الوقت- حتى اللحظة لا تزال تتحدث أغلب وسائل الإعلام في العالم عن موضوع "خروج أو إخراج إيران من سوريا"، وبعد أن نجحت إيران بمساعدة سوريا في القضاء على الإرهاب، وأعادت بالتعاون مع القوات السورية أغلب المناطق الخارجة عن سيطرة الدولة إلى أبناء الأرض، وجد الغرب أنه من المستحيل إحداث فتنة بين الحكومة السورية، وإيران، وإحداث طلاق بينهما، لذلك بدأت توجّه أنظار الغرب نحو روسيا لدفعها لإخراج إيران من سوريا إلا أن موسكو رفضت وترفض ذلك بشدة منذ عدة سنوات وحتى كتابة هذه السطور.
الموقف الروسي
انتشرت أخبار مؤخراً عن عقد مؤتمر خلال هذا الشهر من شأنه عقد صفقة ثلاثية تقوم من خلالها روسيا بـ "الحدّ من نفوذ إيران" مقابل الاعتراف بشرعية الحكومة السورية من قبل أمريكا و"إسرائيل"، وستحصل روسيا على ميزات من واشنطن فيما يخصّ رفع العقوبات الاقتصادية عنها.
وحول هذا الموضوع قالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الأنباء التي نشرتها وسائل إعلام بشأن عرض أمريكي إسرائيلي يتضمّن اعتراف واشنطن، وتل أبيب بشرعية رئيس الدولة السورية بشار الأسد مقابل إخراج موسكو للقوات الإيرانية من سوريا، "مضحكة وغير جدية".
وخلال الشهر الماضي أعلن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أنه من غير الواقعي انتظار خروج الإيرانيين من سوريا تحت ضغط واشنطن على طهران.
وفي ختام محادثات أجراها مع نظيره الإيراني، محمد جواد ظريف، في موسكو، قال لافروف: "نسمع من أمريكا تصريحات منتظمة عن ضرورة القضاء على أي نفوذ إيراني، سواء في سوريا أم في المنطقة بأسرها، ومن الواضح للجميع أن ذلك (المطلب) ليس واقعياً، ولا فرص له أن يعدّ سياسة جدية".
مشيراً إلى أن إيران تلقّت دعوة من الحكومة الشرعية السورية، وأن موسكو وطهران تساعدان دمشق في مواجهة الإرهاب.
وقبل عام من الآن اعتبر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أن بلاده ليست مسؤولة عن إخراج القوات الإيرانية من سوريا، ردّاً على المطالبات الأمريكية والإسرائيلية.
وأضاف الرئيس الروسي: "على من يطالب بإخراج إيران من سوريا أن يقوم أولاً بتقديم الضمانات وخلق الظروف المواتية ووقف تمويل الإرهاب".
إذن الموقف الروسي واضح بهذا الخصوص وغير قابل للنقاش ولروسيا أسبابها التالية لعدم التدخل بهذا الموضوع:
أولاً: العلاقة بين إيران وروسيا علاقة استراتيجية في الوقت الراهن، وهناك مصالح مشتركة بين البلدين لا يمكن لأي طرف المساس بها، وتجمع الدولتين نقاط مشتركة فيما يخص العلاقة مع الغرب وأمريكا، حيث تسعى هذه الدول إلى تحجيم نفوذ إيران وروسيا في العالم، وعلى هذا الأساس تعمل واشنطن على فرض عقوبات على الدولتين في محاولة لإضعافهما، إلا أن تحالف هاتين الدولتين مع دول أخرى مثل الصين والهند وغيرها من الدول خفّف من حدّة هذه العقوبات، وكل محاولات الغرب وأمريكا باءت بالفشل في إضعاف هذا التحالف.
ثانياً: إيران موجودة في سوريا بطريقة شرعية وبناءً على طلب الحكومة السورية والأخيرة فقط من تقرر إذا كانت تريد إخراج إيران من سوريا أم لا، وقد قال المسؤولون الإيرانيون مراراً إن إيران مستعدّة للخروج من سوريا في حال طلبت منها الحكومة السورية ذلك.
سوريا في الوقت الحالي لا تزال بحاجة لإيران لإكمال مشروع محاربة الإرهاب والقضاء على الجماعات الإرهابية المسلّحة التي تقاتل القوات الحكومية اليوم في إدلب وغيرها من المناطق، بالإضافة إلى أن العلاقة بين إيران وسوريا عميقة واستراتيجية ولا يمكن العبث بها من قبل أي طرف، وما يؤكد هذا أن إيران كانت السبّاقة من بين جميع الدول لمساعدة سوريا.
ثالثاً: روسيا وإيران تقاتلان على نفس الجبهة في سوريا، صحيح أن لديهما مصالح مختلفة في سوريا ربما، إلا أن نقاط الاشتراك بينهما أكثر من نقاط الاختلاف، وتعمل الدولتان على دحر الإرهاب من سوريا، وتساعدان سوريا على إعادة الأمن والأمان لشعبها، وتعتبر إيران بالنسبة لروسيا ورقة رابحة، وتستطيع من خلالها الضغط على "إسرائيل" و"أمريكا" وحتى "الغرب" وبالتالي لا يمكن أن نتصوّر أن موسكو ستستعى لإخراج إيران من سوريا.
رابعاً: في حال أرادت روسيا إخراج الإيرانيين من سوريا هل تستطيع ذلك؟، أو بالأحرى هل لديها الحق للقيام بذلك؟، روسيا ليست وصية على سوريا يبقى بالنهاية لسوريا قرارها المستقل الذي تدافع روسيا بنفسها عنه، ولا تقبل المساس به، لذلك نستبعد أن تتدخل موسكو بهذا الموضوع، وتفرض رأياً معيّناً على الحكومة السورية، وحتى لو فرضته فإن الأخيرة لن تقبل ذلك.
في الختام.. كل خطط الغرب في سوريا باءت بالفشل ولم يعد مهتماً بما يجري فيها، وعلّلت السبب المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية "ماريا زاخاروفا" على هامش منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي، بالقول "لأن الدول الغربية لم تتمكن من تحقيق السيناريو الذي أعدّته لسوريا، فخططهم للإطاحة بالرئيس السوري "بشار الأسد" باءت بالفشل، وتصريحاتهم حول ضرورة مغادرة الأسد منصبه كانت دون جدوى".
وأضافت: "(أما) الآن في وقت لم يهزم بعد الإرهاب في سوريا بالكامل، على الأقل تم إيقافه، وظهرت لدى سكان هذا البلد إمكانية حقيقية لبناء مستقبل جديد وحياة آمنة جديدة، فإن الدول الغربية ببساطة فقدت كل الاهتمام بسوريا".