الوقت - بالتوزاي مع الانجازات النوعية الكبيرة والمتسارعة التي يحققها الجيش السوري في المنطقة الشرقية، وبدء العد العكسي لانتهاء حقبة تنظيم داعش الارهابي في تلك المنطقة، بدأت نار الخلافات الامريكية الروسية تشتعل أكثر، بعد أن تمددت الميليشات الامريكية الضفة الشمالية الشرقية لنهر الفرات، في ظل الحديث عن قصفها لمواقع الجيش السوري المتقدمة الى تلك المنطقة.
حيث شكلت محافظة دير الزور خلال الاسابيع القليلة الماضية مسرحاً لأهم العمليات العسكرية التي تجري في سوريا، بعد أن تحول الريف الديري الى مسرحا لعمليتين عسكريتين:
- الأولى يقودها الجيش السوري بدعم روسي في مدينة دير الزور وريفها الغربي والذي تمكن خلالها من فك الحصار عن المدينة ومطارها بالاضافة الى تحرير أهم الحقول النفطية في المنطقة ومنها حقل التيم الذي يعد من أكبر حقول النفط السورية، واستطاع حتى كتابة هذه السطور السيطرة على نحو 100 كيلومتر مربع على امتداد الضفة الغربية ووصولا إلى حدود الرقة، وتحرير أكثر من 85% من الأراضي في المحافظة، وحسب تَوقُع وزارة الدفاع الروسية فان كل المدينة ستكون تحت سيطرته بشكل كامل خلال الأسبوع المقبل.
- وعلى الجهة المقابلة استغلت "قوات سورية الديموقراطية" انشغال تنظيم داعش الارهابي بالحرب مع الجيش السوري وتقدمت بدعم من التحالف الدولي في الريف الشرقي، بالتزامن مع محاولة غير معلنة لواشنطن لحصر عمليات الجيش السوري غرب الفرات، وهي الخطة التي أفشلها الجيش السوري وقام خلال الساعات الماضية بنصب جسور عسكرية ونقل عملياته الحربية الى شرق نهر الفرات.
تحرك اعتبرته وحدات حماية الشعب الكردية التي تشكل العمود الفقري لقسد، وبايعاز من واشنطن بأنه بمثابة "إعلان حرب"، متوعدة بعدم السماح لقوات الجيش السوري بتجاوز الضفة الجنوبية الغربية لنهر الفرات.
انجازات الجيش السوري اغضبت على ما يبدو القيادة العسكرية الأمريكية، اذ تشير التقارير الاستخباراتية الروسية الى أن واشنطن عملت على وقف تقدم الجيش السوري في ريف دير الزور، وقامت بنقل عناصر من قوات سوريا الديمقراطية التي تحارب في مدينة الرقة الى ريف دير الزور، كما أكدت التقارير أن مسلحي "قسد" القادمين من شمال ديرالزور ينضمون إلى فصائل "داعش" بحرية، والطائرات الاستطلاعية الروسية بدون طيار لم تسجل خلال أسبوع أي اشتباكات بين "داعش" ومسلحي "قسد"، وهو ما أكده المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، الجنرال إيغور كوناشينكوف، الذي قال إن ممثلي التحالف وحدهم يعرفون كيف دخل مستشاروهم العسكريون مواقع داعش دون قتال.
الرغبة الأمريكية في منع الجيش السوري من فرض سيطرته على شرق الفرات، دفعت بقوات "التحالف الدولي" الذي تقوده واشنطن الى تحريض قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل الأكراد غالبية عناصرها، لضرب مواقع الجيش السوري في شرق البلاد، وهذا ما أكده الجيش الروسي، الذي اشار الى أن الجيش السوري تعرض مرتين لقصف كثيف من مدافع هاون انطلاقاً من مواقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات، حيث ينتشر مقاتلو قوات سورية الديموقراطية والقوات الخاصة الأمريكية، متوعداً بالرد على تلك الهجمات، مما دفع بوزارة الدفاع الروسية، الى توجيه تحذير شديد اللهجة، للقوات الأمريكية، طالبتها فيه بوقف عمليات قصف مواقع الجيش السوري في محيط نهر الفرات بالقرب من دير الزور بسوريا.
وتشكل محافظة دير الزور أهمية خاصة للجيش السوري ومحوره وأيضا أهمية كبيرة للمحور المقابل أي أمريكا وتحالفها وميليشياتها على الارض السورية لعدة أسباب منها:
- معركة دير الزور تعتبر المعركة الأخيرة قبل التصادم المرتقب والذي سيكون بشكل علني بين الجيش السوري والميليشات التي تعمل بقيادة أمريكية، فنلاحظ هنا مسعى كل طرف الى فرض عضلاته في المنطقة كنوع من عملية الاحماء للجولة المقبلة، وهذا يتقاطع مع كلام بثينة شعبان مستشارة الرئيس السوري، التي أكدت أن الجيش السوري سيكمل طريقه حتى تحرير كامل شبر من أرضه ولن تقف اي قوة احتلال في طريقه في اشارة الى القوات الامريكية التي تعتبرها الحكومة السورية كقوة محتلة كونها دخلت البلاد دون تنسيق.
- واذا ما أخذنا العامل الاقتصادي بعين الاعتبار، فان محافظة دير الزور والبادية السورية بشكل عام لا سيما ريفي حمص ودير الزور يشكلان (بالاضافة الى حقول الرميلان في ريف الحسكة)، خزان النفط والغاز في سوريا، اذ تضم هذه المناطق أغلب حقول البترول السورية، وعلى الرغم من صعوبة توصيف الصراع الروسي الامريكي على الارض السورية بأنه "صراع على النفط والثروات الباطنية"، بحكم أن مخزون سوريا من النفط لايعتبر بهذه الأهمية كي تتصارع أكبر قوتين في العالم عليه، الا أن الصراع هنا يأخذ شكلا مختلفا فكيف ذلك؟
السيطرة على تلك الابار واصلاحها سيغطي الاحتياجات النفطية للحكومة السورية، وبالتالي سيخفف العبء عن دمشق وحلفائها، الذين لم يتوقفوا عن دعم الشعب السوري بالمشتقات النفطية، وهو ما لاحظه السوريون خلال الفترة الماضية بانخفاض ساعات تقنين التيار الكهربائي بعد تحرير بعض الحقول في المنطقة الشرقية.
كذلك تبحث القيادة الامريكية عن تمويل مستدام للميليشات التي تقودها أملا في تقسيم سوريا في المستقبل بحيث يكون لتلك المنطقة مواردها الخاصة، وبالتالي فان فرض السيطرة على حقول دير الزور (شرق الفرات)، سيمّكن قوات سوريا الديمقراطية من الحصول على مصدر دخل للمرتزقة من خلال بيع النفط السوري.