الوقت- بعد ما يقرب 5 سنوات من انتشار شائعات مقتله في إحدى الغارات الروسية بمدينة الرقة السورية، ظهر "أبو بكر البغدادي" زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي، يوم أمس الاثنين في أول تسجيل مصوّر له منذ سنة 2014، نشرته مؤسسة "الفرقان" التابعة لهذا التنظيم الإرهابي في موقعها على موقع التواصل الاجتماعي "تلغرام"، ويظهر "البغدادي" في الفيديو، بلحية طويلة بيضاء، واضعاً منديلاً أسود على رأسه، ويفترش الأرض إلى جانب آخرين أخفيت وجوههم.
وحول هذا السياق، علقت الخارجية الأمريكية على ظهور زعيم تنظيم "داعش" الإرهابي في مقطع فيديو، حيث قال متحدث باسم الخارجية: "اطلعنا على التسجيل الذي نشر اليوم للبغدادي وسيقوم محللونا المختصون بمراجعة هذا التسجيل وسنعود إلى عناصر الاستخبارات للتأكد من صحته".
ولكي يؤكد بأن هذا الفيديو تم تسجيله حديثاً، تحدث "البغدادي" عن أحداث الجزائر والسودان وأشاد بالعمليات الإرهابية التي نفّذها أتباع التنظيم في 8 دول وبلغ عددها 92 عملية، ووصفها بأنها جاءت ثأراً لإخوانهم في الشام، بعدما هزموا في سوريا والعراق واعتبر "البغدادي" أن معركة التنظيم التي يشنّها أعضاؤه اليوم هي معركة استنزاف وطويلة للعدو.
وفي تسجيل صوتي لاحق بالفيديو، أشاد البغدادي أيضاً بالهجمات التي استهدفت كنائس وفنادق في سريلانكا الأسبوع الماضي، بالتزامن مع عيد الفصح، وراح ضحيتها ما يزيد عن 250 قتيلاً ونحو 500 جريح، لافتاً أن من ضمنهم أمريكيون وأوروبيون ووصف تلك الهجمات بأنها جاءت ثأراً لضحايا منطقة الباغوز بريف دير الزور وتوعّد بما وصفهم بـ"الصليبيين" بمزيد من الثأر والقتل ورحّب أيضاً بما اعتبرها بيعة الموحدين في سريلانكا للتنظيم وأشار البغدادي أيضاً إلى العملية التي نفّذها أتباع التنظيم في السعودية قبل عدة أيام استهدف بها مقراً للشرطة قرب الرياض، وقال "البغدادي" بأن هذه العملية جاءت انتقاماً للمسلمين المسجونين في السعودية وسوريا والعراق.
الحرب من أجل الانتقام للهزائم
في هذا الفيديو، زعم "البغدادي" أن قوات داعش مشغولة بـ "حرب استنزاف"، من أجل الانتقام لزملائهم الذين يُقتلون في العراق وسوريا ودعا المسلحين في غرب إفريقيا إلى مضاعفة هجماتهم ضد الحملة الصليبية الفرنسية وحلفائها.
ولفت زعيم داعش إلى أن اتباعه يواصلون "الانتقام" من أعدائهم وأن معركتهم مع الغرب ستكون طويلة الأمد وفي هذا الفيديو، يبدو أن البغدادي كان منزعجاً كثيراً من الهزائم المتكررة التي مُني بها أتباعه في سوريا والعراق ومن هروب عدد كبير من مقاتلي هذا التنظيم الإرهابي، ولهذا فلقد دعا المؤيدين له بأنه يجب عليهم مواصلة القتال، حيث قال: " إن الله قد وعدنا بالجهاد وليس بالنصر".
لقد سعى البغدادي من تصريحاته هذه إلى منع انشقاق المزيد من أعضاء هذا التنظيم الإرهابي ورأب الصدع الذي حدث بين أعضاء التنظيم نتيجة للهزائم التي مُنيوا بها في العديد من جبهات القتال وخاصة في معركة الباغوز.
وفي سياق متصل، أفادت العديد من المصادر الإخبارية، بأنه مع تضييق الخناق على تنظيم داعش الإرهابي في آخر معاقله في بلدة الباغوز بمدينة هجين في محافظة دير الزور السورية، تعرّض زعيم هذا التنظيم لمحاولة انقلاب داخلية وعلى خلفية هذه الأحداث، انتقل "البغدادي" إلى الباغوز وهرب منها إلى مناطق صحراوية وأوضحت تلك المصادر الإخبارية أن المتطرف المنحدر من الجزائر المدعو "أبو معاذ الجزائري"، وهو يعدّ من المقاتلين القدامى داخل التنظيم، كان العقل المدبّر لمحاولة الانقلاب ضد "البغدادي".
إعادة الحياة لداعش بما يتماشى مع المصالح الأمريكية
إن تصريحات أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي سوف تزيد من احتمال وقوع هجمات إرهابية في أجزاء مختلفة من العالم خلال الأيام القادمة، وعلى الرغم من الهزيمة الكبيرة التي مُني بها هذا التنظيم الإرهابي في العراق وإعلانه الخلافة في سوريا، إلا أن عناصر من داعش لا تزال تنفّذ هجمات في جميع أنحاء العالم.
وهنا تتطرق إلى أذهاننا العديد من الأسئلة المتمثّلة حول كيف تمكّن "البغدادي" من البقاء على قيد الحياة على الرغم من قيام قوات التحالف بشنّ الكثير من الضربات الجوية على المدن التي كان يتمركز فيها أعضاء تنظيم داعش الإرهابي في سوريا؟ وكيف تمكن "البغدادي" من الاختفاء في المناطق التي تسيطر عليها القوات الأمريكية المجهّزة بأحدث أجهزة الاستخبارات والأقمار الصناعية وبرامج التجسس؟
وحول هذا السياق، تحدّث الروس في وقت سابق في تقارير مختلفة عن تحركات مشبوهة لطائرات الهليكوبتر الأمريكية خلال العمليات العسكرية التي شنتها قوات التحالف ضد تنظيم "داعش" الارهابي.
وفي تلك التقارير كشف الروس بأنهم قلقون من خطط أمريكا لنقل عناصر ينتمون لتنظيم "داعش" الإرهابي إلى جمهوريات آسيا الوسطى والقوقاز، وخاصة أفغانستان وهنا يمكن القول بأن هذا القلق لا يبدو أنه كان تافهاً وذلك لأن "البغدادي" ادّعى في شريط الفيديو أن وضع داعش في خراسان (أفغانستان) قد تحسّن وأن بعض الجماعات أقسمت بالولاء للخلافة الإسلامية، ومن ناحية أخرى كان بحوزته ملفات تتعلق بولايات القوقاز وتركيا وهذه المناطق التي هي بلا شك مناطق مفيدة للصين وإيران وروسيا، فإن جميع هذه البلدان الثلاثة سوف تتأثر بشدة نظراً لانعدام الأمن في تلك المناطق وهذا الشيء هو الشيء الذي تريده واشنطن وهنا يمكن القول بأن هذا التنظيم الإرهابي ما هو إلا دمية في أيدي قادة البيت الأبيض.