الوقت- حول ما تناقلته وسائل الإعلام من شروط وضعها رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري للتراجع عن الإستقالة، التي بات الجميع متفّق أنه أرغم عليها، والتي نضمّنت "صون اتفاق الطائف، والتطبيق الفعلي للنأي بالنفس، وعدم الإضرار بالعلاقات مع الدول العربية"، كان لموقع الوقت الإخباري اتصال هاتفي مع المحلل السياسي الدكتور نسيب حطيط.
إعتبر حطيط خلاله أن "وفق المسار التي تتّخذه السعودية وبعض حلفائها أو أدواتها في لبنان أصبح اتّفاق الطائف مهدّدا لأن ما تقوم به السعودية ألغى شراكة الطائفة السنيّة في لبنان في العملية السياسية، وإن الطائف نتيجة عدم تطبيق الكثير من مندرجاته في لبنان، ونتيجة الفوضى السياسية التي افتعلتها السعودية، أضعف المكوّن السني في لبنان فأصبحت مصالحه بالشراكة السياسية مهددة وهذا ما حاول الرئيس الحريري رفعه، وأي إضعاف لدوره في لبنان هو إضعاف للطائفة السنية وبالتالي يعرّض إتفاق الطائف الى إعادة صياغة نظام تأسيسي جديد في لبنان، وهذا ما كان يتهم به حزب الله خلاف الواقع، ولكن نتيجة فشل الإدارة السعودية يمكن أن يؤدي إلى إعادة صياغة نظام تأسيسي في لبنان."
وتابع: "شرط الرئيس الحريري يمكن النظر إليه وكأنه شرط باتجاه السعودية أكثرمن كونه من الداخل اللبناني، فلا الثنائية الشيعية، حركة أمل وحزب الله، ولا المسيحيين قد طرحوا عملية إلغاء الطائف، لأن إلغاءه سيؤدي إلى المثالثة السياسية، بين الشيعة والسنة والمسيحيين، بدل الستة وستة مكرر، أو المناصفة بين المسلمين والمسيحين، من هنا يطرح الرئيس الحريري هذا الشرط، بوجه السعودية، أنه إذا كان هناك نيّة للحفاظ على المكاسب السياسية للطائفة السنية، علينا الإحتفاظ بإتفاق الطائف الذي تهددونه من الخارج ولا يهدّد من الداخل."
وحول نزع سلاح الميليشيات الذي تضمّنه اتفاق الطائف قال حطيط: "إن نزع سلاح الميليشيات هو جزء من اتفاق الطائف، ولكن عندما أقر الإتفاق كان نتيجة لتسوية الحرب الأهلية اللبنانية، ومن ضمن هذا السياق تمّ إدراج بند نزع سلاح الميليشيات، لكن تمّ التوافق أيضا في البيانات الوزارية وضمن الدستور اللبناني، على حق اللبنانيين حكومة وشعبا بالدفاع عن أرضهم، واستثنيت المقاومة من عبارة الميليشيا في الحرب الداخلية اللبنانية، لأن المقاومة ضد إسرائيل لم تشترك في الحرب الأهلية وضمن لها الدستور والبيانات الوزارية وكذلك اتفاق الطائف تحرير ماتبقى من أراض محتلّة، وعلى هذا الأساس تم تحرير الجنوب اللبناني عام 2000، وإذا كان القصد من اتفاق الطائف نزع سلاح الميليشيات، فقد تمّ نزع سلاح الميليشيات ولا يمكن توصيف المقاومة بالميليشا لأنها لم تستعمل سلاحها في الداخل اللبناني، كما فعلت بقية التنظيمات المسلّحة التي شاركت في الحرب الأهليّة."
وحول علاقة لبنان بباقي الدول العربية وما تحدّث عنه الحريري: "المشكلة أن هذا الطلب يجب أن يوجّه إلى الدول العربية، لبنان لم يقطع علاقاته بالدول العربية، لم يصفها بالإرهاب، لم يهدد بتهديد السلم والإستقرار الأمني في الدول العربية، لبنان هو المتلقي والمهدّد، وبالتالي إن هذا الشرط يجب أن يكون باتجاه الدول العربية، أما المقاومة فهي تحفظ السلم والإستقرار نتيجة مشاركتها في مقاومة التكفير والإرهاب وعلى رأسه داعش، فتدخل المقاومة في الدول العربية كان تدخل على الإرهاب الذي صنّف في الامم المتّحدة والمؤسسات الدولية بأنه إرهاب، وبالتالي إن ذلك ليس تدخّلا سلبيا، وإنما تدخل إيجابي لمنع الإرهاب، من الدول العربية ودفاعا عن لبنان."
وعلّق المحلل السياسي اللبناني على تأكيد الرئيس الحريري على سياسة النأي بالنفس معتبرا أن ذلك "تلبية للمطالب العربية وغيرها، الجميع يعرف أن لبنان أولا حتى لو نأى بنفسه عن المحاور العربية، لن يعيش كجزيرة مستقلّة عن التهديدات الأمنية وما فعلته داعش وبعض التنظيمات التكفيرية، مثل النصرة، من سيارات مفخخة، ضد المدنيين في الضاحية الجنوبية، وفي عكار والهرمل وغيرها من المناطق اللبنانية، فمن يردع هذه التنظيمات! عندما احتلّت هذه التنظيمات وساعدها بعض اللبنانيين بالسلاح والغطاء السياسي باحتلال جرود عرسال ونحلة وجرود أخرى في البقاع، هل كان ذلك نأيا بالنفس! المطلوب من الدول العربية التي غزت اليمن، والتي بعثت الانتحاريين إلى العراق وسوريا ولبنان أن تنأى بنفسها عن التدخل ولا تفرض نفسها بمنع اللبنانيين من الدفاع عن أنفسهم، اللبنانيون لم يختاروا القتال في ساحات أخرى إنما اضطروا لأن الآخرين قد أرسلوا لهم التكفيريين، وبالتالي إن النأي بالنفس حتى لو أراده اللبنانيون، فلبنان ليس جزيرة داخل الإقليم، إنما الإقليم كساحة مشتركة ضد الإرهاب أو متلقّية للعمل التخريبي هو جزء من المنطقة ولا يمكن فصله، وإذا حيد لبنان نفسه فإن الآخرين لن يحيّدوه، وخاصة السعودية التي تدخّلت بشكل لم يسبقها أحد عليه، وفرضت الإستقالة على رئيس الحكومة واحتجزته، والدليل على ذلك أنه عندما عاد إلى لبنان تريّث في تقديم الإستقالة وتراجع عنها، على الأقل مؤقتا، ولم يتبنى الخطاب الذي اطلقه في الرياض."
وعن الآفاق السياسية في لبنان، في ظل هذه الشروط التي يمكن القول أنها تعجيزية ختم الدكتور نسيب حطيط كلامه قائلا: "هناك مهادنة سياسية ومحاولة لنقل الملف من أيدي السعودية، إلى الثنائية المصرية – الفرنسية، لأن الأمريكيين يعتبرون أن التدخل السعودي، أو إدارة السعودية لهذا الملفّ قد أعطى نصرا مجانيا لمحور المقاومة، وخسر الأمريكي ومحوره، أعتقد أن هناك شراء للوقت، لأن السعوديين يريدون مقايضة الملف اللبناني بالملف اليمني علّ أحدا ينقذهم من مأزقهم، وهم يستغيثون بطريقة استثنائية، فبدأوا طلب النجدة، ويحاولون إفتعال ساحات أخرى وربطها بالساحة اليمنية. أعتقد أننا في لبنان سنبقى في حالة من المراوحة، حتى يتمّ ربط اليمن بلبنان، وساحات المنطقة، وهنا لا بد من النظر إلى الساحة السورية وقمة سوتشي، ولقاء الأسد وبوتين أيضا والإنحياز التركي، في هذه المرحلة على الأقل، إلى التحالف الروسي - الإيراني - السوري."