الوقت - في هذه الأيام التي تسعی فیها الدول الغربیة لإستخدام الجماعات التكفيرية والإرهابية في المنطقة لضرب الوحدة في العالم الإسلامي، ها هي ذكری يوم القدس العالمي الذي اعلنه الإمام الخميني مؤسس الثورة الإسلامية في إيران، دفاعا عن الشعب الفلسطيني المظلوم، تطل علینا من جديد لتذكر الأمة الإسلامية بأن فلسطين لازالت تنتظر التحرير من الإحتلال الإسرائيلي، وأن العدو الأساسي في المنطقة ليس إيران التي لازالت مستمرة بدعمها لشعوب المنطقة منذ إنتصار ثورتها قبل 36 عاما، إنما هو الكيان الاسرائيلي الذي زرعه الإستعمار العالمي في قلب الأمة الإسلامية، ليكون مصدرا للفتنة والخلافات بين المسلمين. ونظرا لأهمية يوم القدس العالمي في توجيه بوصلة الشعوب الإسلامية نحو فلسطين بدل الاقتتال فيما بينهم، أجرى موقع «الوقت» حوارا مع فضيلة الشيخ «عبدالله الشامي» القیادي في حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين لإستطلاع آراء الحرکة حول مناسبة يوم القدس العالمي.
موجز الحوار:
أکد فضیلة الشیخ عبدالله الشامي القیادي في حرکة الجهاد الإسلامي في فلسطین خلال حوار مع موقع «الوقت» أن الإمام الخمیني (رض) إستطاع من خلال تعیین یوم القدس العالمي، أن یخرج القضیة الفلسطینیة من نطاقها الإقلیمي ویعطیها بعدا دولیا. موضحا أن الشعب الفلسطیني وفصائله المقاومة یستعدون للمشارکة الواسعة في مراسم یوم القدس العالمي خلال الجمعة القادمة. وفي هذا السیاق أکد الشامي علی أن الکیان الإسرائیلی وبفضل مقاومة الشعب الفلسطیني، أصبح کیانا مطاردا قانونیا وقضائیا في العالم. کما أشار الشیخ عبدالله الشامي الی أن بعد إتضاح جرائم الکیان الإسرائیلی تجاه الشعب الفلسطیني، بات هذا الکیان في حالة انکماش بسبب المقاطعة الإقتصادیة والثقافیة التي یواجهها حتی من قبل الدول التي ساعدت في تأسیسه علی الاراضي الفلسطینیة.
وفيما يلي النص الكامل للحوار مع فضيلة الشيخ عبدالله الشامي:
الوقت: فضيلة الشيخ كيف تصف لنا أهمية دعوة الإمام الخميني (رض) في إعلان يوم القدس العالمي لإحياء القضية الفلسطينية والمقدسات الإسلامية في مدينة القدس الشريف؟
الشامي: فيما يتعلق بأهمية يوم القدس العالمي فان هذه المناسبة تعطي بعدا عالميا للقضية الفلسطينية بعد أن كانت محصورة في الشعب الفلسطيني ومناضليه وبعض الدول المحيطة بفلسطين. فيوم القدس العالمي هي دعوة من فضيلة الإمام الخميني رحمة الله علیه لدفع الشعوب ودول العالم الاسلامي والعربي ان يتبنوا قضية القدس وفلسطين وأن تكون ضمن مناهجهم التربوية وضمن مشاريعهم التحررية لتحريرها من هذا الطاغوت الإسرائيلي ومن يقف خلفه من الإستكبار العالمي.
الوقت: نظرا لأهمیة ومكانة القدس والمسجد الاقصی في العقيدة الإسلامية، وإحتلال هذه الأماكن المقدسة من قبل الكيان الإسرائيلي، فما هي مسؤولية المسلمين؟
الشامي: الشعوب الإسلامية يجب علیها أن تدرك ان القضية الفلسطينية لا تخص الشعب الفلسطيني وحده والتحرر من هذا الطاغوت ليس مهمة الشعب الفلسطيني وحده إنما هي مسؤولية كل شعوب المنطقة لأن الفساد والظلم الذي تمارسه إسرائيل تطال جميع دول المنطقة خصوصا تلك الدول التي تقيم أنظمتها علاقات مع الكيان الإسرائيلي. ويقف الیوم نتانياهو متباهيا بأن العديد من نظم المنطقة شريكة له بما يسمی بعملية مكافحة الإرهاب مع أنه هو الذي أوجد الإرهاب وهو الذي يزرعه ويغذيه في المنطقة. فعلی الشعوب كلها أن تدرك أن إسرائيل هي جوهر الفساد والدمار والتخلف الذي تعيشه المنطقة، وذلك جراء جرائم الإحتلال الإسرائيلي في فلسطين.
الوقت: لماذا لم تتماش بعض الشخصيات الإسلامية مع دعوة الإمام الخميني حول مناسبة يوم القدس العالمي؟
الشامی: الحقيقة التي يجب أن نقرها هي ان العديد من هذه الشخصيات للاسف تتحرك في ظل الإطار الرسمي، حيث بعض دول المنطقة اتخذت موقفا عدائيا من الثورة الإسلامية في إيران ومن الإمام الخميني رحمة الله علیه. ثانيا ان البعض منهم لايملك حريته ويقع أسير التحريض الطائفي والمذهبي في هذا التوجه. ثالثا البعض للأسف وقع في فخ التضليل الذي حاول أن يجعل إيران في خندق العداء الأول بدلا من إسرائيل، وأن هذه النظم ووسائل إعلامها وشخصياتها التي تحمل إسما إسلاميا يحاولون وضع إيران في خندق العداء الأول وينسون أن إسرائیل هي جوهر العداء لجميع الأمة. فلذلك هم لم يتجاوبوا مع دعوة الإمام الخمیني رحمة الله علیه والتجاوب كان من قبل المستضعفين في الارض ومن المقاومين والمجاهدين علی ارض فلسطين.
الوقت: منذ بدء شهر رمضان المبارك نری إرتفاعا في نسبة الإجراءات التعسفية مثل منع المصلين من دخول المسجد الاقصی من قبل تل أبيب، في ظل مثل هذه السياسات، كيف ينظر الكيان الإسرائيلي لمناسبة يوم القدس العالمي؟
الشامي: دعني اجيب علی هذا السؤال من الموقف الأخير لإسرائيل الواضح تماما لكل مؤسسات الإعلام العالمية ولكل الشعوب، أن إسرائيل تضع الجمهورية الإسلامية في إيران في بؤرة الصراع والعداء الأول والمركزي لها وتحاول أن تحرض علیها، حتی اضطرت مؤخرا أن تتخذ موقفا خلافيا حادا مع الولايات المتحدة الأمريكية حول المشروع النووي الإيراني. وبالتالي هي تنظر الی دعوة إيران ليوم القدس العالمي بنظرة جدية وذات خطورة علیها، لذا تحاول أن تقمع حركة المصلين ومنعهم من دخول الاقصی ومدينة القدس لكن رغم كل ذلك سيبقی شعبنا بإرادته وقدرته مرتبطا بمقدساته وسينفر الی المسجد الاقصی في الجمعة الاخيرة من شهر رمضان ليؤكد ارتباطه بفلسطين والمسجد الاقصي. ولايمكن التسلیم أمام مساعي العدو الإسرائيلي في فرض الحقائق التهويدية علی ارض فلسطين ومن بينها علی المسجد الاقصی ومحاولة السماح لقطعان المستوطنين المتطرفين لأداء مناسكهم التعبدية في المسجد الاقصی. فشعبنا سيبقی مرابطاً ومجاهداً ومقاوماً حتی تحرير المسجد الاقصی بإذن الله.
الوقت: كيف تصف لنا مستقبل القضية الفلسطينية في ظل آخر المستجدات التي شهدتها الساحة الفلسطينية من ضمنها تهويد القدس وبناء المستوطنات، وكذلك دعوة بعض الجهات لإستمرار المفاوضات مع الكيان الإسرائيلي؟
الشامي: رغم هذه الحقائق التي أشرت الیها، إلاّ أن مشروع الكيان الصهيوني في حال تراجع وفي حالة إنكماش. العدو الإسرائيلي منذ ما يزيد عن عقد من الزمان بنی جدارا أمنيا بعد أن انسحب من قطاع غزة والیوم هو يشعر بخطورة حادة مفتوحة علیه من قبل المقاومة في جنوب لبنان ومن قطاع غزة ويتخوف تخوفا شديدا من إنفتاح جبهة ثالثة من الجولان السوري. إنه بات في حالة القلق ويدرك أن الشعب الفلسطيني ومن خلال تصديه للإحتلال بأدواته حتی لو كانت بسيطة كما يحدث في الضفة الغربية من حجارة وسكاكين، يشعر بقلق شديد علی مستقبله. والشق الآخر من المعادلة أن العديد من شعوب الكرة الأرضية حتی بما فيها تلك الدول الإستكبارية التي صنعت إسرائيل بقرار "بلفور"، باتت الیوم تدرك أن إسرائيل "دولة" عنصرية وظالمة وبدأت تمارس حياة المقاطعة الإقتصادية والثقافية تجاه الكيان الإسرائيلي. وهذا الكیان بات في حالة عزلة دولية وكذلك مطاردة قانونية من قبل المؤسسات القانونية والقضائية الدولية. كل ذلك يصب في مصلحة القضية الفلسطينية وفي تراجع الكيان الصهيوني وإنكماشه.