الوقت- عشرة أعوام مرت على الانقسام الفلسطيني-الفلسطيني كان الكاسب الوحيد منه الاحتلال الاسرائيلي، الى أن اقتربت الساحة الفلسطينية مجددا الى طي صفحة الانقسام والعودة إلى اللحمة الوطنية بعد االتي بذلتها كل الأطراف الفلسطينية برعاية مصرية في القاهرة مؤخراً، حيث نتج عن هذا الاجتماع تنازلات مهمة من قبل الطرفين كان ابرزها اعلان حركة حماس موافقتها المباشرة على حل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، دون ربط ذلك بأي شرط، وأرفقت ذلك بالسماح لحكومة الوفاق الوطني بتسلم مهامها كاملة في محافظات قطاع بعد اجراء انتخابات مبكرة. فهل المصالحة الفلسطينية حقيقية هذه المرة؟ وما هي العقبات والالغام التي تقف في طريق المصالحة الشاملة؟
هي "خاتمة الاحزان ستكون اذا ما تحققت المصالحة" هكذا يعبر أهالي القطاع والضفة الغربية في فلسطين، اطفل ونساء وشيوخ يرددون هذه العبارة بل اصبحت بل هدّد رئيس حركة حماس في قطاع غزة، يحيى السنوار، بأنه "سيكسر" رأس كل من يعيق المصالحة أياً يكن انتماؤه حتى لو من «حماس»، مشيراً إلى تنازلات كثيرة قُدّمت لإنجاز الاتفاق. وامام هذه الايجابية من قبل الطرفين، الا أنه هناك 4 خطوط حمراء يجب على الاطراف الفلسطينية الانتباه اليها من اجل تحقيق المصالحة دون تقديم اي انتصار للعدو الاسرائيلي عن طريقها، وهي على الشكل التالي:
1- الخط الاحمر الاول والاساسي يتمثل بسلاح المقاومة، حيث يجب على الاخوة الفلسطينيّن الانتباه الى هذا الامر الحساس وعدم الرضوخ للفيتو الامريكي-الاسرائيلي عليه، فكما أصبح معروف أن الفيتو الامريكي – الاسرائيلي في السابق كان ولايزال على سلاح المقاومة حماس وهذا ما كشفه موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في تصريح له في 22أيلول/سبتمبر الجاري حيث قال "ان سلاح المقاومة ليس مطروحاً على طاولة الحوار"، ولعل رفع الفيتو في الوقت الراهن يفتح تساؤلات عديدة عن سبب ذلك، من بينها تساؤلات حول مصير سلاح حركة حماس وذلك من اجل ارضاء الامريكي والاسرائيلي.
2-الخط الاحمر الثاني، كما ذكرنا في النقطة السابقة، ومن اجل ارضاء الامريكي والاسرائيلي سيشترط العالم والبعض العربي والكيان الاسرائيلي بأن يتم تسليم الجنود الاسرى لدى حماس سواء أحياء أو أموات من أجل إحياء انفراجة في حصار غزّة والمصالحة، وهذا الملف بالنسبة لفلسطين ككل وخصوصاً حركة حماس مصيري ولايمكن التساوم عليه فهو العامل الأساسي الذي تعوّل عليه الحركة واهالي الاسرى من اجل تحرير ابنائهم من السجون الاسرائيلية وسيشكل نوعاً من الانهزام لصالح الاسرائيلي .
3-الخط الاحمر الثالث والذي لا يقل أهمية عن سابقيه، يتمثل بخريطة شبكة الأنفاق التي تربط القطاع بالمستوطنات المجاورة والتي استطاع من خلالها الفلسطينيين توجيه ضربات موجعة للاحتلال الاسرائيلي والتي ستؤلمه في أية حرب قادمة، وسيسعى الامريكي من خلال بعض المفاوضين العرب الى تخليص الكيان الاسرائيلي من كابوس الأنفاق. وهذا يعني لحماس خيانة للمقاومة وشلالات الدماء التي سالت من أجل صناعة شبكة الأنفاق التي تعوّل عليها حماس، فهي أهم استراتيجية عسكرية في التفوّق وحسم نتيجة أية حرب قادمة.
4-الخط الاحمر الرابع والأخير ولعله السبب الابرز الذي سبب القطيعة بين الطرفين، وهو يتعلّق في الجانب الإداري الوظيفي في قطاع غزة، وهنا يجب على الاطراف كافة تقديم التنازلات، فحماس عليها القبول بما سيطلبه عباس، وعلى عباس ان لا ينتقم من ابناء غزة ويفرض عليهم اموراً تعجيزية، لذلك يجب ان ياخذ بعين الاعتبار ابناء غزة.
اذاُ الخلاصة الموضوعية في قراءة مشهد المصالحة، ان الجميع يريد المصالحة اكثر من ذي قبل بل انها اصبحت ضرورة من اجل الحفاظ على القضية الفلسطينية ويجب على جميع الاطراف التنبه الى الخطوط الحمر المذكورة اعلاه والتي ستشكل تحدياً صعباً من اجل اتمام المصالحة، ولن تكون سهلة المنال. ولكي لا نكون من المتشائمين يحق لنا التفاؤل في بلوغ المصالحة، لا بل يجب العمل على تقليص عوامل الكبح إلى أبعد حد. لأن المصالحة شرط أساسي لمواجهة التحديات الإسرائيلية والأمريكية وحلفائها من دول المنطقة والإقليم، ولتعزيز مكانة الذات الوطنية وتقريبها من الأهداف الوطنية الجامعة.