الوقت- في أجواء التطورات على الساحة الفلسطينية، وحول موضوع المصالحة الأخيرة، كان لموقع الوقت الإخباري اتصال هاتفي بعضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين علي فيصل. جاء في تفاصيله:
الوقت: ما تعليقكم على المصالحة الوطنية الأخيرة التي تمّت بين حركتي فتح وحماس؟
فيصل: "إن موضوع استعادة الوحدة الوطنية، وبناءا على أهميته، هو أمر يجب ان لا ينحكم فقط للاتفاق بين حركتي فتح وحماس، وإن الأمور يجب أن تندفع نحو حوار وطني شامل تشارك فيه كافة فصائل العمل الوطني الفلسطيني وفقا للاتفاقات التي عقدت في القاهرة عام 2005 و2011، وانطلاقا من وثيقة الوفاق الوطني التي وضعها الأسرى المعتقلون في السجون الاسرائيلية. الاتفاق بين الطرفين هو أمر هام ولكن ينبغي عدم حصره حتى لا يجري تقاسم السلطة مرة أخرى وحتى لا تكون مؤسسات الدولة أسيرة الصراع الداخلي وللحؤول دون نفوذ هذا الفصيل أو ذاك. نحن نريد ان نؤسس لمرحلة جديدة تقوم على أساس بناء نظام سياسي ديمقراطي تتوفر فيه مقومات الشراكة الوطنية بين جميع مكونات الشعب الفلسطيني، وأن تقوم هذه الشراكة على أساس إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في السلطة وجبهة التحرير وننتخب مجلس وطني فلسطيني جديد بمشاركة الجميع على أساس قانون التمثيل النسبي الكامل الذي يؤسس إلى تعددية في إطار الوحدة الوطنية الفلسطينية، وأيضا تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم الجميع وتوفر مقومات الصمود للشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال والاتفاق على رؤية واستراتيجية سياسية واضحة ومحددة كسياسة بديلة للسياسة التي اتبعتها السلطة الفلسطينية بالرهان على المفاوضات وأيضا بديلة لسياسة الإخوة في حركة حماس، التي اعتقدت أن بمقدورها أن تدير قطاع غزة بمفردها، هذه سياسة تبعد الانفراد الذي مارسته السلطة الفلسطينية وقيادة منظمة التحرير الرسمية في إدارة العملية السياسية الفلسطينية وفي إدارة الشؤون الفلسطينية، وهي أيضا سياسة بديلة عن انفراد حركة حماس بإدارة قطاع غزة والتي ثبت عقمها."
وتابع: "إن ما يدفع إلى استعادة المسار الصحيح للوحدة الوطنية الحقيقية هو الحوار الوطني الفلسطيني الشامل والاتفاق على رؤية موحدة في السياسة والنضال، لا تكون أقل من انتفاضة شعبية شاملة في الضفة الغربية، وجبهة مقاومة موّحدة في قطاع غزة، وفكّ العلاقة مع العدو الصهيوني أيضا، أي التحرّر من اتفاقية اوسلو السياسية والأمنية والإقتصادية عملا بقرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية وعدم التعويل على المفاوضات مع العدو الإسرائيلي، التي تتم برعاية أمريكية، وبالتالي خوض معركة سياسية دبلوماسية قانونية أقتصادية على المستوى الدولي لمحاربة إسرائيل ومقاطعتها وسحب الاعتراف منها وفتح الطريق أمام قيام الدولة الفلسطينية المستقلة بعاصمتها القدس."
واعتبر أن "دعامة كل ذلك هي انتخابات برلمانية ورئاسية تأتي بقيادة جديدة لمنظمة التحرير الفلسطينية ومجلس وطني توحيدي يتبنى هذه الإستراتيجية ويتبنى خيار المقاومة والانتفاضة لأن ما أخذ بالقوة لا يستردّ إلا بالقوة، فاستراتيجية أوسلو أثبتت عقمها واستراتيجية الحركة الشعبية والمقاومة والانتفاضة أكدت حضورها ونجاحها على امتداد سنوات الصراع، ونموذج لبنان هو خير دليل على ذلك. أما عكس ذلك فسيعيدنا إلى مربع الانقسام وتقاسم السلطة من داخلها ويعيق التطور الديمقراطي لمؤسسات السلطة ومنظمة التحرير ويعيق الوصول إلى استراتيجية فلسطينية ويدفع القيادة الرسمية إلى العودة للمفاوضات."
وأضاف: "نحذر في هذه المرحلة من أن تكون هناك سياسة احتواء أمريكية، بسبب الخوف من الإنفجار في الضفة أو في غزة بعد الانتفاضة الحالية، بالتالي تحاول أمريكا أن تحتوي بشكل مزدوج السلطة والإخوة في حركة حماس حتى تهيء الظروف لتسوية إقليمية يكون الأساس فيها تطبيع العلاقات العربية - الإسرائيلية مما يتناقض مع المصلحة الوطنية الفلسطينية. الشعب الفلسطيني لن يقبل باستمرار اللجوء ولا بالتهويد والاستيطان، وهذا سيؤسس لانتفاضة شعبية عارمة، والمخرج يكون بالرهان على الشعب والمقاومة، ونحذر من السياسة التي تنحو نحو الاحتواء ونحذر من العودة إلى المفاوضات على قاعدة السياسة الأمريكية، علينا دعم مقاومتنا ومنع أمريكا من التفرّد بالمنطقة والقضية الفلسطينية."
الوقت: ما الذي دفع بالطرفين إلى اللجوء إلى خيار كهذا؟
فيصل: "إن كلا الطرفين وصلا إلى نتيجة مفادها أن هناك مأزق فلسطيني، مأزق هم أدخلوا أنفسهم وأدخلوا الحالة الفلسطينية فيه، وبالتالي لا مخرج لهما إلا من خلال الوحدة الوطنية. سياسة السلطة الفلسطينية وصلت إلى طريق مسدود في إدارة العملية التفاوضية، حيث أن إسرائيل لا تريد مفاوضات بل تريد أن تثبّت أمرا واقعا بمزيد من الإستيطان والتهويد. أيضاً وبسبب الضغوط الاقتصادية والاجتماعيّة التي تعرّض لها القطاع، والتحولات التي جرت على مستوى الإقليم، والإنجازات التي تحققت في إيران والعراق وفي سوريا ولبنان دفعت إلى الاستجابة للمطالب وحل اللجنة الإدارية، والسماح لحكومة الوفاق الوطني بأن تمارس صلاحياتها في قطاع غزة، وأن تقر بالانتخابات.."
وأضاف: "إن الحراك والضغط الشعبي الفلسطيني على طرفي الانقسام، والإنجازات التي تحققت في ميدان النضال الفلسطيني خاصة انتصار انتفاضة القدس التي أحرجت كلا الطرفين وقالت أننا بالوحدة الميدانية نستطيع أن نؤسس قدرة ميدانية جديدة تواجه سياسة الاحتلال الإسرائيلي وتُحقق وتُراكم الإنجازات."
الوقت: ما هي نظرتكم للدور المصري في هذه الخطوة؟
فيصل: "الدور المصري وجد ضالته، ورأى أنه يجب أن يعيد رسم خارطة نفوذه وينفتح على قطاع غزة فقام برعاية المصالحة وضغط على كلا الطرفين ليستجيبا إلى متطلبات المرحلة، وذلك بغية تقوية موقعه في ظل نشوء قوى إقليمية جديدة في هذه المنطقة، وإن الأمن القومي المصري المهدد من الجماعات الأصولية المتطرفة في سيناء والتي قد يكون لها دعامة في غزة هو أحد أسباب تدخله أيضا، وبالتالي إن تقاطع المصالح ولّد هذه الحالة."
الوقت: ما رأيكم بكلام رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، عن ضرورة تسليم حركة حماس سلاحها للسلطة ورفضه إعتماد ما وصفه بنموذج حزب الله ؟
فيصل: "الأمر لا يمكن أن يحسم بهذه الطريقة، هناك احتلال إسرائيلي، وبالتالي يجب أن تُرعى المقاومة ويحفظ سلاحها. إذا أردنا وحدة وطنية حقيقية ومخرجا حقيقيا للمأزق الفلسطيني، لا غنى عن المقاومة وسلاحها، وإن تجربة حزب الله هي تجربة ناجحة في العلاقة مع الدولة اللبنانية، وهي تجربة يمكن أن يستفاد منها لتآخي سلاح المقاومة مع سلاح الأجهزة الأمنية التي ينبغي أن يعاد ترتيبها على أساس عقيدة وطنية تحمي أمن المواطن من الداخل، وتحميه من الاحتلال الإسرائيلي، وتوفر مقومات الصمود للشعب الفلسطيني وتتآخى مع المقاومة في معركة موحّدة، يأخذ كل منهم دوره فيها، والغطاء السياسي هو من يحمي هذه المقاومة، طالما أن اسرائيل قوة احتلال، وبالتالي تتآخى كل أشكال المقاومة السياسية، الدبلوماسية، القانونية والجماهيرية في معركة تحرر وطنية يجب أن يوافق عليها الجميع. وإن أي مسّ بالمقاومة الفلسطينية هو مسّ بالحقوق الوطنية، وبالتالي يجب أن تتعلّم قيادة منظمة التحرير بكل مكوناتها، أن التجربة السابقة أوقعت بنا خسائر جسيمة، وأن لا لمربع المفاوضات العقيم ولا لمربع التناحر بين السلطة والمقاومة ولا لوضع سلاح المقاومة الذي لا يتناقض مع سلاح السلطة والأجهزة الأمنية."
وأكد: "حماس ليست الوحيدة التي تمتلك سلاحا للمقاومة، فغيرها من الأجنحة العسكرية تمتلك أسلحة أيضا، ونرفض المسّ به بل ندعوا إلى توحيده في جبهة مقاومة موحّدة توفر لها السلطة الفلسطينية الغطاء السياسي، وتوفّر للشعب الفلسطيني مقومات الصمود لأن إسرائيل لن تردع إلا بالمقاومة. بالتالي يجب أن لا نضع هذه القضية تحت تأثير الخلافات السياسية الداخلية، كل أشكال المقاومة يجب أن تصان."
وتابع: "إن خطوات المصالحة التي اتخذت يجب البناء عليها، فهي تؤسس لمجرى جديد في العلاقات الداخلية الفلسطينية وتفتح الطريق أمام حوار وطني بين جميع الفصائل برعاية مصرية. نحن نريد حوار وطني شامل مبني على هذه الإرادة الإيجابية التي تحققت لدى الطرفين."
وفي الختام أكد فيصل على "ضرورة تكرار تجربة المقاومة في لبنان، المقاومة التي انصهرت مع الدولة اللبنانية وشكلت مثلث الجيش والشعب والمقاومة."