الوقت - تشهد جرود بلدة عرسال على السلسلة الشرقية اللبنانية تقدّماً سريعاً للمقاومة في ما يبدو أنه بداية لمعركة جرود البلدة اللبنانية، واستكمال للعملية التي بدأها الجيش السوري والمقاومة في القلمون قبل فترة، وقد نجح مقاتلو حزب الله في السيطرة على مرتفعات إستراتيجية في جرود عرسال.
ومن خلال تطور ميداني لافت بدأ أمس الأربعاء، أحكم مجاهدو المقاومة سيطرتهم على حوالي 50 كلم مربع من جنوب جرود عرسال على السلسلة الشرقية وبعرض 10 كلم مربع وبعمق 6 كلم مربع تقريبا، إضافة إلى تلال استراتيجية والسيطرة بالنار على غالبية المعابر غير الشرعية أهمها الرهوة ووادي الدرب ووادي اطنين وجزء من معبر وادي الخيل.
كما تمت السيطرة بشكل كامل على وادي الرعيان واصبحت المقاومة من الجهة الجنوبية مقابل مواقع الجيش اللبناني في الجهة الشمالية.
وبثت قناة "المنار" لقطات وزّعها "الاعلام الحربي" للتقدم الذي حققه "حزب الله" في جرود القلمون، وتحديداً في الجرود المجاورة لبلدة عرسال.
وافادت القناة ان مقاتلي حزب الله سيطروا على مرتفعات مراد غازي وحرف وادي الهوا في جرود عرسال، و"يتقدمون باتجاه جبل الزاروب الاستراتيجي جنوب وادي الخيل".
كما اسفرت الاشتباكات عن مقتل عدد من عناصر جبهة النصرة الذين فروا باتجاه جرود عرسال حيث عمل حزب الله على ملاحقتهم وتمكن من بسط سيطرته التامة على وادي ابو ضاهر، مشرعة الطويل، ضليل وادي الديب، شعاب الدلم، قلعة وكتفي عين فيق، مرتفع كنز الرصيف، قلعة الشروق، مرتفعات تلاجات البراج وصولا إلى جوار المحمصة جنوب عرسال ومرتفعات الشروق الاستراتيجية المشرفة على منطقتي الرهوة ووادي الخيل، حيث المراكز العسكرية لجبهة النصرة وقيادييها وسط حالة من الفرار وحرق للخيم، فيما سجل سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى. وافيد بأسر عدد من قياديي الجبهة في جوار المحمصمصة في جرود عرسال، عرف منهم قائد فرقة الثغور الملتهبة علي ابو مسعود الفليطي وتدمير ثلاث آليات محمولة من نوع 23 في منطقة الرهوة.
وبحسب المصادر الميدانية فإن منطقة الرهون تعد مركز قيادة لعمليات "جبهة النصرة" في منطقة القلمون، كما كانت منطلقاً لتنفيذ عملياتهم ضد الجيش اللبناني.
وأصبح القسم الاكبر من جرود عرسال تحت السيطرة النارية، بعد اعتماد حزب الله عملية عسكرية ممنهجة نفذها من الشمال إلى الجنوب ومن الجنوب الى الشرق.
وتمتد جرود عرسال على مساحة تصل إلى نحو ثلاثمائة وخمسين كيلو متر في جبال القلمون، وبارتفاع يصل إلى نحو ألفي متر عن سطح البحر في بعض المواقع. ويسيطر الجيش اللبناني وحزب الله على نحو مئة كيلومتر من هذه الجرود، فيما تتوزع السيطرة على المناطق المتبقية على المسلحين من جبهة النصرة وداعش، المتحصنين في التلال والوديان في المنطقة.
وقد تزامن تحرك الحزب الميداني مع تحركات لاهالي قرى بعلبك ـ الهرمل تطالب بضرورة القضاء على التكفيريين وطردهم من الجرود بعد ممارساتهم ضد اهالي البقاع. وبالتالي فان تحرك اهالي البقاع شكل ايضاً عامل ضغط على الحزب للاسراع في المعركة، وهذا ما ادى الى سقوط جدول اعمال الحكومة وسقوط بند جرود عرسال من جدول اعمال جلسة مجلس الوزراء وأصبح البند المطروح ملف التعيينات الأمنية.
وكانت المقاومة وصلت في المرحلة الأولى إلى تخوم هذه الجرود من خلال سيطرتها على مرتفع ضهر الهوا من الجهة الجنوبية ومواقع أخرى من الجهة الشرقية.
وقال الخبير الاستراتيجي الياس فرحات إن أهمية السيطرة على المرتفعين في جرود عرسال تكمن في أهمية العملية التي يقوم بها حزب الله والجيش السوري منذ نحو ثلاثة أسابيع لاستعادة السيطرة على رؤوس جبال القلمون، وبالتالي فإن ما يحصل اليوم هو استكمال لما بدأ قبل فترة.
وقال فرحات في حديث للميادين إن هذه الخطوة تأتي في سياق طبيعي للعملية التي جرى التخطيط لها سياسياً وعسكرياً والتي ستتواصل من أجل التقدم شمالاً نحو جرود عرسال وجرود رأس بعلبك وآخر معاقل القاعدة وداعش ثم استكمالها في الزبداني ومحيطها داخل الأراضي السورية.
وأضاف فرحات أن هذه الخطة العسكرية لا يمكن تجزئتها زمنياً، متوقعاً أن تتواصل خصوصاً وأنه خلال فترة توقف قصيرة شنت جبهة النصرة هجوماً باتجاه المقاومة التي ستستكمل العملية في الجرود إلى نهايتها.
وتحظى هذه الجرود بأهمية استراتيجية من موقعها عند الحدود السورية اللبنانية. فالسيطرة على هذه الجرود تعني تضييق الخناق على المجموعات المسلحة، والحد من رقعة انتشارها، وتوسيع رقعة الأمان باتجاه الأراضي اللبنانية، للحد من استهداف النصرة للأراضي اللبنانية، إضافة إلى حصر المساحات التي تتحرك فيها المجموعات المسلحة.