقبة، لكن ذلك يعتمد أيضاً على جدية الأميركيين".
وقال خليل زاد في تغريدة يوم الأربعاء إنه يعتزم استئناف جولته القادمة من المحادثات مع طالبان في قطر قريباً وإنه إذا قامت المجموعة بدورها، فسيتم الانتهاء من الاتفاق.
قال مسؤولون أميركيون انه سيتم التفاوض حول تخفيضات إضافية للقوات الأمريكية كجزء من المناقشات المتعلقة بحركة طالبان والحكومة الأفغانية.
وقال إثنان من مسؤولي الدفاع، إن القائد الأعلى للقوات الأمريكية في أفغانستان الجنرال أوستن سكوت ميلر منفتح على الاقتراح لأنه يعتقد أنه سيحمي مصالح أمريكا من خلال الحفاظ على قوة مكافحة الإرهاب التي يمكن أن تضرب تنظيمي "داعش" و"القاعدة". وكان ميلر، الذي تولى القيادة في كابول في أيلول/سبتمبر الماضي، قد صرح سابقاً أن المفاوضات السياسية هي مفتاح إنهاء الحرب.
وقال ميلر في مقابلة مع شبكة ABC الإخبارية الأمريكية في شباط/فبراير الماضي: "لن يفوز أي من الطرفين عسكرياً، وإذا لم يفز أي من الطرفين عسكرياً عليك التحرك.. نحو تسوية سياسية هنا".
ورفض متحدث باسم ميلر، العقيد في الجيش سوني ليجيت، التعليق.
وأقر المسؤولون الأمريكيون بوجود مخاوف مشروعة من أن "طالبان" قد لا تنفصل عن تنظيم القاعدة، كما طالبت واشنطن، أو من أن تصطف الحركة إلى جانب "داعش". ومع ذلك، قد يكون المسؤولون راضين عن الانسحاب الجزئي للقوات الذي يفتح الباب لمفاوضات إضافية ويبقي مهمة مكافحة الإرهاب حية لأن الوضع الراهن يصبح غير ممكن من الناحية السياسية.
وقد رفضت "طالبان" التحدث مع الحكومة الأفغانية، التي تسميها نظام الدمى، حتى تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة بشأن قواتها.
وقال متحدث باسم البنتاغون، الكومندور شون روبرتسون، إن وزارة الدفاع لم تصدر أوامر بسحب قواتها من أفغانستان - وهي نقطة أكد عليها مسؤولون آخرون وصفوا الصفقة بالمحتملة. ورفض روبرتسون مناقشة ما يمكن أن يشمله الانسحاب الجزئي للقوات، قائلاً إن الوزارة لا تعلق على التخطيط العسكري.
وقال روبرتسون: "استراتيجيتنا في أفغانستان قائمة على الظروف. ستبقى قواتنا في أفغانستان عند مستويات مناسبة طالما كان وجودهم مطلوباً لحماية المصالح الأمريكية."
وقال مسؤولون في الحكومة الأفغانية، شريطة عدم الكشف عن هويتهم بسبب حساسية المناقشات، إنهم يتوقعون أن تشمل الصفقة الأمريكية الأولية مع "طالبان" بعض التخفيضات في القوات الأمريكية لكنهم لا يعرفون الأرقام أو الجدول الزمني المقترح.
وقال المسؤولون إنهم سعداء لسماع أن الاقتراح الأمريكي سيتطلب من "طالبان" مقابلتهم. لكن البعض أعرب عن مخاوفه من أن الانسحاب الجزئي من شأنه أن يشجع حركة طالبان.
وقال مسؤول أفغاني: "الأمريكيون يطلقون على ذلك مفاوضات سلام، لكن طالبان تعتبرها بالتأكيد مفاوضات انسحاب".
ورفض مسؤول في وزارة الخارجية هذا الرأي، قائلاً إن أمريكا تسعى إلى "السلام" وليس "الانسحاب".