الوقت- يعد "طرد حماس" والتوقّف عن دعمها أحد أبرز الإملاءات العشر على قطر. وبصرف النظر عن كون هذا البند مطلب سعودي أو إماراتي بالأصالة أو بالوكالة عن الجانبين الأمريكي والإسرائيلي، فإن المكتب السياسي لحركة حماس في الدوحة سيكون عرضة لهذه الضغوط التي يُفترض به(المكتب) الإجابة عليها عاجلاً أو آجلاً.
ما يعزّز هذه الرؤية هو عدم قدرة قطر على معاداة السعودية والإمارات والبحرين لفترات طويلة، الأمر الذي يجعل من الخيار السياسي عنواناً للحل. قطر ستنتصر، كما تشير الظروف، إلا أنّها ستقدّم جملة من التنازلات، بالتأكيد لن تكون بتنازل تميم عن الحكم أو وقف الدعم للإخوان، وربّما حماس، إنّما طردهم، أو أغلبهم، من الأراضي القطريّة.
أضف على ذلك، الأنباء التي تناقلتها وسائل إعلام وجهات داعمة ومعادية لحماس عن مغادرة بعض أعضاء المكتب السياسي، إضافةً إلى آخرين للدوحة، ليبقى السؤال مطروحا: إلى أين ستتوجّه حماس؟ وأين سيكون المكتب السياسي الجديد للحركة؟
حماس في الخارج
ليست المرّة الأول التي تتعرّض حركة حماس لضغوطات بغية الخروج من العواصم العربية، فقد خرجت من الأردن في العام 1999، فضلاً عن تعرّض بعض قياداتها للطرد، المغلّف بعبارة الخروج، من دول عربية وإسلاميّة أخرى كتركيا ومصر والسعودية وغيرها. لتبقى سوريا الدولة العربية الوحيدة التي غادرتها الحركة من نفسها رغم أن الجانب السوري قد احتضن الحركة لسنوات عدّة حيث صمدت دمشق أمام كافّة الضغوط التي تعرّضت لها بسبب دعمها للحركة المقاومة، وهو ما دفع بالبعض اليوم للتأكيد أن ما تتعرّض له حماس، وتعرّضت له خلال السنوات الأربع الماضية، يأتي نتيجة للخطأ الحمساوي الاستراتيجي تجاه سوريا، أبرز قلاع المقاومة.
لا نعتقد أن تعود حماس إلى دولة قد خَرجت أو أُخرجت منها، وبالتالي تنحصر خيارات الحركة في عدد قليل من الدول ، فما هي الخيارات المطروحة؟
يبدو أن الوثيقة السياسية الجديدة للحركة لم تشفع لها حتّى مع العرب، فكيف الحال بأمريكا والكيان الإسرائيلي، الأمر الذي يجعل مسألة ترك قيادة حركة حماس أو بعضها لقطر شيئاً واقعياً ومتوقعاً، لاسيّما بعد انتخاب هنيّة رئيساً للمكتب السياسي، باعتبار أن مغادرة مشعل قد تكون تحت غطاء انتهاء مهمّته في رئاسة المكتب السياسي لحماس في قطر.
وأما عن الغوص في الخيارات المطروحة فيبدو أن الحركة أمام خيارين لا ثالث لهما، إمّا العمل على نقل المكتب السياسي إلى دولة أخرى، أو إغلاق المكتب السياسي في الخارج.
نقل المكتب السياسي
يعدّ هذا الخيار أحد الخيارات المطروحة أمام الحركة، لاسيما أن في الأمر أكثر من سابقة مماثلة الأمر الذي يسهّل على الحركة وقع هذا القرار، إلا أن الوجهة تبقى السؤال الأصعب، فالعقبة الأساس في طريق نقل المكتب السياسي هي في إيجاد البديل.
وعند التدقيق في الوجهات المقترحة تقتصر هذه العواصم على طهران، أنقرة، بيروت وبغداد. لا شكّ أن طهران مشرّعة الأبواب أمام الحركة المقاومة، إلا أن الأخيرة لن تقدم على هذه الخطوة نظراً للضغوط التي قد تتعرّض لها من أطراف خليجية مما سيؤثر على الحركة داخلياً، في غزّة والضفة الغربية، وخارجيّاً على حدّ سواء. الخيار الثاني والأقرب إلى أرض الواقع هو الخيار التركي رغم أنّ بعض أعضاء الحركة تعرّضوا مؤخراً لضغوط لمغادرة تركيا. هذا الخيار قد يكون الأنسب للكيان الإسرائيلي وتركيا على حدّ سواء، باعتبار أنّه سيقوّض بعضا من تحركّات المكتب السياسي، في حين أنّه سيعطي للجانب التركي هامشاً أكبر في التفاوض مع أمريكا والكيان الإسرائيلي حيال أي تسوية إقليمية مقبلة.
وأما خياري بيروت وبغداد رغم أنّهم من الخيارات المناسبة للحركة ومحور المقاومة، إلا أن الظروف وأسباب سياسيّة قد تحول دون ذلك، مع العلم أن خيار بغداد قد يكون الأنسب على الإطلاق بعد غياب الخيار السوري.
ربّما تعمد حماس مجدّداً إلى تفريق أعضاء مكتبها السياسي حيث يلجأ كل طرف إلى دولة ما على أن يبقى جزء يسير في الدوحة، ويتوزّع البقيّة على دول عربية عدّة مصر التي زارها رئيس الحركة في قطاع غزة يحيى السنوار مؤخراً، وتركيا والعراق وبيروت، وحتّى الأردن (الأردن لا يزال يشدد على منع العمل السياسي للحركة من أراضيه)، ودون أن يكون لهؤلاء أي تاُثير فاعل في المشهد السياسي، بل سيكون التأثير الأساسي لاسماعيل هنيّة الذي سيبقى في قطاع غزّة.
إنهاء المكتب السياسي خارج غزّة
وأما الخيار الثاني، ولعله الأنسب بالنسبة للحركة كونه يخرجّها من أزمة الوجهة الجديدة، هو إغلاق المكتب السياسي خارج قطاع غزة. ما يعزّز هذا السيناريو هو بقاء اسماعيل هنيّة في قطاع غزّة. أي أنّه في حال اضطرت الحركة إلى مغادرة قطر، ربّما تعمد إلى افتتاح مكتب لها في الدوحة، كما هو الحال في ايران ولبنان وتركيا، على أن تنهي قضيّة المكتب السياسي خارج القطاع حتّى إشعار آخر يسمح بإعادته.
إلا أن هذا الخيار يحمل تبعات أساسيّة لطيف حماس خارج القطاع باعتبار أنّه سيحد من تأثيرهم، مع العلم أن بقاء هنيّة داخل القطاع وعدم توجّهه إلى الدوحة قد أثّر بشكل واضح على دور المكتب السياسي.