الوقت- 6 أيار 2018، في هذا التاريخ سيتوجه اللبنانيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب ممثليهم في المجلس النيابي بعد أن تأجلت الانتخابات 3 مرات لأسباب وصفت بالأمنية. إلا أن الملفات الأمنية تعود مرة أخرى هذه الأيام لتتداخل والانتخابات على الخريطة السياسية اللبنانية، فباتت الصورة أكثر ضبابية حول قدرة الدولة على مواجهة الاستحقاقات الداهمة. لم يعد خافياً على أحد من اللبنانيين أن هناك محاولات خارجية لتأجيل الانتخابات اللبنانية ولو لبضعة أشهر، ويربط محللون هذه المساعي بالحسابات المشتركة لهذه الدول على المستويين اللبناني والإقليمي، وخصوصاً أن الحلف الداعم للتأجيل لم يغير من أجندته باستهداف محور المقاومة على مستوى كل الساحات العربية بدءاً من حزب الله في لبنان.
-زعزعة الأمن..
تؤكد مصادر أمنية رفيعة المستوى أن خلفيات هذه المساعي من جانب واشنطن والرياض وتل أبيب يمكن ملاحظتها في أكثر من محاولة لاستهداف الأمن الداخلي للبنان وأبرزها الآتي:
-اختطاف رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري في السعودية ووضعه تحت الإقامة الجبرية وإجباره على الاستقالة في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، بهدف إذكاء الفتنة الداخلية في البلاد. لتأتي بعدها محاولة إسرائيل لاغتيال النائبة بهية الحريري عمّة سعد الحريري حيث اعترف الضابط المسؤول عن العملية أنّه بعد استقالة الحريري، طلب منه الفار من وجه العدالة وليد حسن ناقوزي المقيم في "إسرائيل"، العمل والتخطيط لاغتيال النائب بهية الحريري لافتعال خضّة في الداخل اللبناني" وذلك في سبيل تكرار سيناريو 2005 إثر اغتيال الرئيس الحريري، ونجاح قوى الرابع عشر من آذار في استثمار دماء الحريري بما يخدم مشروعها السياسي.
-محاولة اغتيال القيادي في حركة حماس بصيدا، محمد حمدان، في 14 كانون الثاني/يناير 2018، حيث كشف الأمن اللبناني أن استخبارات الاحتلال لم تكتف بتكليف عملاء محليين لارتكاب الجريمة، حيث كشفت تحقيقات فرع المعلومات عن وجود ضابطين إسرائيليين، أحدهما سيدة زرعت العبوة، والثاني رجل فجرها، ثم غادرا لبنان، واستخدما جوازات سفر جورجية وسويدية وعراقية.
-وكشفت معلومات أمنية الأسبوع الماضي أن لبنان قد نجا من مسلسل إرهابي خطير خلال الأشهر الأخيرة، التي شهدت جهداً أمنياً استثنائياً مَكّن الأجهزة الأمنية من الإطباق على مجموعات إرهابية كبيرة جداً، وفق ما أشارت صحيفة "الجمهورية. وأفادت المعلومات في هذا المجال أنه خلال هذه الفترة تمكّنت مديرية المخابرات في الجيش من الإطباق على أعداد ضخمة من الإرهابيين وتوقيفهم، واللافت أنّ عددهم يزيد عن الألفي إرهابي.
-الأهداف..
ويرى محللون سياسيون أن محاولات زعزعة الاستقرار الأمني في لبنان هي من أجل إبقاء الساحة اللبنانية كورقة ابتزاز في وجه حزب الله، حيث يدرك أصحاب المحور الأمريكي بأن إجراء الانتخابات في أيار المقبل سيؤدي حكماً إلى خسارة حلفاء أمريكا والسعودية للأكثرية في مجلس النواب ولا سيّما أن المؤشرات تؤكد تقدّم حزب الله وفق القانون الجديد.
وفي هذا الإطار، فعّلت واشنطن والرياض ومن خلفهما العدو الإسرائيلي من تحركاتهما على الساحة اللبنانية وذلك للحدّ من تراجع حلفائهم، حيث يسعى السفير الأمريكي في لبنان إلى إثارة الفتن من خلال محاولة اختلاق أكبر قدر ممكن من التصعيد السياسي لإرباك حزب الله في الداخل اللبناني. وعلى خط موازٍ، سترسل السعودية في الأيام القادمة وفداً إلى لبنان يترأسه نزار العلولا، والذي يصطحب معه القائم بالأعمال السابق وليد البخاري، ليجولا معاً على عدد من سياسيي 14 آذار (كرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع والوزير السابق أشرف ريفي)، وذلك من أجل ترتيب لوائح الحلفاء للحدّ من خسائرهم، وذلك عبر ممارسة الضغوط على رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لكي يعيد النظر في تحالفاته الانتخابية وبما يؤدي إلى تحالفه مع القوى التي كانت منضوية سابقاً داخل فريق 14 أذار.
في المقابل ورغم التهديدات الأمنية، يبدو أن حزب الله مرتاح لوضعه الانتخابي حيث لا يعيش حالة الارتباك والتخبط التي يعيشها الآخرون، وإنه حسم المعركة والنتائج من الآن، ومن دون الحاجة إلى انتظار الانتخابات، فقد حسم حزب الله تحالفه مع حركة أمل، وتشير معطيات سياسية أن الطائفة الشيعية هي الطائفة الوحيدة التي ربما لا تشهد تغيرات كبيرة على مستوى تمثيلها في المجلس النيابي بحيث يحوزان على 33 نائباً في البرلمان الجديد بينما في المقابل إن أكثرية الدوائر مرجح لها أن تشهد معارك ساخنة حتى بين من كانوا داخل الفريق الواحد، وذلك بسبب التأييد الشعبي الكبير للتحالف الاستراتيجي بين حزب الله وحركة أمل في جميع الدوائر الانتخابية.
في الختام، يجب التذكير أن لبنان قد نجا من عدة سيناريوهات أمنية خطيرة وذلك لأسباب عديدة من بينها حكمة رئيس جمهوريته ميشيل عون الذي لعب دوراً كبيراً في إخماد الفتنة التي كادت أن تشتعل بعد اعتقال سعد الحريري في الرياض، كما يجب أن نذكر المعادلة الذهبية " جيش شعب مقاومة" والتي بفضلها أصبح لبنان عصياً أمام الأطماع الإسرائيلية، ولكن يجب التحذير في الوقت نفسه من أن المشروع الإسرائيلي لزعزعة استقرار لبنان سيستمر فقد نشهد اغتيالات مقبلة ستسعى إسرائيل لاتهام حزب الله بالوقوف خلفها بغية إشعال حرب أهلية جديدة في لبنان وإشغال حزب الله بالداخل اللبناني.