الوقت- عُرف الجيش السوري في العالم العربي بأنه القوة التي شهدت أطول فترة من الصراع مع جيش الكيان الصهيوني خلال العقود الماضية.
وقبل بدء الاضطرابات الداخلية السورية في عام 2011، أطلق على هذا الجيش اسم أكبر قوة مدرّعة في المنطقة وسادس أكبر الجيوش المدرعة في العالم وتشير بعض التقارير التي سلّطت الضوء على القدرة القتالية للجيش السوري في عام 2008، أنه كان لدى الجيش السوري حوالي 5000 دبابة قتالية وأكثر من 4500 ناقلة جنود مدرّعة.
وفي بداية الأزمة السورية عام 2011، تم تشغيل ما يقرب من نصف قوات الجيش السوري، وما تبقّى بقي في وضع الاحتياطي. وفي سياق متصل، كشفت العديد من المصادر الإخبارية بأنه بعد اشتباكات 1982 التي وقعت في وادي البقاع بين القوات السورية والكيان الصهيوني، عجز الجيش السوري عن التعامل بنجاح مع العدو، ولهذا فلقد قرر القادة السوريون تغيير استراتيجية القتال مع العدو الصهيوني ولقد أدّى الأداء المحبط للقوات الجوية السورية وجزء من قواتها البرية في معاركها ضد الجيش الصهيوني إلى تغيير كل الاستراتيجيات الحربية وذلك من أجل الانتصار خلال النزاعات المستقبلية المحتملة مع هذا الكيان الغاصب، ولهذا فلقد وضع السوريون العديد من الاستراتيجيات لتحسين أداء سلاح الجو والمنظومات الجوية والصاروخية لتفادي والقضاء على الهجمات الجوية والصاروخية الإسرائيلية.
نظام الدفاع " Buk-M2" التابع للجيش السوري
كيف هو هيكل القوات البرية للجيش السوري؟
حسب ما ورد أعلاه، كانت القوة البرية للجيش السوري تتألف من ثلاثة جيوش منفصلة، وكان لكل جيش حوالي 50000 من الأفراد في شكل ثلاثة أو أربعة فرق منفصلة، تتكون هي بدورها من ألوية مستقلة ومدرّعة وآلية.
كيف كان تأثير الحرب الأهلية في سوريا على أكبر جيش مدرّع في الشرق الأوسط؟
بعد معاهدة "كامب ديفيد" للسلام وانسحاب مصر من النزاعات مع كيان الاحتلال الإسرائيلي، وضعف الدول العربية الأخرى في المنطقة وتخاذلها مع القضية الفلسطينية، كان الجيش السوري هو الجيش العربي الوحيد الذي وقف شامخاً وصامداً في مواجهة هذا الكيان الغاصب في المنطقة.
لقد كان قرب هذا البلد من محور المقاومة الداعم للشعب الفلسطيني، كافياً لإجبار القوى المتعجرفة وبعض الدول الرجعية للبدء في تصميم خططها لضرب الدفاعات والأنظمة الجوية والصاروخية لهذا البلد.
ومع ارتفاع حدّة الاشتباكات والاضطرابات داخل معظم الدولة السورية منذ بداية عام 2012، عانت القوات البرية السورية، وخاصة القوات المدرعة، من أشد الأضرار ونقص في عدد الأفراد والمعدات، وبحلول نهاية عام 2012، ووفقاً لتقديرات المخابرات التركية، فلقد فرّ أكثر من 60 ألف عسكري سوري من سوريا أو انضموا إلى المعارضة.
وفي عام 2013 وبعد عامين من بدء الاضطرابات الداخلية، كان الجيش السوري على وشك أن يفقد نصف قواته العسكرية، بالإضافة إلى هرب أو انشقاق الكثير من أفراد الجيش.
ولقد لعبت الاستراتيجيات المضللة والمتكررة دوراً في فشل هذه القوات في بداية المعارك مع الإرهابيين.
لحظة رفع العلم السوري من قبل الحرس الرئاسي وسط مدينة حمص 2014
إعادة بناء الجيش السوري بمساعدة إيران وروسيا
بعد وصول الروس رسمياً إلى ساحة المعركة في سوريا في سبتمبر 2015، كان المستشارون الإيرانيون يعملون على الساحة السورية من أجل إعادة بناء الجيش السوري وخلال تلك الفترة قام سلاح الجو الروسي بإيصال الكثير من المعدّات المدفعية الجديدة، مثل قاذفات صواريخ Smerch و Tos1A ودبابات T90 وT62M إلى الجيش السوري، وقاموا أيضاً بتدريب معظم القوات الشعبية وبعض أعضاء مجموعات المعارضة السابقة الذين قرّروا العودة إلى الجيش السوري وقاموا بإعادة الحياة للفيلق الرابع والخامس التابعين للجيش السوري. ولقد تسبّب الوجود الواسع للقوات الإيرانية وجماعات المقاومة المختلفة في ساحة المعركة في إزالة الضغط عن وحدات الجيش السوري وإعطاء هذه القوات الوقت الكافي لإعادة بناء نفسها.
قاذفة الصواريخ "smerch" التابعة للجيش السوري
الهيكل الحالي للقوات البرية التابعة للجيش السوري بعد إعادة هيكلته
يعتمد الرسم البياني للهيكل العام للجيش السوري على القوات الرئيسة الخمس والألوية المستقلة
الفيلق الأول: يضم الفيلق أربعة أقسام: الفرقة الهندسية 5 و 7، الفرقة 9 المدرعة، والفرقة 15 الخاصة بالقوات الخاصة.
الفيلق الثاني: يتكون من ثلاثة أقسام: الفرقة المدرعة الأولى، الفرقة الميكانيكية، الفرقة 14 التابعة للقوات الخاصة.
يتكون الفيلق الثالث من خمسة أقسام: الفرقة المدرعة 3، الفرقة الهندسية 8، الفرقة المدرعة 11، الفرقة المدرعة 17 (أفرقة الاحتياط)، الفرقة الهندسية 18.
الفيلق الرابع: تمّ تشكيل هذا الفيلق في أكتوبر من عام 2015، بعد شهر واحد من وصول القوات الروسية إلى ساحة المعركة، ويتكوّن هذا الفيلق من 6 ألوية مستقلة من القوات التطوعية وما يسمى بـ"الدفاع الوطني".
الفيلق الخامس: تم تشكيل الفيلق في نوفمبر 2016 من قبل الروس برئاسة الجنرال "فاليري أسابوف"، قائد الجيش الروسي، الذي قتل في 23 سبتمبر 2017 في مدينة "دير الزور" السورية.
القوات المستقلة: تشمل القوات البرية التابعة للجيش السوري، بالإضافة إلى الجيوش الخمسة، المجزّأة لـ6 أفواج منفصلة والحرس الرئاسي والقوات المدرعة الرابعة.
المخطط التنظيمي للقوات السورية المستقلة
النتيجة
أصبح الجيش السوري بعد ثماني سنوات من الحرب القاسية، جيشاً قوياً يمتلك الكثير من التجارب على الساحة الحربية وعلى الرغم من أن عدد الأفراد والمعدات العسكرية التابعة لهذا الجيش أقل مما كانت عليه قبل الحرب الأهلية، إلا أن التنظيم والتدريب الجديدين اللذين قدمهما المستشارون الروس والإيرانيون، فضلاً عن اقتناء معدات عسكرية حديثة ومتطورة، جعل من هذا الجيش قوة لا يُستهان بها في منطقة الشرق الاوسط، وهذا الأمر زاد من قلق القادة الإسرائيليين.