الوقت – في غفلة من الزمن أنشأ المستعمرون الكيان الصهيوني في منطقتنا، ولم تفلح الاحتجاجات والمواجهات والحروب في محو هذا الكيان اللقيط بسبب الدعم الأمريكي والغربي اللامحدود لتل أبيب وخيانة أنظمة عربية رجعية، لكن الصراع مازال مفتوحاً.
وتواصل حركات المقاومة الفلسطينية الكفاح والنضال المسلح فيما يستخدم الكيان الصهيوني كل أنواع الأسلحة المتوافرة لديه ومنها الأسلحة غير النارية والناعمة أيضاً مثل التغلغل والنفوذ الناعم في أوساط الفلسطينيين حيث يجري هذا التغلغل بعيداً عن الأضواء إلى حد كبير.
ويسلط التقرير التالي الضوء على أسلوب من أساليب الصهاينة للنفوذ إلى الداخل الفلسطيني للإطاحة بالفلسطينيين وهو "الحرب الناعمة" التي كان الاستعمار والمستعمرون يستخدمونها للدمج الاجتماعي الذي يسميه الصهاينة "أفران الانصهار".
مشروع السلام
التغلغل الناعم قد أصبح أسلوباً صهيونياً متبعاً في الضفة الغربية خلال السنين الأخيرة، ويتبع الصهاينة ما فعله الأمريكيون بحق الهنود الحمر وما فعله الفرنسيون بحق المهاجرين اللاجئين، وقد أسس الرئيس الأسبق للكيان الصهيوني شيمون بيريز لهذه الغاية "مركز بيريز للسلام" في عام 1996 وقيل إن الهدف من تأسيسه هو إشاعة ثقافة "السلام" بين شعوب المنطقة لكن الهدف الرئيسي كان تدجين فلسطينيي الضفة الغربية ومن ثم قطاع غزة.
ويركز هذا المركز نشاطه على الأشخاص البالغين من العمر ما بين 8 سنوات و25 سنة وفيه نشاطات تعليمية وطبية وفنية ورياضية وبيئية وزراعية.
وكان من أهم نشاطات مركز بيريز إنشاء مراكز رياضية مختلطة منذ عام 2002 وقد وجدت عدة مدارس مختلطة للتلاميذ العرب واليهود لكرة القدم و كرة السلة وكرة الطاولة والكريكت للبنين والبنات البالغين من العمر ما بين 10 سنوات و 18 سنة، وقيل إن الهدف هو كشف المواهب الرياضية للأطفال واليافعين العرب واليهود وبث روح العمل الجماعي وتقبّل الآخر والتعايش السلمي والتمهيد للسلام والأمن في فلسطين المحتلة ومن ثم في دول المنطقة، حسب زعمهم.
وفي هذه المدارس يتعلم العرب العبرية ويتعلم الصهاينة العربية، بغية إيجاد علاقات اجتماعية مستديمة بين التلاميذ ويبدأ التلاميذ العمل على الفيسبوك لبناء علاقات بين الفلسطينيين واليهود ومن ثم بين كل شبان الدول العربية واليهود.
ويدعي مركز بيريز للسلام أن عدد الأعضاء الضالعين في هذا المشروع حتى الآن بلغ 120 ألف شخص وهم لا يكتفون فقط بالتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي بل شاركوا في مجموعة من المعارض الدولية التي أقيمت تحت عنوان "الاقتصاد والسلام الاقليمي".
ويقيم مركز بيريز للسلام ورشات تعليمية مشتركة في مجال الحواسيب والانترنت لتشجيع الأعضاء على تقديم حلول سلمية للنزاعات ومنها الصراع العربي الصهيوني، كما عمد هذا المركز مؤخراً إلى افتتاح مراكز تدريب على الحواسيب في مناطق مختلفة من الضفة الغربية وشعارها "التدريب على الحواسيب من أجل السلام".
الثقافة والفن
ومن المجالات الأخرى التي ينشط فيها مركز بيريز للسلام هو مجال الثقافة والفن حيث أقيمت مشاريع بمشاركة فنانين يهود وفلسطينيين شملت مسرحيات للأطفال بشكل هادف لتغيير المفاهيم لدى الأطفال الفلسطينيين والعرب واستبدالها بأطر فكرية غربية وصهيونية، كما أن هناك نشاطات حتى على مستوى الحضانات التي تحتضن أطفالاً فلسطينيين ويهود بشكل مشترك.
ومن المشاريع الأخرى للمركز نجد مشروع " طبيب في خدمة السلام" حيث يستغل الصهاينة فقر العائلات الفلسطينية في الضفة الغربية ويقدمون لها الرعاية الطبية المجانية بهدف التطبيع، كما أن هناك أيضاً مشاريع مشتركة يديرها المركز بين الفلسطينيين واليهود في الحقول الزراعية وأحواض تربية الأسماك وغيرها.
لماذا تفشل كل هذه المشاريع في إيقاف المقاومة؟
يعلم الصهاينة أكثر من غيرهم أن الفشل هو المصير الحتمي لمشاريعهم التطبيعية من هذا النوع، لأن هذه السياسات والحرب الناعمة التي يشنونها هي سياسات ظالمة تثير ردة فعل الفلسطينيين، إن الصهاينة يتحدثون عن السلام في وقت تحوّل قنابلهم وصواريخهم أجساد الأطفال الفلسطينيين إلى أشلاء متفحمة فيما تدرب السلطات الصهيونية حتى الأطفال في المدارس الابتدائية الصهيونية على الأسلحة الحربية وذلك حسب اعتراف صحيفة يديعوت احرونوت.
ويرى العالم بأم عينه كيف يسيل الدم الفلسطيني في مسيرات العودة بفعل رصاص الجنود الصهاينة الذين يستهدفون الأطفال الفلسطينيين عمداً وبهدف القتل، وبقليل من التدقيق نجد بأن معظم شهداء الانتفاضتين الفلسطينيتين هم من الأطفال واليافعين والشبان وهم الجيل الذي ظن الصهاينة بأنهم يستطيعون حرف أفكاره وإرغامه على التطبيع والتفريط بالحقوق.