الوقت- "هؤلاء الشباب.. هم ملوك الميدان واسياده في الزبداني"، هكذا وصف أحد القادة الميدانيين لحزب الله حال شباب المقاومة في الزبداني، كاشفاً اللثام عن التقدّم النوعي للجيش العربي السوري وحزب الله في العمليات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية المسلحة التي بنت شبكةً من الأنفاق والتحصينات يصعب إختراقها على أي محارب لا يدرك فلسفة الميدان وخباياه.
تعيد معركة الزبداني التي تتقدّم ببطء بناءاً على قرار قيادة المقاومة وتوجيهاتها للمقاومين أن "أنجزوا مهمتكم على أقل من مهلكم، انتبهوا، وتيقظوا، وكونوا حريصين، وقللوا خسائركم.. خذوا وقتكم ولا تستعجلوا، فلا شيء يدعو الى العجلة"، تعيد إلى الأذهان إنتصارات "ملوك الميدان" في القصير ويبرود والقلمون السوري، وتفتح باب التساؤل حول ساعة الصفر للحسم النهائي في جرود عرسال .
نجح شباب المقاومة الإسلامية في تسطير أروع الإنتصارات على الجماعات التكفيرية في لبنان وسوريا وغيرها من البلدان، مستفيدين من التجربة الثمينة خلال معركتهم في الجنوب اللبناني وتحرير الأرض من المحتلين.
لم يعد حزب الله الذي بنى قدرته على العلم والمعرفة وكسب الخبرات وتحويل التهديد إلى فرصة، حزباً لبنانياً داخلياً فحسب، بل بات تنظيماً فاعلاً في المعادلة الإقليمية حيث نجح من خلال وقوفه إلى جانب سوريا ظهر المقاومة وسندها، في حماية الداخل اللبناني من براثن الجماعات الإرهابية، مكبّداً التنظيمات التكفيرية خسائر باهظة ومحققاً إنتصارات وازنة حتى في المعادلات الدولية.
لا ندري ما الفائدة العملية من العقوبات التي تفرضها الإدارة الامريكية على قيادات المقاومة، مع العلم أن إجراءات السفر لمقاتلي حزب الله إلى الخارج أمر في غاية الصعوبة حيث تفرض القيود التنظيمية للحزب العديد من الشروط الصعبة للحصول على الإذن بالسفر إلى خارج البلاد دون أسباب موجّهة، فكيف الحال اذاما كانت هذه الشخصية تترأس المنظومة الامنية والعسكرية لحزب الله كـ"مصطفى بدر الدين"؟. تدرك واشنطن جيداً أنها لن ترى بدر الدين وأمثاله "إما شهيداً أو رافعاً راية النصر"، لذلك تحاول وبالتعاون مع الكيان الإسرائيلي من خلال هذه العقوبات التي تترافق مع اتهامات على المستوى الشخصي، وعلى المستوى الأخلاقي والمالي والسلوكي، إغتيالهم معنوياً بعد فشلها في الإغتيال الجسدي.
ولعلّ من أهم أسباب الإنتصارات المتتالية للحزب، إضافةً إلى العقيدة الإيمانية وإدراكه لفلسفة الميدان والسرية، هو التالي:
تحديد العدو من الصديق
لقد عرّف حزب الله بوضوح العدو والصديق، جاعلاً القضية الفلسطينية ومتعلقاتها والقضايا الإسلامية على رأس أولوياته. حزب الله لم يدخل إلى سوريا سوى للحفاظ على منجزات المقاومة وحماية ظهرها من مؤامرات الجماعات التكفيرية المدعومة أمريكيا وإسرائيلياً، وفي الإطار الذي يصب في صالح القضية الفلسطينية.
تحديد الاولويات بدقّة
أثبتت قيادة حزب الله إمتلاكها نظرة ثاقبة ورؤية إستراتيجية في تعاطيها مع كافّة التحديات سواءً الداخلية أو الخارجية، لذلك عمدت قيادة الحزب إلى تعيين الأصول والفروع، وبالتالي لم يكن في قاموسها معنى لمصطلح الإدبار والتخلف في هذا السياق، أي تضييع الأصول والتمسك بالفروع.
الحضور في كافّة الساحات
يختلف تنظيم حزب الله عن كافّة الأحزاب الأخرى في المنطقة، حيث يظهر في كافّة الساحات التي تتطلب وجوده سواءً عسكرية أو أمنية أو إجتماعية أو ثقافية..، لذلك لا نستغرب أن نفس هؤلاء الذين يقاتلون دفاعاً عن بلدهم وقضيتهم، ينتهزون فرصة "إستراحة المقاتل" للحضور في الجامعات والميادين الثقافية والإجتماعية، وبالتالي هم لم يتركوا الجامعات للحضور في ساحات المواجهة العسكرية، كما أن الجهاد لم يشغلهم عن الحضور في ساحات المواجهة العلمية والثقافية. لقد بات معلوماً لكافّة اللبنانيين أن العديد من الشهداء الذين قضوا في سبيل الدفاع عن بلدهم هم من أبناء الجامعات، لا بل من الذين يتابعون دراساتهم العليا في لبنان أو الخارج حتى(الشهيد الدكتور محمد حسين جوني على سبيل المثال)، اذ يستفيدون من فرصة العطلة الصيفية للإلتحاق بواجبهم الشرعي والوطني والاخلاقي.
لم تقتصر إنجازات هذا الشباب المقاوم على الإنتصارات العسكرية في الميدانين اللبناني والسوري، والامنية في لبنان والخارج، بل بات هولاء المجاهدون الذين لا يريدون جزاءً ولا شكورا، يسجّلون الإنتصارات العلمية مثل "طائرة أيوب"، الصواريخ محلية الصنع، التجسس والرصد و... .
سيأتي اليوم الذي يدرك فيه كافّة أبناء الشعب اللبناني والأمتين العربية والإسلامية أن حزب الله والمقاومة هي بركة هذه الأمة ورصيدها الذي لا ينضب، وأن جميع الإدعاءات الواهية ضد الحزب وليوثه هي أكاذيب وأضاليل تخدم المشروعين الإسرائيلي والامريكي. في المقابل لن تزيد الحروب العسكرية والثقافية شباب المقاومة إلا عزماً، وسيبقى لسان حالهم يردّد ما نقله العاملون مع قائدهم المجاهد "مصطفى بدر الدين": واجبي العمل على مواجهة كل مشاريع هؤلاء، ولن أغادر عملي في لبنان أو سوريا أو أي ساحة أخرى، إلا شهيداً محمولاً أو حاملاً لراية النصر ! .