الوقت- إن حدوث توترات بين الهند وباكستان ليست بالقضية الجديدة، فتاريخ النزاع الهندي الباكستاني حول منطقة "كشمير" الحدودية يرجع إلى سنة 1947م، وهنا تفيد العديد من التقارير الإخبارية بأن هذين البلدين قد دخلا في العديد من النزاعات المسلّحة بسبب هذه المنطقة الحدودية.
وعلى الرغم من أن كل تلك النزاعات توقّفت من دون التوصل إلى حلول جذرية بين الطرفين، إلا أن التوتر الأخير بين البلدين أثار الكثير من المخاوف في المنطقة، حيث اقترحت بعض دول العالم كإيران وروسيا، التوسط لحل هذه الأزمة التي عصفت بالبلدين والتي كانت من المحتمل أن تؤدي إلى نشوب حرب نووية.
وحول هذا السياق، أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن وسائل الإعلام التابعة للكيان الصهيوني كان لها دور فعّال في زيادة حدّة التوترات بين الهند وباكستان، حيث أظهرت بعض التقارير أن الكيان الصهيوني وقف في صف الجانب الهندي وبذل الكثير من الجهود لتفجير الوضع بين هذين البلدين.
وفي سياق متصل أعربت صحيفة "الإندبندنت" في تقرير نشرته، بأن وسائل الإعلام التابعة للكيان الصهيوني نشرت العديد من التقارير الكاذبة التي تهدف إلى تأجيج الصراع بين إسلام أباد ونيودلهي ووصفت تلك الأزمة بأنها حرب هندية ضد الإرهاب ولفتت "الإندبندنت" إلى أن وسائل الإعلام الإسرائيلية بذلت الكثير من الجهود للتلاعب بقضية "كشمير"، حيث أكدت بأن الهند لها الحق في القضاء ومحاربة الإرهابيين في إشارة إلى جارتها باكستان.
إن هذا الموقف الداعم الذي تبّنته وسائل الإعلام الإسرائيلية مع الهند، لم يكن غريباً، في الواقع، إن الصهاينة، فضّلوا الوقوف في صف الهند التي تربطهم معها الكثير من المصالح والتي تعتبر في الواقع أحد أهم الأسواق الرئيسية لشراء الأسلحة الإسرائيلية، حيث أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن الهند قامت عام 2017 بشراء 530 مليون رطل من الأسلحة الإسرائيلية ولهذا فإن الهند تعتبر أحد أهم الدول التي تقوم بشراء المنتجات العسكرية الإسرائيلية في العالم، ولفتت تلك المصادر إلى أن الهند لا تزال إلى يومنا هذا تقوم بشراء الكثير من الأسلحة الإسرائيلية.
وأشارت تلك المصادر إلى أن "إسرائيل" قامت ببيع الآلاف من الصواريخ "أرض جو"، إلى جانب رادارات متقدمة بعد اختبارها في فلسطين وسوريا للهند، وأعربت تلك المصادر بأن القادة الإسرائيليين ينشرون الكثير من الأكاذيب ويدّعون في وسائل الإعلام الخاصة بهم بأن صفقات الأسلحة التي تقوم "تل أبيب" ببيعها للجانب الهندي تتعلق فقط بالدبابات المتقدّمة، لكن في حقيقة الأمر إن صفقات الأسلحة تتضمن الكثير من أنواع الأسلحة المختلفة وفي سياق متصل، لفتت تلك المصادر الإخبارية بأن الهند شاركت خلال الفترة السابقة في العديد من المناورات العسكرية المشتركة مع "إسرائيل" في صحراء "النقب".
والسبب الآخر في قيام الكيان الصهيوني بتأجيج الصراع بين الهند وباكستان يرجع إلى سيطرة حزب "باراتيا جوناثان" المتطرف على الحكومة في الهند، وهذا الحزب اشتهر بمواقفه المعادية للمسلمين، ولهذا فلقد بذل القادة في "تل أبيب" قصارى جهدهم لاستفزاز هذا الحزب الهندي المتطرف ليقوم بأعمال غير إنسانية ضد المسلمين الهنود ولهذا فلقد وصفت وسائل الإعلام الإسرائيلية التوترات الأخيرة بين هذين البلدين بأنها حرب هندية ضد الإرهابيين المتطرفين الباكستانيين.
يذكر أن المسلمين الهنود هم من بين المسلمين الأكثر اعتدالاً في العالم الإسلامي ولقد انضم 23 شخصاً من بين 180 مليون مسلم هندي لتنظيم "داعش" الإرهابي، في حين أنه من بين أكثر من نصف مليون مسلم في بلجيكا، انضم ما يقرب من 500 شخص منهم خلال السنوات القليلة الماضية لذلك التنظيم الإرهابي.
في هذه الأثناء، إن الجواب على السؤال القائل، لماذا يحاول الكيان الصهيوني استغلال التوترات بين الهند وباكستان، يرتبط بالمصالح الحيوية لـ"تل أبيب" في المنطقة.
لقد اعتمد الكيان الصهيوني منذ نشأته على خلق العديد من الأزمات والحروب، للوصول إلى أهدافه ولهذا فلقد سعى خلال الفترة السابقة إلى إشعال فتيل الحرب في كشمير وذلك لأنه يعلم جيداً بأن حدوث توترات بين الهند وباكستان من شأنه أن يحوّل انتباه الرأي العام العالمي عن القضية الفلسطينية وسيساعد الصهاينة على مواصلة أعمالهم غير الشرعية في بناء المزيد من المستوطنات في الأراضي المحتلة، فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، تمكّن الكيان الصهيوني من بناء الكثير من المستوطنات في الأراضي المحتلة والضفة الغربية في وقت قليل وقياسي وذلك يرجع إلى اهتمام قادة العالم والرأي العام العالمي بقضية انتشار تنظيم "داعش" الإرهابي في عدد من مناطق الشرق الأوسط، ما أدّى إلى غضّ الطرف عن قضية بناء المستوطنات.
وبناء على ذلك، تأمل "تل أبيب" حالياً في خلق أزمة جديدة في المنطقة، وتسعى جاهدة إلى تأجيج الصراع في "كشمير"، وذلك من أجل تسهيل عمليات القمع والاحتلال التي يقوم بها جيش الاحتلال في فلسطين.
لذلك، ليس من المستبعد أن تقوم "إسرائيل" خلال الأيام القادمة بإشعال فتيل الأزمة مرة أخرى بين الهند وباكستان بعدما توصل الطرفان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.