الوقت- ليس بمقدور مصر أن تبقى مكتوفة الأيدي أمام التهديدات الإرهابية التي تحيط بها من كل جهة. كما أن مرحلة السبات وصمت هذا المارد (مصر) يجب أن تنتهي، فالشعب المصري نفسه والعالم العربي والإسلامي بحاجته ليعيد تصويب البوصلة بعد أن أضاع حكام البترودولار كل ما حُقق خلال قرون.
أمام تحدي الإرهاب بدأ هذا المارد بالتململ، حيث كان لافتا ما قام به سلاح الجو المصري خلال الأيام الأخيرة بتنفيذ عدة غارات على نقاط للجماعات الإرهابية في ليبيا، في رد على الاعتداءات الإرهابية التي طاولت مصر وخاصة التفجيرات الدامية التي استهدفت مناطق مسيحية إضافة إلى ما يحصل في صحراء سيناء.
إزاء هذا الواقع من التشرذم العربي والإرهاب الذي يفتك في الأمة بات من الضروري أن يتخذ الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إجراءات حاسمة ورادعة ضد الإرهاب، خاصة أن مصر باتت في قلب العاصفة، كما أن السيسي على أبواب انتخابات رئاسية وشيكة، ومن دون استتباب الأمن والاستقرار على كل الأراضي المصرية فإن الخطر سيكون حقيقي على إمكانية إعادة انتخابه كرئيس لدورة ثانية، والسبب سيكون بشكل رئيسي حالة الفوضى وعدم الأمان التي يشعر بها المصريون هذه الأيام.
طبعا هذا الأمر لن يؤمن الاستقرار فقط لمصر بل سيساعد على استعادة الدور الريادي في العالم العربي، الدور الذي تحاول بعض الدول الخليجية مصادرته إلى غير رجعة.
مصر ومن أجل تحقيق الاستقرار والأمن في البلاد لا بد لها من اعتماد سياسة ثابتة وحازمة في مكافحة الإرهاب، وهذا الأمر سيجعلها قريبة مجددا للدول التي تواجه نفس العدوان أي سوريا والعراق، وهي دول تمكنت خلال السنوات الماضية من إثبات جدارتها في هذه الحرب الكونية عليها.
الرئيس السيسي ومن خلال تحقيق هذا الهدف سيتمكن من كسب أمرين، الأول هو الاستقرار قبل أن تتفلت الأمور عن عقالها، والثاني المحافظة على شعبيته لدى الأمة المصرية التي تتعدى التسعين مليونا، كما أن مكانة مصر في العالم ستعود إلى سابق عهدها عندما كانت تعرف باسم أم الدنيا والعرب.
وبالعودة إلى الاعتداءات الإرهابية التي طاولت الداخل المصري، فإن أصابع الاتهام المصرية تشير إلى ضلوع جماعات مدعومة من بعض الدول الخليجية في هذه الاعتداءات، وهذا الأمر جدير بالاهتمام، فمصر وعلى رغم تقاربها مع السعودية ولو نظريا خلال هذه البرهة من الزمن، إلا أنها تعلم أن الدول الخليجية بما فيها السعودية لا تريد لمصر وشعبها خيرا.
مصريا أيضا يمكن قراءة متغير مهم، وهو القرار المصري باستهداف الجماعات الإرهابية داخل ليبيا، وكلنا يعلم أن الدول الخليجية تدعم هذه الجماعات كل حسب توجهاته، فلقطر أتباعها وللإمارات والسعودية أتباعهم أيضا على الأراضي الليبية، إذا هذا الأمر يشكل رسالة قوية لهذه الدول بأن تكف عن دعمها الحاقد لجماعة التكفير والتخريب والإرهاب.
مصر تمتلك أحد أقوى جيوش العالم، فجيشها الأقوى عربيا. كما أن الشعب المصري حي وقد أثبت ذلك من خلال خوضه ثورتين خلال السنوات الماضية، إضافة إلى التاريخ المعاصر المشرق لمصر جمال عبد الناصر. عندما نستذكر هذه الأمور يشعر المرأ بالغبن والغصة على الواقع الصعب الذي تمر به الأمة المصرية.
ولكن اليوم وبالرغم من الصعوبات يمكن لمصر أن تسترجع مكانتها في مقدمة العالم العربي، ويمكن لها أن تكون رأس الحربة للقضاء على الإرهاب الذي يعم أرجاء المنطقة، ولكن ذلك بحاجة إلى قرار جريء من القيادة المصرية وعلى رأسها الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي يعلم حق اليقين أن القرار المصري لا يجب أن يساوم عليه، وهو يعلم جيدا أن المساومة التي بدأها مع السعودية لن تأتي بأي فائدة على المصريين، فمهما كان حجم المساعدات الاقتصادية السعودية وغيرها فإن كرامة ودور مصر أهم وأكثر قيمة بكثير.
اليوم ينتظر الشعب المصري قرارا شجاعا من قيادته، قرار يرد لمصر أمنها واستقرارها، كما أنه سيعيدها إلى قيادة العالم العربي الذي هو بأشد الحاجة إلى قيادة حكيمة شجاعة بدل القيادة المتخاذلة المتآمرة التي تحاول فرض نفسها اليوم من خلال حفنة دولارات نتنة تريد شراء الضمائر بها.