الوقت- نشر مركز أبحاث كارنغي الأمريكي بقلم ديفيد راتكوف مقالة بعنوان "رئيس أمريكا أكبر خطر يهددها" والتي تبحث في مزايا شخصيته وإلى أي مدى هبطت مكانة الرئيس الأمريكي معه.
لم يكتف ترامب بالهبوط من مكانة الرئيس الأمريكي فقط لضيق أفقه الفكري بل وصل به الأمر إلى الإستخفاف بمجموعة من القوانين الدستورية من بينها حرية التعبير والإعتقاد والدين وفصل السلطات وغيرها، لدرجة إعتبر نفسه فيها أعلى من أي قوانين أخلاقية.
ويكشف ترامب كل يوم عن مدى استهتاره وتسيّبه وأنخفاض ذكائه وترنح أفكاره والتي دعت به لإستباحة مكانة الرئيس الأمريكي وهدر كرامتها المتبقية.
في حين دافع ديفيد بتريوس رئيس وكالة الإستخبارات المركزية الأسبق (سي آي ايه) الإسبوع الماضي في "مهرجان آسبن للأفكار في كولورادو عن سياسة ترامب الخارجية بإستماتة كبيرة.
تركزت تصريحات بتريوس حول محورين. الأول: إعتقاد بتريوس أن وكالة الأمن القومي الأمريكي لم تكن قوية كما هي الآن في عهد ترامب، والثاني: أن ترامب ذو قرارات حاسمة في السياسة الخارجية على نقيض سلفه باراك أوباما الذي لم يكن حاسماً في بعض القضايا الدولية مثل الأزمة السورية.
ولم يحدث منذ ثلاث أو أربع عقود أن طُرحت تساؤلات حول صحة الرئيس الأمريكي العقلية، بينما قلل بتريوس من أهمية السؤال حول جدارة ترامب في حضوره كرئيس لأمريكا. و أضاف بتريوس أن فريق العمل المرافق لترامب جدير بالثناء وعلى مستوى عالي وسوف يقوم بتغطية نقائص ترامب وتعويضها، الأمر الذي يعتبر دفاعاً هزيلاً أمام قوة التهم الموجهة لرئيس أمريكا.
وتفتح تغريدات الرئيس الأمريكي باباً جديداً من الإعتراضات على الصفاقة التي يهوي معها بمكانة الرئيس، وما تغريداته الجنونية عن وسائل الإعلام وأنانيته العدوانية والمعهودة منه إلا خير دليل عليها. الرئيس الذي أثبت أكثر من مرة عدم قدرته على التحكم بسلوكه والذي يهوي بعلاقات أمريكا الدولية إلى الحضيض من خلال خطابه غير المدروس، في حين لا يثق ترامب إلا بقلة قليلة من موظفيه و صراخه عليهم والنظرات المليئة بالشكوك التي يرمقهم بها.
ربما يكون تشخيص صحة مرض ترامب السريري من عدمه من مسؤولية الأخصاء النفسيين، لكن سلوكه المشار إليه سابقاً وإذا ما أضفنا إليه تجنبه القيام بمسؤوليات الرئيس المهمة والحضور في الإجتماعات والمؤتمرات والخوض في مسائل البنية التحتية والتعرف على التفاصيل لإدارة موظفيه، فجميع هذا يدلنا ويقودنا إلى حقيقة معاناته من مشاكل جمة.
وعندما نضع هذه الأمور بالتوازي مع عدم رغبته في ملئ مقاعد المناصب الرئيسية وبلبلته في المسائل المهمة مثل العلاقات مع الصين إلى الوصول إلى مسئلة التجارة، حينها سنتوصل إلى نتيجة واحدة تقول أن جدارة ترامب لملئ مكانة رئيس أمريكا من أكثر مسائل الأمن القومي الأمريكي أهمية.
لا يستطيع مستشاري الرئيس الأمريكي أن يغطوا على حماقاته السابقة بل ولا يمكنهم أيضاً التأثير على سلوكه الشخصي كرفضه لنصائح حلفائه عدة مرات.
لقد شهدت أمريكا طيفاً واسعاً من الرؤساء ولقد شهدنا قيام بعضهم بتقييمات خاطئة، ولكن الواقع يقول أن أمريكا لم تشهد رئيساً غير كفؤ وعديم الجدارة كهذه المرة، حتى في عهد الرئيس ريتشارد نيكسون كان يستشعر المخاطر في الأوقات السيئة.
يرتبط مصير الشعب الأمريكي في الأزمات بشخصية رئيسه ولهذا لا يمكن إعتبار مسائلة ترامب غير أخلاقية بل هو إحترام للدورس التي تعلمناها من تاريخنا ومن مصالحنا القومية.