الوقت- عملت الجمهورية الإسلامية الإيرانية ومنذ انتصارها على مجموعة من الأولويات في علاقاتها الخارجية تمثلت بضرورة بناء علاقات وثيقة وودية مع جيرانها من دول وشعوب المنطقة وبالاخص الدول الخليجية المجاورة لايران، وتشهد السياسة الايرانية اليوم تحركات ونشاطات في هذا السبيل. إلا أن العقبة التي تواجه ايران في مشروعها الصديق لدول المنطقة يتمثل بالعنصر الخارجي الدخيل والذي يعمل على وضع ايران وجيرانها على تباعد فيما بينهم، بل وأكثر من ذلك بتحريض دول المنطقة للإصطفاف بوجه ايران وبالتالي إفشال أي مشروع يمكن أن يساهم في إنشاء علاقات وطيدة بين إيران ودول المنطقة المجاورة لها.
دور العنصر الخارجي في التباعد
العنصر الخارجي الذي يلعب على خط التفرقة والتباعد استغل على مدى الأعوام المنصرمة ولا زال جانب المفاوضات النووية مع إيران لوضعها موضع المخيف والمهدد لدول الجوار في المنطقة، ومع الحديث عن تقارب في المواقف حول النقاشات الدائرة بين مجموعة ال 5+1 وايران والتي من المرجح بحسب متابعين التوصل في غضون فترة وجيزة لصياغة متفق عليها في هذا الشأن، إلا أن العنصر الدخيل لا زال يلعب على افشال المفاوضات من جهة وعلى المضي قدما في التحريض والتخويف حتى حال التوصل إلى توافق نهائي، وبالتالي فإن المشروع ما قبل التوصل إلى اتفاق نهائي أو بعده بالنسبة للعنصر الخارجي سيبقى على حاله بل وقد يشهد تصعيدا إذ ان الهدف واحد لن يتغير والمتمثل بإشغال إيران والمنطقة والأمة عن قضاياها المهمة وقضية فلسطين والتي تتطلب لحلها والتصدي لفاعليها جواً من الإلفة والتضامن واتحاد المصير.
سياسة ايران الإنفتاحية قبل التوافق كما بعده حال حصوله
الجمهورية الإسلامية الإيرانية أيضا كما العنصر الخارجي لن تتغير إستراتيجيتها سواء تم التوصل إلى اتفاق نهائي أم لا، إلا أن إستراتيجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية تختلف والعنصر الخارجي في الوجهة والمقصد كما أوضحنا سابقا، ولذلك فمن الواضح والبديهي أن ايران وبعد التوافق ورفع الحظر عنها ستعمل على تقوية العلاقات وفتح منافذ أكبر في مجال التعاون والتواصل إن كان على المستوى السياسي أو المستوى الإقتصادي والتجاري، إلا أن التردد والقلق من الدخول مع إيران في علاقات وطيدة وصديقة من قبل الدول الخليجية قائم بل وازداد مع الحديث عن قرب الإعلان عن الإتفاق النووي.
سياسة الدول الخليجية اتجاه إيران ومخاوفها
العنصر الخارجي الذي يقف حائلا أمام إيران لتوطيد علاقتها مع دول المنطقة يعد سبباً من أسباب هذا القلق الخليجي، إذ أن واقع الحال يشير إلى أن إيران والتي تتمتع في بنيتها وتركيبتها السكانية بتعددية قومية ومذهبية، تسود الديمقراطية كافة مؤسساتها وتركيبتها السياسية في مقابل التركيبة العائلية الحاكمة في الدول الخليجية والتي تولد خوفا وقلقا لدى حكومات هذه الدول من اي تقارب وتعاون مع إيران، وبالتالي فإن إيقاف الحملة العدائية التي تشن عليها من شأنه أن يتيح نقل النمط الديمقراطي الإيراني إلى شعوبهم ومن ثم تهديد التركيبة الحاكمة.
وعلى مدى الأعوام التي مضت كانت مجموعة التهم التي توجه إلى إيران من قبل الدول الخليجية متمثلة بأن إيران تسعى وبمخطط مدروس إلى التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول، وبالتالي هي تشكل تهديدا وخطراً عليهم، لكن الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال الأعوام التي مضت إلى يومنا هذا أثبتت أنها لم تشكل أدنى تهديد لدول الجوار، ولم تتدخل في شأن أي بلد سواء القريبة منها أو البعيدة عنها على خلاف الدول الأخرى في المنطقة كالسعودية والتي تدخلت بشكل صريح وعلني في البحرين وشنت عدوانا على اليمن لا زال مستمرا.
الرئيس الإيراني الحالي حسن روحاني وفي أول مؤتمر صحافي له بعد انتخابه بعث برسائل صداقة ومودة وانفتاح إلى دول الجوار كما فعل الرؤساء السابقون، وكذلك محمد جواد ظريف وزير الخارجية الإيراني أعلن في أكثر من لقاء وتصريح رغبة بلاده في فتح علاقات مميزة مع الدول الخليجية وغيرها، ولا تزال هذه الدعوات التطمينية والإنفتاحية من أعلى السلطات في إيران مستمرة، إلا أن جميع هذه الدعوات من الجانب الإيراني لم تلق حتى الساعة أي تجاوب معها، لکن السياسة والإستراتيجية الإيرانية لا زالت وستستمر على ذات المنهج الإنفتاحي.