الوقت - في أجواء زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى بريطانيا ازداد الحديث عن صفقات سرية قد تتجاوز المئة مليار دولار لبيع أسلحة بريطانية للسعودية. ولأنه لا يمكن الفصل بين تسلّح السعودية وبين حربها الشعواء على اليمن، يضع الرأي العام دوماً صفقات المملكة تحت المجهر. حول ذلك أدلى الخبير الإيراني في الشؤون الدولية الدكتور سعد الله زارعي بتصريح لموقع الوقت الإخباري، تحدّث فيه عن صفقات السلاح وما تحويه، وما يمكن أن تجلبه من تبعات على المملكة البريطانية.
في البداية علق زارعي على الصفقة قائلاً: "مسألة بيع السلاح البريطاني للسعودية ليست جديدة، ففي الزيارة الأخيرة لرئيسة الوزراء البريطانية ومعها وزير دفاعها إلى السعودية تم توقيع العديد من الاتفاقات التي تخطّت الأربعة مليارات دولار، وبريطانيا أيدت ذلك بشكل رسمي. بالتالي لم يكن الموضوع مخفيّاً. لكنّ الصورة اليوم، وخصوصاً في الداخل البريطاني، تنذر باحتمالية أن تتضمّن الصفقة أسلحة محرّمة دوليّاً وممنوعة من البيع."
وتابع زارعي: "الأسلحة المدمّرة لها تبعات طويلة الأمد وأسلحة الدمار الشامل أحد هذه الأسلحة التي تخلف وراءها أعداداً هائلة من الضحايا المدنيين. هذه نقطة سوداء جديدة توضع على الملف البريطاني، حول قضية اليمن."
وأضاف: "المسألة الثانية هي توقيت انتشار هذه الأخبار، فهي في أجواء سفر المسؤول عن حرب اليمن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى بريطانيا، وفي وقت أعلنت فيه بريطانيا أنه لا وجود لحلّ عسكري لمسألة اليمن، بل يجب حلّها سياسياً، ما يؤكد أن بريطانيا وصلت إلى نتيجة مفادها أن الحرب على اليمن وصلت إلى طريق مسدود ولن تصل السعودية لأهدافها. في أجواء كهذه، فعندما يجري الحديث عن أسلحة جديدة وأسلحة دمار شامل تخطر فكرة إلى الأذهان مفادها أن السعودية ومعها بريطانيا تخططان لضربة قاضية ضد اليمن ينهون بها هذا العدوان. بالتالي هناك تزامن بين الحديث عن هذا النوع من الأسلحة، وإنهاء الحرب على اليمن، ما يذكّرنا بالأسلوب الذي يعتمده الصهاينة، حيث يعمل كيان الاحتلال تبعاً لنظرية إنهاء الحرب بأقصى مستوى من الإجرام، وذلك عند فشله بتحقيق أهدافه منها، كما فعل في مجزرة قانا الثانية في حرب تموز على لبنان، والتي أودت بحياة العشرات من النساء والأطفال الأبرياء، وجاء بعدها قرار مجلس الأمن 1701 القاضي بوقف العمليات العسكرية. كما حصل ذلك في عدوان غزة الأخير أيضاً، حيث ارتكب الصهاينة مجزرة بحق النساء والأطفال الذين كانوا موجودين في مدرسة للأونروا، وأوقفت الحرب بعدها. اليوم نحن قلقون من أن تقدم بريطانيا ومعها السعودية على ارتكاب مجازر وحشية بحق الشعب اليمني."
كما رأى زارعي أن الدعم البريطاني للسعودية في مجال التسليح، لن يفيد المملكة السعودية، ولن يكون له تأثير في مجريات الحرب، كما أن ارتكاب الجرائم لن يغير شيئاً من الواقع، "وستبقى العاصمة وسواحل البحر الأحمر تحت سيطرة اليمنيين، وأنصار الله لا يزعزع مكانتهم أحد."
ومن وجهة نظر الخبير الإيراني "تعمل السعودية عبر إشراك بريطانيا في جرائمها، على التملّص من أي عواقب مستقبلية، فأي مطالبة للسعودية، ستتبعها مطالبة لبريطانيا. بالتالي ما سيحصّله ابن سلمان في الصفقة المزمع عقدها، والتي تحوي أسلحة غير مألوفة حسب التقارير، هو تقسيم المسؤولية الأخلاقية بين البلدين، والحيلولة دون قيام أي من الجهات العالمية المعنية بحقوق الإنسان، بمساءلة السعودية بسبب جرائمها."
وأكد زارعي أن الحديث عن صفقات بهذه المبالغ الطائلة والكتمان الذي يحيط بها يؤكّد أنها تحوي أسلحة غير مشروعة. معتبراً أن "العلاقة بين الدولتين قديمة ووثيقة، والسعودية ترى نفسها ابنة لبريطانيا، التي ساهمت بتأسيس مملكتها في العام 1931، حيث كان يسكن آل سعود في منطقة نجد فقط، وبمؤامرة بريطانيا توسعوا واستطاعوا الوصول إلى ما هم عليه."
وفي ختام كلامه شدد الدكتور زارعي على أن "بريطانيا يجب أن تخجل من نفسها، ومن كونها داعمة للسعودية في قتل الأبرياء والأطفال"، مؤكداً أنه "عندما يكون المستهدف شعباً فقيراً أعزل، حتماً سيكون للموضوع تبعات أخلاقية وقانونية، وستثير غضب العالم الإسلامي لا محالة، وإذا ربحت بريطانيا 4 مليارات من صفقات الأسلحة، ستخسر في مقابلها عشرات المليارات بسبب غضب العالم الإسلامي منها، بالإضافة إلى ما سيخسره الحزب الحاكم في الداخل البريطاني، فأي إفشاء لما تحويه صفقات السلاح بين المملكة البريطانية والسعودية، كفيل بالضغط على رئيسة الوزراء وحزبها."