الوقت - حذر عدد كبير من الاقتصاديين والمحللين الماليين في الأسابيع الأخيرة من أن مستوى التضخم في الاقتصادات الكبيرة قد يزداد بنسبة اكثر من 2 الى 3 في المئة هذا العام الامر الذي فسرته البنوك المركزية بـ "المناسب" بالنسبة للدول المتقدمة، ومع ذلك، فإن المسؤولين الأمريكيين يشعرون بالقلق إزاء الزيادة غير المتوقعة في مستوى الأسعار، وهذا بالطبع يعيد مرة أخرى الى الاذهان انعكاسات الأزمة الاقتصادية التي ضربت العالم في عام 2008.
وتجدر الاشارة هنا إلى أن اكبر البورصات في الولايات المتحدة واوروبا وشرق آسيا اعلنت يومي الاثنين والثلاثاء الفائتين تحطما غير مسبوق في سوق الاسهم منذ السنوات التي تلت اكبر انخفاض في الاسهم في آب / اغسطس 2011، حيث انخفضت الأسهم 1600 درجة في مؤشر الدولار الأمريكي يوم الاثنين، وبهذا انخفضت قيمة البورصات الأوروبية والآسيوية بشكل حاد يوم الثلاثاء.
ووفقا لتقارير وسائل الاعلام التي نقلت هذه الضربة الاقتصادية، فان بورصة باريس انخفضت 3/43، وبورصة لندن هوت الى 3/5 وسوق فرانكفورت للاوراق المالية انخفض ايضاً بنسبة 3/58 في المئة -هذه الأرقام تنذر بانهيار أسواق الأسهم في عام 1987 والأزمة المالية عام 2008- وفي شرق آسيا شهدت أسواق البورصة والاسهم نفس الاتجاه في قيمة سوق الأوراق المالية فشهدت بورصة هونغ كونغ انخفاضاً بقدر 5 في المئة، وفي طوكيو بقدر 37.4 في المئة، وفي شنغهاي حوالي 3 في المئة، وسط تأكيد الخبراء الاقتصاديين بأن هذه الحالة المظلمة لسوق الأوراق المالية ستستمر حتى نهاية هذا الأسبوع.
ويتزامن هذا التضخم في سوق الأوراق المالية في البلدان الصناعية القوية مع مواجهة الاقتصاد الأمريكي ارتفاعا هائلا في أعقاب تولي الرئيس الحالي دونالد ترامب، حيث اعتمد ترامب مرارا على النمو الاقتصادي للولايات المتحدة على مدى عام كدليل رئيسي لنجاحه في الرد على النقاد، وسط ما شهدناه من ضغوط سياسية منذ سقوط سوق الاسهم خلال اليومين الماضيين.
وفي اعقاب انخفاض اسعار الاسهم في بورصة نيويورك، حث البيت الابيض المساهمين على الامتناع عن اتخاذ اجراءات متسرعة، مؤكدا لهم انهم سيشهدون قريبا نتائج ملموسة للسياسات الحكومية في تحسين الظروف الاقتصادية، وقال البيت الابيض في بيان له: "ان الرئيس يركز على الاسس طويلة الاجل للاقتصاد، وهي أسس قوية للغاية بشكل استثنائي، بما في ذلك تعزيز النمو الاقتصادي الامريكي وانخفاض البطالة وارتفاع الاجور للعمال الامريكيين".
وقال البيان إن "خطة خفض الضرائب والتعديلات التنظيمية التي يريدها الرئيس ستزيد من توسيع الاقتصاد الامريكي وستزيد من مستوى الرخاء والازدهار للشعب الامريكي".
وترامب الذي تحدث في حملته الانتخابية عن خفض الضرائب على الشركات ورفع مستويات الأجور، قد قدم مشروع قانون لمراجعة فاتورته الضريبية قبل عيد الميلاد، والتي وافق عليها النواب، وبموجب هذا القانون، سيتم ضخ أكثر من تريليون دولار (710 مليار جنيه استرليني) في الاقتصاد الأمريكي، ومعظمها سيكون في شكل تخفيضات ضريبية للشركات، وبالطبع ووفقا لهذه الخطة، وعدت العديد من الشركات بزيادة رواتب عمالها.
على مدى السنوات الأربع الماضية، سعى الاقتصاد الأمريكي إلى توفير 10 ملايين فرصة عمل الامر الذي نتج عنه انخفاض معدل البطالة إلى أدنى مستوى منذ عام 2000، حيث كانت التوقعات حينها تبشر بزيادة في معدل الأجور وسجلت أكثر من نصف الولايات المتحدة نموا بنسبة 3 في المئة أو أكثر على مستوى الأجور.
ولكن وقبل بضعة اسابيع حذر الاقتصاديون والمحللون من ان مستوى التضخم في الاقتصادات الكبيرة قد يزداد بنسبة أكثر من 2 الى 3 في المئة هذا العام، ومع ذلك، فإن المسؤولين الأمريكيين يشعرون بالقلق إزاء ارتفاع مستوى الأسعار.
وبالنظر إلى هذا الوضع الاقتصادي المزري، فمن المرجح أن السلطات المالية لبعض هذه البلدان قد ترفع أسعار الفائدة من أجل منع التضخم، وهو أداة مشتركة لمعالجة التضخم في إطار السياسة النقدية العالمية.
وبالطبع تعني هذه الزيادة زيادةً في أسعار الفائدة والودائع والاستثمارات في سوق الأسهم، خاصة وأن الودائع عادة ما تكون أكثر استقرارا وأمنا من شراء وبيع الأسهم.
وبناء على ذلك، فإن التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة دفعت المساهمين إلى بيع الأسهم الورقية والاستعداد للإيداع بمجرد أن ارتفعت أسعار الفائدة وأسفرت عن هبوط أسعار الأسهم.