الوقت- رغم أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب القاضي بالانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران أظهر واشنطن بمظهر الناكثة للعهود والالتزامات الدولية، وجعل أي دولة في العالم تفكّر ألف مرة قبل إبرام أي صفقة مع أمريكا، إلا أنّ ترامب شخصيّاً ظهر بمظهر الرئيس الذي ينفّذ وعوده الانتخابية رغم أن بعضها أساء إلى صورة بلاده عالمياً.
أول وعود ترامب التي أطلقها خلال حملته الانتخابية، كان الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الإسرائيلي ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ضارباً عرض الحائط جميع قرارات الأمم المتحدة، ولم يكترث حتى للغضب العربي والدولي من تبعات هذا القرار، حيث اعترف ترامب في الـ6 ديسمبر/كانون الأول الماضي بالقدس المحتلة عاصمة للكيان الإسرائيلي وأوعز إلى وزارة الخارجية البدء بالعمل على نقل السفارة الأمريكية إليها.
ومع وصوله إلى البيت الأبيض، نفّذ ترامب أول وعوده الذي يعتبر وعداً عنصرياً بحق الإسلام والمسلمين، حيث وقّع في كانون الثاني 2017، قراراً تنفيذيّاً يحظر منع إصدار تأشيرات لدخول اللاجئين من 7 دول إسلامية هي سوريا وإيران والعراق وليبيا والصومال والسودان واليمن إلى بلاده، بعد أن دعا في كانون الأول 2015، للإيقاف الكامل والتام لدخول المسلمين إلى أمريكا، ورغم ذلك ما زال هذا القرار المثير للجدل داخل أروقة المحاكم الأمريكية ولم يتم البت به بشكل نهائي حتى الآن.
وعلى المستوى العالمي، توعّد ترامب بالانسحاب من اتفاقية المناخ في حال فوزه، وفي حزيران الماضي وقّع ترامب قراره القاضي بإخراج بلاده من الاتفاق الدولي وقال إنه "من أجل أداء واجبي في حماية أمريكا وشعبها، فإننا سنخرج من اتفاقية باريس، ولكننا سنبدأ مفاوضات حول إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد، يكون أكثر عدلًا"، ووصف الاتفاقية، التي تقيّد بعض النشاطات الاقتصادية المضرّة بالبيئة، بأنها ظالمة لأقصى حدّ تجاه بلاده.
ومن ضمن وعود ترامب الانتخابية إلغاء اتفاقيتي الشراكة الأطلسية والتجارة الحرّة لكن الخبراء يؤكدون أن هذا النوع من الاتفاقيات لا يشمل فقط الضرائب، بل أيضاً حماية الملكية الفكرية وحماية الاستثمارات، وفي العقود الماضية استثمرت شركات أمريكية مليارات الدولارات في المكسيك وكندا، وحتى الآن فرض ترامب ضرائب على شركات الصلب ما هدد بحرب تجارية بين الصين والاتحاد الأوروبي من جهة وأمريكا من جهة أخرى.
كذلك ألغى ترامب، كما توعّد، "نظام الرعاية الصحية" الذي أقرّه "باراك أوباما"، والمعروف بقانون "أوباما كير"، على الرغم من اعتبار كثيرين أن نظام أوباما للتأمين الصحي كان أبرز إنجازات أوباما، وبذلك ترك ترامب ملايين الأمريكيين دون تأمين صحي.
كما توعّد الرئيس الأمريكي الحالي خلال حملته الانتخابية بناء جدار فاصل بين أمريكا والمكسيك لمنع تدفّق المهاجرين، إلا أن وعده ما زال يقابل بالرفض، وسط تجديد دعواته المستمرة ببنائه وتأكيده على بنائه، متوعداً بإجبار المكسيك على دفع تكلفة بناء ذلك الجدار.
وبخصوص الاتفاق النووي أعلن ترامب انسحاب بلاده رسمياً من الاتفاق النووي الموقّع بين إيران ومجموعة الـ 5+1 في فيينا عام 2015، وزعم ترامب، في كلمة ألقاها أمس الثلاثاء حول دور واشنطن في الاتفاق النووي مع إيران، أن هذه الصفقة "هائلة" و"تسمح للنظام الإيراني بمواصلة تخصيب اليورانيوم"، بحسب وصفه.
ومن بين الوعود التي أطلقها ترامب خلال حملته الانتخابية عزمه إجبار دول مجلس التعاون على دفع مزيد من الأموال كتعويض على الحماية الأمريكية لهذه المحميات، وقال ترامب في عام 2015، "إذا كانت السعودية التي تكسب مليار دولار كل يوم من عائدات النفط تحتاج إلى مساعدتنا وحمايتنا، فإن عليها أن تدفع ثمناً كبيراً، لا فطائر مجانية"، ولتنفيذ وعوده زار ترامب السعودية، في أيار الماضي، والتقى خلالها الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد محمد بن سلمان، ووقّع معهما اتفاقيات وصفقات تجاوزت قيمتها 400 مليار دولار، وافتخر ترامب في أكثر من مناسبة بقدرته على استنزاف هذه الدول النفطية مالياً، والحصول على مليارات الدولارات من السعودية والإمارات وقطر على وجه التحديد وتوظيف أكثر من 2 مليون عاطل عن العمل في أمريكا.
كما توعّد ترامب بذبح ما أسماها البقرة الحلوب "النظام السعودي" بعد أن يجفّ حليبها، وأشار إلى أن هذه "البقرة" تدرّ ذهباً ودولارات بحسب الطلب الأمريكي، مطالباً النظام السعودي بدفع ثلاثة أرباع ثروته كبدل عن الحماية التي تقدّمها القوات الأمريكية للسعودية داخلياً وخارجياً، مضيفاً:" إن آل سعود يمثّلون "البقرة" ومتى ما جفّ ضرع هذه البقرة نأمر بذبحها أو نطلب من غيرنا ذبحها أو نساعد مجموعة أخرى على ذبحها وهذه حقيقة يعرفها أصدقاء أمريكا وأعداؤها وعلى رأسهم آل سعود"، فهل ينفّذ ترامب هذا التعهد قبل نهاية ولايته الرئاسية خاصة مع المؤشرات الاقتصادية التي تؤكّد انخفاض الصندوق السيادي في السعودية وفرض ولي العهد السعودي ضرائب على الموطنين لاستمرار إمداد ترامب بالحليب.