الوقت- على الرغم من مرور أكثر من شهر على الاتفاق السياسي بين أنقرة وموسكو حول قضية تحرير مدينة "إدلب" السورية ومستقبل هذه المدينة الواقعة في شمال سوريا، إلا أنه لم يتم إحراز أي تقدم ملموس في المعادلات الميدانية السورية، في الواقع، إن الجماعات الإرهابية المتمركزة في مدينة "إدلب" ليست فقط غير راغبة في مغادرة المناطق الخاضعة تحت سيطرتها، ولكنها أيضاً ترفض تسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة، ولهذا، فلقد عقد يوم أمس السبت قادة الدول الأربع "تركيا وألمانيا وروسيا وفرنسا" اجتماعاً مشتركاً في مدينة "اسطنبول" التركية لمناقشة القضية السورية، وعلى وجه الخصوص قضية تحرير مدينة "إدلب" ولدراسة الأبعاد والنتائج المحتملة لهذا الاجتماع والتطورات التي قد تحدث لمدينة "إدلب" في المستقبل القريب، قام موقع "الوقت" الإخباري بإجراء مقابلة صحفية مع الأستاذ "سيد هادي أفقهي" الخبير السياسي في قضايا منطقة غرب آسيا وفيما يلي سوف نستعرض أبرز ما جاء في هذه المقابلة الصحفية.
الاتفاق بين تركيا وروسيا غير قابل للتنفيذ
أعرب الأستاذ "سيد هادي أفقهي" بأن الاتفاق الذي وقعت عليه أنقرة وموسكو قبل شهر والمتعلق بقضية تحرير مدينة "إدلب" السورية، غير قابل للتنفيذ وذلك لعدة أسباب سياسية ولفت الأستاذ "أفقهي" إلى أنه إذا تم الأخذ بعين الاعتبار الأيدي الخفيّة التي تلعب من وراء الستار فيما يخص قضية تحرير مدينة "إدلب"، فإننا سوف نفهم لماذا سيفشل هذا الاتفاق التركي الروسي وقال "أفقهي": إن الجهات الفاعلة الداخلية التي لها تأثير بالغ على قضية تحرير مدينة "إدلب"، تشمل قوات جبهة النصرة، وأحرار الشام، والجيش الحر، وعشرات الجماعات الإرهابية الأخرى، التي تسعى كل منها إلى تحقيق أهدافها وجدول أعمالها في هذه المدينة السورية، وأكد الأستاذ "أفقهي"، على أنه في الساحة الخارجية تكون القضية أكثر تعقيداً، وذلك لأن التناقض والاختلاف يعمّ الجهات الخارجية الفعّالة والمشاركة في قضية تحرير مدينة "إدلب" ولا يمكن التوفيق بينهم، وعلى سبيل المثال، فإن محور إيران، وروسيا، والحكومة السورية يرى بأنه من الضروري نزع السلاح من مدينة "إدلب" وعودة المواطنين إلى هذه المدينة والاهتمام والمضي قدماً في إعادة إعمار هذه المدينة، لكن بلداناً أخرى مثل أمريكا وتركيا وحتى بعض الدول العربية الخليجية، لديهم نظرة متناقضة مع ما يسعى المحور الآخر إلى تحقيقه، لذلك، يمكن القول بأن الاتفاق الذي وقّع عليه الجانب الروسي مع الجانب التركي قبل شهر لن يكون له فائدة تذكر وسوف يذهب أدراج الرياح وذلك لأنه ليس لدى الحكومة التركية أي خطط للتخلي عن مدينة "إدلب" لمصلحة حكومة دمشق، وفي الوقت الحالي تسعى تركيا جاهدة للحفاظ على مطالبها الاستراتيجية مثل القضية الكردية، والقضايا الاقتصادية وللعب دور أساسي في مستقبل سوريا.
تركيا هي العامل الرئيسي الذي يحافظ على قوة ومكانة "جبهة النصرة" في مدينة "إدلب"
وفيما يخص المصالح والتطلعات التي يسعى اللاعبون المتنافسون لتحقيقها في مدينة "إدلب"، أكد الاستاذ "أفقهي" بالقول: "إن أنقرة تعتبر عنصراً فاعلاً ومؤثراً في مدينة "إدلب"، ولقد أظهرت الأحداث السابقة، بأنه لا يمكن الاعتماد عليها وذلك لأنها قامت في مراحل زمنية مختلفة بنكث العديد من المواثيق والعهود وقامت بالكثير من عمليات التخريب في مناطق شمال سوريا وأيضاً هنالك أمريكا التي تُعدّ لاعباً آخر مشاركاً في الأزمة السورية، والتي تسعى إلى لعب دور فعّال في المعادلات الميدانية السورية وذلك من أجل تحقيق أهدافها".
لم يحقق اجتماع اسطنبول الرباعي أي نتائج ملموسة
وفيما يتعلق بالمشاورات والنتائج المحتملة للاجتماع الذي عقدته كل من تركيا وألمانيا وروسيا وفرنسا في مدينة "اسطنبول" التركية، قال الخبير السياسي في قضايا منطقة غرب آسيا: إن هناك عدة قراءات مختلفة في هذا الصدد، القراءة الأولى، هي أن الروس يحاولون جعل الآراء والمواقف الألمانية والفرنسية أقرب إليهم وذلك من أجل حلّ قضية تحرير مدينة "إدلب" بسهولة أكبر، ومع ذلك، فإن هذه القراءة يمكن تقييمها إلى حد ما بأنها ضعيفة، أما القراءة الأكثر جدية فهي أن تركيا ستستخدم ألمانيا وفرنسا لتعزيز مواقفها ضد محور إيران وروسيا ودمشق وتعزيز قدرتها على المساومة، والقراءة الثالثة هي أن ألمانيا وفرنسا تشاركان في هذه اللجنة الرباعية كسفراء لأمريكا ووفقاً لهذه القراءة، فإن كل الأمور التي تطرحها "برلين" و"باريس"، يمكن اعتبارها بأنها طرحت من قبل أمريكا.
المفتاح المستقبلي لحل قضية تحرير مدينة "إدلب" في أيدي موسكو
وفي نهاية تصريحاته حول مستقبل قضية تحرير مدينة "إدلب"، أعرب الاستاذ "أفقهي"، قائلاً: "إذا قامت كلٌّ من إيران وروسيا ودمشق بالضغط من أجل تحرير مدينة "إدلب"، فإنه من المرجح أن يوافق الرئيس التركي "أردوغان" ويسمح بالقيام بعمليات عسكرية ضد مواقع الجماعات الإرهابية أو سيقوم بالضغط على تلك الجماعات الإرهابية لتسليم المناطق التي تقبع تحت سيطرتها والقضية الثانية التي يجب معالجتها، تتعلق بدور روسيا في مدنية "إدلب" وهنا يمكن للروس الذين لديهم العديد من الدوريات العسكرية المتمركزة في مدينة "إدلب"، الدفع بالمعادلات الميدانية وخلق حل سياسي أو عسكري يضمن تحرير هذه المدينة وهنا يمكن القول بأن نوع ردة الفعل الروسية يمكنها بالتأكيد أن تحدد مسار المعادلات الميدانية والسياسية".