الوقت-ها قد عادت ذكراهم، في 16 شباط/فبراير من كل عام يقوم حزب الله في لبنان بإحياء ذكرى قادته الشهداء الذين ضحوا بالغالي والنفيس من أجل تأسيس قواعد المقاومة التي حققت العزة والافتخار للأمة العربية والإسلامية أجمع.
فبفضل السيد عباس الموسوي، الشيخ راغب حرب وعماد مغنية وثلة كبيرة من الشهداء أضحت المقاومة اليوم رقماً صعباً في المعادلات الإقليمية والدولية، فحيث يجب أأان تكون ستكون لتغيّر مجريات وتصنع التاريخ وتحمي الجغرافيا التي توصل أولاً وأخيراً إلى فلسطين ومواجهة كل المخططات الصهيونية في كل الأمكنة.
قد يتساءل البعض لماذا يقوم حزب الله في كل عام بهذا الحشد السنوي والتحضير في الإعلام والسياسة لإحياء ذكرى القادة الشهداء، لتأتي الإجابة على لسان الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي قال في إحدى خطاباته التي ألقاها في ذكراهم أنه "في هذا التاريخ نعود إلى هؤلاء القادة لنتعلم الزهد منهم عندما تقدم الدنيا علينا ونتعلم منهم الشجاعة والحكمة عندما تواجهنا الصعاب والفتن وأن نأخذ منهم الهمة العالية عندما يتعب البعض والإقدام عندما نقصّر ونتعلم منهم أن نثق بالله وبمجاهدينا، نأخذ منهم الأمل والبصيرة".
أو ما قاله في كلمة أخرى له في 16-2-2017 أننا " نصرّ على إحياء هذه المناسبة من أجل أن تعرف الأجيال الحالية والأجيال الآتية من هم القادة الحقيقيون وأولو الفضل وأصحاب التضحيات الجسام الذين نصرنا الله تعالى ببركة صدقهم وإخلاصهم وجهادهم وصبرهم وتضحياتهم ودمائهم الزكية".
وكما في كل عام، تحمل ذكرى القادة الشهداء الكثير من المعاني والدلالات التي تدعو للفخر والاعتزاز بالمقاومة الإسلامية، هذه المعاني وكما عودنا أبناء المقاومة قد رسمت بالدم لتبقى راسخة في العقل والقلب تدلل على تطوّر عمل المقاومة كمّاً ونوعاً في أكثر من اتجاه، والتي تعطي المناسبة هذا العام صورة أبهى وأجمل وتؤكد على صوابية خيار هؤلاء القادة لما أسسوا له على صعيد بناء أجيال مقاومة وشخصيات سليمة مؤمنة واعية في مختلف فروع هذا الجسم المقاوم.
داخلياً
ساهم أبناء المقاومة اليوم بتحقيق إنجاز مهم عبر تشكيل الحكومة، فلولا دماؤهم لما استطاع اللبنانيون بكل أطيافهم وانتماءاتهم التنعّم بالأمان والاستقرار، فكان لهم الأثر الكبير بتمثيل جميع الأطياف اللبنانية في الحكومة، ونذكر هنا وقوف المقاومة إلى جانب اللقاء التشاوري والذي كانت الأطراف السياسية المقابلة تحاول حذفه إلا أنه بصمود المقاومة إلى جانب هذا الطرف السياسي رضخت الأطراف الأخرى وخاصة سعد الحريري زعيم تيار المستقبل الذي لا يريد تمثيل هذا الطرف بأي شكل من الأشكال.
كما وتحلّ الذكرى وأبناء المقاومة يعملون بجد في مختلف مراكزهم سواء الوزارية أم النيابية أم البلدية أم حتى الحزبية والاجتماعية والثقافية، لخدمة الناس والمجتمع لمكافحة الفساد والإهمال وتنفيذ المشاريع على اختلافها بما يخفف المعاناة عن الناس ويرفع الحرمان في العديد من المناطق.
خارجياً
على الصعيد الخارجي الإنجازات كان كبيرة ومهمة، فأبناء المقاومة ساهموا مساهمة كبيرة في تحرير سوريا والعراق من الدنس التكفيري المدعوم أمريكياً وإسرائيلياً، كما نجحوا بوضع معادلات جديدة مع العدو الإسرائيلي وأخرها كان وقوف الكيان الإسرائيلي كاملاً بقياداته وشعبه على قدم واحدة بانتظار رسائل ومواقف الأمين العام السيد حسن نصرالله على مدى أكثر من شهر في ردّه على عملية درع الشمال التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أجل تدمير ما يسميه الأنفاق "الاستراتيجية" التي سيستخدمها حزب الله في معركته القادمة من أجل تحرير الجليل، وهو ما يعني أننا أمام استراتيجية لا يمكن اختراقها.
ليس ذلك فقط فحين تستفز قنوات الإعلام الإسرائيلي من أجل متابعة حوار العام للسيد نصرالله مع قناة الميادين، وتقوم بجمع الباحثين والسياسيين لتحليل كلمته واستخلاص المعادلات التي سيطلقها السيد، ويقودنا ذلك كله إلى أن دماء الشهداء والتضحيات التي قدموها أدّت إلى جملة من الوقائع والمعطيات التي لا يمكن نكرانها بأن محور المقاومة الممتد من طهران إلى بيروت مروراً بدمشق قد أصبح أقوى بكثير عن ذي قبل وهو يزداد قوة يوماً بعد يوم.
إضافة الى ذلك ما كشفه السيد عن حيازة المقاومة الإسلامية للصواريخ الباليستية، التي هدد من خلالها إسرائيل أنه إن فكرت في أن تشن هجوماً على لبنان فإنها ستتلقى ضربات قوية من المجاهدين، إضافة الى ما كشفه عن معادلات للجدار الذي بناه الكيان الإسرائيلي على طول الحدود اللبنانية الفلسطينية من أجل منع المقاومة من التقدم إلى الأمام وتنفيذ وعودها بتحرير الجليل.
ختاماً.. إنجازات كثيرة تحققت على مدى السنوات الماضية لا يسعنا ذكرها كلها في عدد من السطور والكلمات، وإنجازات أخرى تنتظرنا في القادم من الأيام، والتي لم يكن لتتحقق إلا بفضل الله والعمل الدؤوب المتواصل لأبناء القادة الشهداء وتلامذتهم الذين نهلوا من مدرستهم وتعلموا على أيديهم، ولذلك يجب على الأجيال أن تعرفهم وتتعلم منهم وتقتدي بإنجازاتهم.