الوقت - في تشرين الأول من العام المنصرم توقف حقل الخفجي البحري المنتج لـ ٣٠٠ برميل يوميا والمشترك بين السعودية والكويت عن الإنتاج، ومنذ أكثر من أسبوعين صرح وزير النفط الكويتي توقف حقل الوفرة البري المشترك عن الإنتاج بسبب أعمال الصيانة التي يشهدها والتي كان من المقرر أن تستغرق أسبوعين، ومع انقضاء المهلة برزت مجموعة من الأسئلة والشكوك حول الخلفية الحقيقية لتوقف الحقلين عن الإنتاج ليأتي التصريح الناري لإبن سلمان توضيحا لطبيعة الخلافات، فقد هدد الكويت و في تصریح له أمام مسؤولی البلاط الحاکم باحتلال الكويت وإسقاط العائلة الحاكمة فيه، الخلاف مرده إلى المطالبات المتكررة من قبل الكويت للعائلة الحاكمة في السعودية بضرورة دفع ما يترتب عليها من التزامات مالية للخزينة الكويتية وهو ما تتنصل منه العائلة الحاكمة في السعودية.
عقلية العائلة الحاكمة التي تأسست عليها تفسر تصريحات إبن سلمان
هذا النزاع الجديد والتصريحات النارية من ولي ولي العهد الشاب تهز ٥٠ سنة من العلاقات الإيجابية بين العائلتين الحاكمتين في كل من الكويت والسعودية، ففي اليمن يدرك المتابع أن مسلك العائلة الحاكمة فيها مرده إلى السياسة الأمريكية والغربية المفروضة عليها والوظيفة المكلفة أدائها اتجاههم مقابل الحماية التي يؤمنها الغرب لهم لحفظ ملكهم العائلي أما المستفيد فهو الغرب، إذن هي وظيفة تؤديها بالوكالة، أما الكويت فهو يختلف شيئا ما عن واقع اليمن، فالسعودية إلى جانب دورها كشرطي للغرب في المنطقة العربية تعمل إلى جانب ذلك وفق سياسة انفرادية سلطوية عائلية وهي متوافقة وتركيبة الحكم فيها، وعليه يرى مكونات العائلة الحاكمة أن لا رأي وقرار ومشاركة من قبل شعوب المنطقة وأن ما تراه العائلة الحاكمة يجب تنفيذه من قبل الآخرين دون اعتراض أو مناقشة وإبداء وجهات نظر، ولذلك يرى سلمان في مطالبة الكويت بدفع المستحقات المتوجبة على السعودية والمتفق عليها بين البلدين على مدى ٥٠ عاما تجرءا وخروجا عن دائرة الإنصياع والإنقياد لآل سعود.
هذا المنطلق الذي تعمل عليه العائلة الحاكمة في السعودية إلى جانب وظيفتها والتزاماتها اتجاه الغرب هو المفسر الأبرز لمسلك السياسة السعودية في المنطقة. وهو ما يفسر الطموحات التوسعية ومنطق الإحتلال واسقاط الحكومات والقضاء على إرادة الشعوب. فالسعودية في منهجها وسياستها لا تميز بين حلفائها، فوفق التصريحات الأخيرة لإبن سلمان يظهر استعداد العائلة الحاكمة لانتهاك سيادة حلفائها كالكويت والتي على مر سنوات كانت تتمتع معها بعلاقات ايجابية مرنة.
عقلية نتيجتها انزواء دولي واقليمي
ليس البحث هنا في واقعية وأحقية المنهجية السياسية للعائلة الحاكمة في السعودية، فهو أمر لا يشك فيه اثنان أنه مخالف لكل موازين العقل ومبادئ الإنسانية من قتل في اليمن إلى دعم فكر الإرهاب فتسلط على الحكم دون السماح بوجود منافس إلى ما هنالك من انتهاكات واضحة وصريحة لحرية شعبهم ولكرامة الشعوب وضمائر أحرار العالم، إنما البحث في امكانية التهديدات للعائلة الحاكمة في السعودية باحتلال الكويت. وقائع الأرض تشير إلى أن الجيش الذي شكلته هذه العائلة يفتقد إلى ادنى المقومات التي ينبغي للجيوش أن تتمتع بها، وليس الحديث في العتاد والأسلحة والإمكانات، ففي مواجهة الشعب اليمني تظهر اشرطة الفيديو كيف أن جيش العائلة يفر من أرض المعركة مخلفا كل تقنياته القتالية عند أدنى اشتباك بينه وبين الشعب اليمني وجيشه، وحرب مضى عليها حتى الان أكثر من أربعة اشهر لم يتمكن من تحقيق اي من اهدافه غير المشروعة في اليمن، وكل انجازاته تمثلت باحتلال جنوب محافظة عدن فقط، هذه المحافظة التي هي من اصل ٢٢ محافظة يمنية، وللمحافظة على القسم الجنوبي منها وبعد الشعور بخطر استردادها من قبل الشعب اليمني لجأت إلى اعلان هدنة.
هذا كله بالإستعانة بمرتزقتها من عناصر استقدمتهم من بلدان اخرى للقتال إلى جانبها مقابل أموال أغدقتها عليهم في سبيل ذلك. والنتيجة نقمة شعبية عارمة في اليمن وخارجة على حكم العائلة السعودية، وإنتقادات لاذعة لها من قبل حكومات ومنظمات وحركات عالمية وإقليمية. إذن التهديدات التي تطلقها العائلة الحاكمة في السعودية بوجه حكومات وشعوب المنطقة ما هي إلا تهديدات تأتي إرضاء للرغبة الجامحة لعقلية هذه العائلة بالإستفراد بالحكم وصنع القرار. وهناكأمثلة كثيرة مشابهة لهذه العقلية على مر الزمان، وعصرنا الحديث فيه شواهد كثيرة كصدام حسين وبن على التونسي وحسني مبارك وغيرهم كثر.
طرح القضية في المحافل الدولية
عمدت الكويت إلى رفع شكوى بخصوص المستحقات المتوجبة على العائلة السعودية، هذه الدعوة في حقيقة الأمر لا تمثل أصل القضية بل فرعها، فالتهديدات التي أطلقها ابن سلمان باحتلال الكويت يمثل تحديا للأمم المتحدة والمواثيق الدولية، وهو ليس بالأمر الجديد على العائلة الحاكمة في السعودية فانتهاكها لهذه المواثيق في اليمن وسوريا والعراق ولبنان وغيرهم شاهد أقوى، كذلك الامر ليس بالجديد على الأمم المتحدة ومجلس الامن الذي لم يتحرك تحركا جديا ونافعا في كل القضايا من فلسطين إلى اليمن وغيرهما.