الوقت- كتب موقع "لوبلوغ" الاميركي في مقال: ان معارضي الاتفاق النووي الايراني في داخل الحكومة الاميركية وخارجها، يمهدون الطريق امام الرئيس الاميركي دونالد ترامب كي ينفي التزام ايران بمقررات هذا الاتفاق وذلك في تشرين الاول / اكتوبر المقبل. ويقول معارضوا الاتفاق النووي، بهذه الخطوة، سيتبنى الحلفاء الأوروبيين في النهاية نهج حكومة ترامب، ويجبرون إيران على إعادة التفاوض بشأن ترتيبات جديدة وقبول حلول توفيقية جديدة. ويعتقد هؤلاء المعارضون أنهم يستطيعون التنبؤ باستجابة أوروبا بفشل إيران في الإلتزام بالإتفاق النووي، وكذلك التنبؤ بالسياسات المقبلة بدرجة عالية من اليقين والدقة.
ولكن حقيقة أن ترامب يزعم إن إيران لا تلتزم بالإتفاق النووي، في حين لا يوجد دليل دامغ ومُقنع على ذلك، سيكون له تأثير خطير على تصور العالم بقدرة الولايات المتحدة الأمريكية على الدخول في اتفاقات دولية. وبعبارة أخرى، من غير المرجح أن تنظر بلدان أخرى في العالم إلى اجراءات واشنطن، على أساس المناهج التي يقترحها معارضوا المحافظون الجدد. في الواقع، سيتم الحكم من قبل التكنوقراطيين والمحللين والخبراء داخل الوزارات الأوروبية وحول أقصى نقاط العالم، عن هذه الإجراءات بتسرع وإستعجال. والأهم من ذلك أن الإتفاق النووي أدى إلى خفض التوترات في الشرق الأوسط وتم التصويت عليه في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. كما يحظى هذا الاتفاق حالياً بدعم كبير من معظم الجهات الفاعلة الدولية والبلدان والمنظمات التقنية.
كما يمكن التنبؤ تماما بتقييم الاتحاد الأوروبي للجهود الأمريكية الرامية للقضاء على الاتفاق النووي. أولا، من المرجح أن تنظر أوروبا والمجتمع الدولي إلى النظام السياسي الأمريكي بأنه معيوب وليس حديث وغير قادر على اتباع المبدأ البسيط المتمثل في "استمرارية الحكومة" في العلاقات الدولية اليوم. وفي الواقع، سيشهدون نظاما سياسيا يسمح للدولة بإصدار التزامات هامة ومقبولة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وذلك بشأن قضية عالمية كبرى، والحكومة المقبلة التي ستلي الحكومة السابقة، تُلغي جميع الإتفاقات والإلتزامات بسهولة وبتجاهل تام لإجراءات الانسحاب المذكور في الاتفاق أو في القانون الدولي الحالي.
وقال موقع لوبلوغ عن إحتمال الغاء الإتفاق النووي من قبل امريكا: "ان اوروبا والمجتمع الدولي سيعتبرون الولايات المتحدة الأمريكية دولة متعجرفة ومتكبرة جدا، وذلك لإنتهاكها الإلتزامات الدولية بغية "خلق ضغوط" او"استراتيجية مشروعة" للضغط على الاطراف الاخرى بهدف إعادة التفاوض مجددا أو الاستسلام للمطالب الجديدة.
ومن المحتمل أن تعتبر البلدان الأوروبية المتقدمة ذات الأنظمة الحاكمة المعقدة جدا والقوانين السلوكية المفروضة على نفسها، أمريكا، بلداً غريبا جدا تعتقد سلطاته حقا أن القوانين المحلية تسود القوانين الدولية ولها الأولوية، ولا تتردد بان ترى في موقفها مبرر مشروع للانسحاب من الاتفاقات الدولية أو تدمير هذه الاتفاقيات.
وقالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة نيكي هالي، في كلمة ألقتها في معهد دراسات "اميريكن انتربرايز" (American-interprise): "كثير من الناس يخطئون في تمييز الزامات الاتفاق النووي مع الزامات الولايات المتحدة". قانون كوركر-كاردين (عضوين في مجلس الشيوخ المناهضين لإيران)، هو "الركيزة الثالثة" المتمثل بسعي إيران للإلتزام بالإتفاق النووي ".
وواصل لوبلوغ: هالي تتجاهل تماما حقيقة أن القوانين المحلية للولايات المتحدة لا يمكن أن تُفرض على بقية دول العالم لغرض إكمال اتفاق دولي "من جانب واحد". ولا يمكن إلغاء اتفاق دولي على أساس أنه لا يفي بالإلتزامات الدولية لتلك الدولة. وينطبق ذلك على جميع المعايير الدولية.
وستعتبر أوروبا الولايات المتحدة نظاماً حكومياً مفككاً غير مبال بشكل مجهول، بالتقييمات والتوصيات الصادرة عن وكالات الاستخبارات وتنظيماتها للسياسة الخارجية بشأن القضايا الرئيسية للأمن العالمي، وانها ترى ان السياسات تقوم على التقييمات السياسية والحقائق البديلة. وسيرى الحلفاء الاوروبيون ان وكالات الاستخبارات الاميركية الكبرى ستنشر عددا كبيرا من التقييمات وتؤكد بـ"ثقة عالية" ان ايران لا تملك برنامجا لتطوير الاسلحة النووية، بينما سيصر المسؤولون الاميركيون مجددا على ضرورة إضعاف ايران بموجب العقوبات وتحت مظلة الحصار وذلك لكسر هكذا "طموحات".
وفي نهاية المطاف، سترى أوروبا أمريكا، بأنها حكومة مختلة وعفا عليها الزمن، حيث يتجاهل رئيس جمهورها المؤدي لليمين الدستورية كل الحقائق القائمة، والتقييمات الموضوعية والتقارير الرسمية للمنظمات المحلية والدولية المؤَهلة، بسهولة ودون الحاجة إلى مواجهة أدنى عقبة، فكيف الحال بإطلاق أكاذيب على الشعب بشأن تبعية دولة اخرى للإتفاق النووي ويخدعون الناس بإداعاءات مُسبقة او إتهامات مُختلقة.
وجاء في نهاية هذا التقرير: من وجهة نظر الدول الأوروبية والعديد من البلدان الأخرى في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك أقسام تقييم المخاطر في الشركات الخاصة، ان هذا الـ"عيب" في صياغة الاتفاقات الدولية، كما قد يأمل بعض الناس متفائلين، لا يمكن ان ننسبه لدونالد ترامب نفسه، بل يعزى هذا الخلل إلى مجمل نظام الحكومة الأمريكية، وهذا من شأنه أن يكون له عواقب سلبية.