الوقت- انطلقت قبل عدة أيام مناورات "إلى بيت المقدس" للطائرات المسيّرة الهجومية القتالية بمنطقة الخليج الفارسي، بمشاركة 50 طائرة من دون طيار من طراز RQ170 النسخة المعدّلة إيرانيا، بجانب طائرات مسيرة قتالية أخرى وحضر هذه المناورات كل من اللواء "غلام على رشيد" قائد مقر خاتم الأنبياء (ص) والعميد "حسين سلامي" نائب القائد العام للحرس الثوري والعميد "أمير علي حاجي زادة" قائد مقر القوة الجو الفضائية، وعدد من القادة العسكريين، وتعدّ هذه المناورات الأولى من نوعها في إيران، من حيث حجم المشاركة المتزامنة للطائرات المسيرة في عملية هجومية قتالية، وبمدى تجاوز 1000 كيلومتر لضرب الأهداف الافتراضية، إذ تمكّنت هذه الطائرات وعلى نحو متزامن من إصابة تلك الأهداف المحددة بدقة وحول هذا السياق، قال اللواء "غلام علي رشيد" قائد مقر خاتم الانبياء (ص) لمركزي: "إن هذه المناورات هي أقوى مناورات للقوة الجو فضائية الإيرانية".
من جهته أعلن العميد "حاجي زادة"، قائد القوة الجو فضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني، يوم الخميس الماضي: إن الحرس الثوري الإيراني يمتلك أضخم أسطول طائرات مسيرة قاصفة هجومية في المنطقة.
وأوضح "زادة": أن التقنيات المتطورة لهذه الطائرات المسيرة تم تصميمها وإنتاجها وتشغيلها بمركز الأبحاث ومنظمة الاكتفاء الذاتي بالقوة الجو فضائية للحرس الثوري.
وأشار "زادة" إلى أنه من ميزات هذه المناورات، إظهار القدرة التصميمية والتخطيط لتحليق متزامن للطائرات المسيرة في بقعة جغرافية صغيرة جداً، ما يعكس بروز قوة جوية جديدة لإيران.
ولفت "زادة" إلى أن القوات والطائرات المشاركة بهذه المناورات، تشمل وحدات الطائرات المسيرة للحرس الثوري في محافظات خوزستان وبوشهر وفارس وهرمزكان، مضيفاً إن الطائرات المشاركة حلّقت من نقاط مختلفة، وتوجّهت بشكل متزامن إلى المنطقة المحددة في جزيرة "بني فارو" وأصابت أهدافها بدقة عالية ودمرتها.
وأكد قائد القوة الجو فضائية مشاركة عدد من الطائرات المشابهة لطراز MQ1 الأمريكية في هذه المناورات، وأن ذلك يشكّل صفعة قوية للاستكبار، وتذكرهم بأن الأموال الطائلة التي تصرف في المنطقة، تحمل في طياتها مثل هذه النتائج.
وحول هذا السياق، أفادت العديد من التقارير الإخبارية بأن إيران أنتجت نموذج عن طائرة (RQ-170) من دون طيار الهجومية الأمريكية المتطورة جداً، ونقلت تلك التقارير أن القوات الجو الفضائية التابعة للحرس الثوري عرضت أحدث طائراتها المسيرة تحت اسم "صاعقة" وهي طائرة قتالية من دون طيار، مشيرة إلى أنها من طراز "سيمرغ" دون طيار وأضافت تلك التقارير أن طائرات "سيمرغ" تعتبر النسخة الإيرانية من طائرات RQ-170 الأمريكية التي استطاعت إيران الاستيلاء على واحدة منها بعد السيطرة عليها وإنزالها في عام 2011 إثر دخولها إلى أجواء البلاد لأغراض تجسسية، وبعد ذلك تمكّن الخبراء والمختصون في قوات الجو فضاء الإيرانية خلال عامين من إنتاجها بطريقة الهندسة العكسية.
تحقق تنبؤات مركز الفكر الأمريكي حول الحرس الثوري
تنبّأ المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية التابع لمؤسسة الفكر الأمريكي العام الماضي في تقرير نشره بأن إيران على وشك الحصول على تكنولوجيا هجوم الطائرات المسيرة وبالطبع، بعد مرور عدة أشهر على هذا التنبؤ، استطاعت قوات تابعة للحرس الثوري شنّ هجمات بطائرات مسيرة على مواقع تابعة لتنظيم داعش الإرهابي في شرق الفرات وتمكّنت من إصابة أهدافها بدقة عالية وبمقارنة مناورات "إلى بيت المقدس 1" مع تلك الهجمات، يمكن القول بأن إيران دخلت مرحلة جديدة في مجال السيطرة والقيادة وأن خبرة وموهبة القوات الإيرانية زادت بشكل كبير، خاصة بعدما شاركت طائرات RQ-170 في هذه المناورة الأخيرة.
لماذا قام الحرس الثوري بهذا الهجوم الجماعي؟
أولاً- وجود عدد كبير من هذه الطائرات المسيّرة، يمكن أن يساعد القادة على الحصول على صورة أكثر دقة ومساحة أكبر من ساحة المعركة وستوفر معلومات مفيدة ليس فقط لغرف عمليات الطائرات من دون طيار، ولكن أيضاً للوحدات البرّية والوحدات البحرية ووحدة الصواريخ وحتى الطائرات المقاتلة.
ثانياً- سيضطر العدو الذي يتعرّض للهجوم إلى استخدام كمية كبيرة من الصواريخ الجوية والدفاعات الأرضية، وسيضطر إلى استخدام جزء من مخزونه الصاروخي لمواجهة هذه الموجة الهجومية الكبيرة وهذا الأمر سيعطي القوات الجوية التابعة للحرس الثوري الفرصة لإطلاق صواريخها وإصابة أهدافها بدقة.
ثالثًاً- القدرة على جمع الصور والمعلومات الضرورية المتعلقة بالهجوم، ما يساعد على إعطاء القادة الإيرانيين صورة شاملة ودقيقة للغاية لنتائج الهجوم، وخاصة الأضرار التي لحقت بالعدو.
مناورات في مناطق بعيدة تحمل العديد من الرسائل القريبة
انطلقت هذه المناورات في محافظات خوزستان وبوشهر وفارس وهرمزكان ولقد حملت في مضمونها العديد من الرسائل.
فبادئ ذي بدء، من المرجح أنه تم نشر وحدات من هذه الطائرات من دون طيار التابعة للحرس الثوري الإيراني في معظم محافظات البلاد الغربية والشرقية والشمالية، ولهذا فلقد رأى القادة الإيرانيون بأن المناطق الجنوبية تحتاج إلى مثل هذه الطائرات لتأمين الحدود.
ومن جهة أخرى، أظهر عدد الطائرات من دون طيار التي وصل مداها إلى أكثر من 1000 كيلومتر في هذه المناورات العسكرية، بأن إيران لديها القدرة على القيام بعمليات عسكرية في بلدان أخرى للدفاع عن نفسها ضد أي تهديد.
على أي حال، إن الرسائل المهمة التي قدّمها الحرس الثوري في مناورات " إلى بيت القدس 1"، يمكن أن تكون استعراضاً للقوة التي وصلت إليها إيران ورقماً قياسياً عالمياً تمكّن الحرس الثوري من الحصول عليه في هذا العصر الجديد في مجال حروب القرن الحادي والعشرين الحديثة.