الوقت- تسعى الجاليات اليمنية ومن خلال نشاطات مختلفة على الساحات التي تتواجد فيها لابراز المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني في ظل العدوان السعودي المستمر منذ ما يزيد عن 110 ايام، ويأتي معرض الصور الذي اقيم في "ساقية عبدالمنعم الصاوي" التي تعد من أهم المراكز الثقافية بالقاهرة منذ حوالي الاسبوعين في نفس السياق وبحسب الطلاب اليمنيين القيمين على المعرض فإن الندوة ومعرض الصور تحت عنوان "أوقفوا العدوان على اليمن" أتى لفضح العدوان السعودي إضافة الى كسر الحصار الاعلامي المضروب عليه. وقد حقق المعرض نجاحا كبيرا باستقطاب شرائح واسعة من الشعب المصري من مثقفيه وعامته، مؤكدين على تضامن المصريين كافة مع اخوانهم اليمنيين ضد العدوان السعودي.
اما المثير فهو ما صدر من ردود افعال سعودية غاضبة وما صدر من تصريحات لمفكرين وكتاب ودعاة سعوديين حيث غرد الكثير من الشخصيات السعودية منتقدين عبد الفتاح السيسي على "الخيانة للسعودية" على اعتبار أن ما حصل لا بد بمعرفته ومنددين بعدم الوفاء ومستخدمين الفاظ أنأى عن ذكرها هنا لما فيها من الاهانة والتحقير لشعب مصر وقيادته. والقارئ لهذه التصريحات الغاضبة والمهددة يشعر وكأن مصر هي امارة تابعة للسلطة السعودية، وليست الدولة الام لكافة الدول العربية. وبحسب محللين فان ما حصل من ردود افعال وتصريحات والدعوة لتغيير سياسة السعودية اتجاه مصر قد يكون له اثر فيما بعد على تطور العلاقات بين البلدين رغم الظروف السياسية والميدانية الحالية التي تجعل السعودية عاجزة في الحال الحاضر عن التفكير بمعاقبة مصر، لانها بامس الحاجة لوجودها "ولو" المعنوي في تحالف العدوان على اليمن.
اما فيما يخص مصر وبالعودة الى التاريخ الذي يحكم العلاقات السياسية المصرية بجوارها العربي فيجد المراقب تناقضا كبيرا بين تاريخ مصر وحاضرها، فبعيد قيام الثورة اليمنية على الملكية (المدعومة بريطانيا وسعوديا) عام 1962 طلب مجلس قيادة الثورة من مصر مساعدات عسكرية وبالفعل لبت مصر الطلب بناءا على توجيهات الرئيس المصري آنذاك جمال عبد الناصر عبر مساعدات عسكرية بداية ومن ثم عبر ارسال جنود مصريين الى اليمن وصل عديدهم اواخر عام 1965 لما يزيد عن 55 الف جندي وذلك نصرة للثورة في وجه حكم ملكي كان يعتبره جمال عبد الناصر من الانظمة الرجعية التي يجب محاربتها في كافة البلاد العربية وبكافة الاشكال حتى لو تطلب الامر مساعدات عسكرية وتدخلا مصريا مباشرا نشرا للمد الثوري في كافة الاقطار العربية. اما الواقع المصري الحالي فمغاير تماما. فمصر الرسمية اليوم الى جانب العدوان على اليمن وعلى لسان الرئيس عبد الفتاح السيسي قد أعلنت بوضوح مشاركتها فيه. الا أن المراقبين للواقع يُدركون أن هذا التأييد انما أتى لأهداف سياسية واقتصادية وفي ظل واقع مصري اقتصادي صعب، وانما أتت هذه الخطوة طمعا بالمال الخليجي والسعودي على وجه التحديد لدعم خطة مصر للخروج من الازمة الاقتصادية التي تعيشها منذ سنوات. اما سياسيا وللأسف وبعد أن كانت مصر الدولة الاقوى عربيا على الصعيد السياسي فقد فقدت الكثير من موقعها وحجمها السياسي العربي والدولي في السنوات الاخيرة ولاسباب عديدة كان آخرها الازمات التي مرت بها خلال مخاض ثورات الربيع العربي المزعوم، مما جعلها رهنا لسياسات غيرها من القوى الدولية بالاضافة الى الدول التي تنعم بالبترودولار والسعودية على رأسها.
اخيرا ورغم المشهد العام العربي المؤلم وبالخصوص المصري، يبقى نفس السماح بحصول معرض "أوقفوا العدوان على اليمن" على الاراضي المصرية وفي هذه الظروف الصعبة مصريا، يُنبئ ببصيص أمل بعودة مصر الى عزها وتاريخها لتعود الام للعرب كافة. وكما أن اليمن مدين لمصر جمال عبد الناصر بانتصار ثورته على الملكية قبل عقود من الزمن فان مصر مدينة لنفسها وشعبها وتاريخها ولا سبيل امامها سوى النهوض من كبوتها التي اجبرها عليها الاستكبار العالمي وعلى رأسه امريكا وذلك خدمة للکيان الاسرائيلي، فحذار يا مصر من الادوات الجديدة لهذا الاستكبار والتي اقل ما يمكن أن توصف بـ"الانظمة الرجعية" كما يقول جمال عبد الناصر، والتي تسعى لاغراقك مجددا في سبات عميق ولتهميش دورك الريادي في خدمة قضايا الامة المحقة.