الوقت - لم تزل السعودية تحاول التشويش على البرنامج النووي الايراني وعلى المفاوضات الجارية بشأنها، فبعد محاولات السعودية العقيمة للتأثير على سير هذه المفاوضات جاءت تصريحات السفير السعودي في لندن محمد بن نواف بن عبد العزيز الذي قال لصحيفة دايلي تلغراف إن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، ما أثار سخرية بعض الخبراء والكتاب والمحللين في الغرب، حيث رد عليه الكاتب الامريكي فريد زكريا قائلا ان السعودية لاتستطيع بناء قنبلة ذرية وان الذي تجيده السعودية فقط الثقب في الارض لاستخراج النفط.
وأضاف الكاتب في مقاله بصحيفة
"واشنطن بوست" الأمريكية أن السعودية لن تقوم بتأسيس برنامج نووي لها،
لأنها ببساطة مازالت حتى الآن لم تستطع أن تقوم بتصنيع سيارة، ويمضي زكريا
قائلا: إن السعودية يمكنها حفر ثقوب في الأرض لاستخراج النفط وليس أكثر، وتمثل
عائدات النفط نسبة 45 بالمئة من منتجاتها المحلية وهو رقم عال مقارنة مع دول نفطية
أخرى مثل نيجيريا وفنزويلا. ومن ناحية عائدات الحكومة تعتمد السعودية بنسبة 90
بالمئة على الثروة النفطية، فرغم سنوات من الإستثمارات الحكومية الضخمة والدعم
الكبير والطاقة الرخيصة لا تتجاوز مساهمة التصنيع في الدخل السنوي العام لها عن 10
بالمئة.
ويثير الكاتب تساؤلات حول الكيفية التي ستقوم بها السعودية بتدريب الفنيين
والعلماء لإدارة مشاريع علمية سرية فالنظام التعليمي "الرجعي" كما يصفه
لا يساعد على هذا، وتأتي السعودية في المرتبة 73 من ناحية التحصيل الدراسي العالي
في الرياضيات والعلوم حسب تصنيف منبر الإقتصاد العالمي وهي مرتبة متدنية بالنسبة
لبلد غني، فيما جاءت إيران في المرتبة 44 مع أن الدخل السنوي العام للفرد أقل
مقارنة مع السعودية ورغم الحصار المفروض عليها منذ عدة عقود.
وتساءل زكريا عن قوة العمل التي تريد العمل في الصناعة النووية السعودية
المتخيلة ويحيل إلى ما كتبته كارين إليوت هاوس المحررة السابقة لـ "وول ستريت
جورنال" التي قالت ان واحدا من كل ثلاثة في سوق السعودية هو أجنبي وان
اثنين من كل ثلاثة ممن لديهم وظائف هم من الأجانب، وفي القطاع الخاص الذي يعاني من
فقر الدم تسعة من بين كل عشرة لديهم وظائف هم غير سعوديين وباختصار فالسعودية هي
مجتمع فيه الكثير من الرجال لا يريدون العمل في الوظيفة ومجتمع لا يسمح فيه للمرأة
بالعمل ونتيجة لهذا فمعظم العمل يقوم به الأجانب.
ويرفض زكريا الحديث عن الحزم المتزايد للسعودية والذي وصفه البعض بالإستراتيجي مشيرا
إلى أنه في الحقيقة رد عاطفي وتعبير عن جزع يتغذى من المشاعر المعادية لإيران،
وكمثال عن التصرفات السعودية المتسرعة يذكر رفض السعودية لمقعد في مجلس الأمن
(تشرين الأول/اكتوبر 2013) الذي حصلت عليه بعد سنوات الحملات التي كلفتها ملايين
الدولارات وبررت تخليها عن المقعد بأنه جاء احتجاجا على السياسة الأمريكية في
المنطقة.
وحتى في الحملة الأخيرة على اليمن يرى زكريا أنها لم تحقق أهدافها وينقل ما قاله بروس ريدل بأن الحملة الجوية والدمار للبنية التحتية قد "خلق أضغانا بين اليمنيين وجيرانهم من الدول الخليجية الغنية مما سيسمم العلاقات بين الطرفين لسنوات قادمة، فلطالما حنق اليمنيون على جيرانهم الأثرياء والآن ربما رغبوا بالإنتقام.
ويضيف فريد زكريا: وحتى لو حاول السعوديون شراء السلاح النووي سرا فسيكونون عرضة للعقوبات الدولية والحملات الإنتقامية ولأن السعودية تعتمد كثيرا على الأجانب وشركاتهم الذين يقومون ببناء البنية التحتية ويشترون نفطها ويصدرون إليها بضائعهم، ففي حالة فرض عليها الحصار كإيران وكوريا الشمالية فسينهار اقتصادها.
وتناول فريد زكريا ما يقال عن تعاون سعودي- باكستاني نظرا للدعم الذي قدمته الرياض للمشروع النووي الباكستاني وقال: هذا صحيح لكن حكومة إسلام أباد واعية كثيرا للمخاطر التي قد تنتج عن تعاون مثل هذا. وقد رفضت الباكستان في نيسان/إبريل دعم السعودية في اليمن.
ويتكهن زكريا بالقول إن السعودية بعد عشرة أعوام من الآن لن تمتلك السلاح النووي مهما حصل مع إيران والمحادثات الجارية حول ملفها والسبب هو أن السعودية "غير قادرة"، ويضيف "وفي النهاية فما يقلق السعودية ليس الملف النووي الإيراني ولكن تداعياته وخروج طهران قوية بعد الإتفاق".