الوقت- غردت كل من قطر وعُمان خارج سرب التوجهات التي حددها آل سعود للدول الخليجية ضمن ما سوقوا له من ائتلاف أمريكي -عربي - إسلامي، فأعلن أمير قطر رفضه للتوتير مع إيران التي اعتبرها دولة إسلامية لها وزنها وتأثيرها في المنطقة، في وقت أكد المسؤولون العُمانيون أن العلاقات الثنائية مع إيران هي في أحسن أحوالها.
هذا الأمر أشعل الغضب السعودي إضافة إلى الإماراتي حيث صبوا جام غضبهم على أمير قطر الذي توقع تنحية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعدم جدوى السياسات الاستفزازية التي لا طائل منها. ومنعا لتدهور الأمور أكثر أعلنت وسائل إعلام قطرية أن ما نُقل عن لسان حمد هو ناتج عن قرصنة لوكالة الأنباء القطرية في محاولة لتهدئة الغضب السعودي ولكن عبثا.
عدم التهدئة السعودية وتسعير اللهجة ضد قطر، واستعادة الخلافات القديمة التي كانت بين البلدين حدى بأمير قطر "حمد بن خليفة آل ثاني" أن يجري اتصالا هاتفيا بالرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني لتهنئته بفوزه بالانتخابات الرئاسية، كما دعت قطر سفراء بعض الدول الخليجية لمغادرة البلاد.
بعد قطر كان موقف سلطنة عُمان لافتا أيضا، حيث أصر وزير الخارجية العماني "يوسف بن علوي" على إعلان موقف بلاده بشكل واضح وصريح وفي هذه البرهة بالتحديد. مؤكدا لقناة البي بي سي باللغة العربية تعليقا على تصريحات أمير قطر أن العلاقات الثنائية مع إيران هي الأقوى، مضيفا أنه ومنذ قيام الثورة الإسلامية إلى اليوم هناك توافق في وجهات النظر، وعلاقاتنا مبنية على المحبة والصداقة والتعاون المشترك. معتبرا أن بعض الاختلافات في وجهات النظر موجودة ولكن هذا الأمر لا ينفي العلاقات الممتازة. ومؤكدا أن عمان لا تهتم بالخلافات التي تطبع علاقة الرياض بطهران.
أضاف بن علوي أيضا: "نحن نعتقد أن الخلافات السعودية مع إيران ليست دائمة، فهذه الخلافات قد ظهرت إلى العلن عدة مرات في السابق وتم حلها، فالعلاقات السعودية الإيرانية في عهد الرئيس الإيراني السابق السيد محمد خاتمي والمرحوم الشيخ رفسنجاني كانت جيدة جدا. وما نشاهده اليوم هو نتيجة الظروف التي تمر فيها المنطقة. ومن الطبيعي أن يكون هناك اختلافات في وجهات النظر وطريقة التعامل مع ملفات المنطقة بين الدول المختلفة".
وكأن وزير الخارجية العُماني أراد من تصريحاته هذه التأكيد على ضرورة التعقل، موجها رسالة للسعودية يقول فيها قطر ليست الوحيدة التي تخالفكم وجهات النظر، فلا تجعلوا من هذا الأمر بابا لصراع أنتم بغنى عنه.
إزاء هذا الأمر تحدثت تقارير غربية عن إمكانية خروج كل من قطر وسلطنة عمان من ائتلاف الدول الخليجية، أو حتى اتخاذ قرار إخراجهم من مجلس التعاون بناء على قرار بقية الأعضاء تحت عنوان شق الصف من قبل هذه الدول.
ولكن من الواضح أن هناك عقبات كبيرة أمام هذا الأمر، ومن أهمها أن الائتلاف العربي الإسلامي الذي شكله محمد بن سلمان قد بات بحاجة رصاصة رحمة لإعلان فشله وحلّه، وأي خلاف خليجي داخلي سيكون له وقع كبير على هذا الائتلاف.
ومن جهة أخرى فإن بعض الدول الخليجية الأخرى العضو في مجلس التعاون لا تحبذ هذا الأمر، وقد نقلت صحيفة الرأي اليوم أنباء تتحدث عن تحذير بعض الزعماء الخليجيين من مغبة المساس بعضوية أي من أعضاء المجلس، وما لذلك من خطر على تفكيك المجلس برمته، ولذلك فإنهم يرون مصلحة في احتواء الخلاف السعودي القطري وعدم الانجرار إلى مواجهة أكبر.
وفي خضم هذا الصراع، أعلنت الجهات القطرية والكويتية عن زيارة لأمير قطر إلى الكويت الأربعاء المقبل، وهذا الأمر دليل واضح على أن الكويت تسعى لاحتواء الأزمة ولا ترفض زيارة حمد إلى أراضيها رغم اللهجة السعودية العالية اتجاه قطر.
من الواضح إذا أن عملية إعادة خلط للأوراق تحصل اليوم بين الدول الخليجية، خلط يُراد منه إعادة ضبط اللعبة السعودية المميتة التي يقوم بها محمد بن سلمان، فبعد سقوط أحجار دومينوالائتلاف العسكري السعودي الإسلامي، ترغب بعض القوى الخليجية الحفاظ على حلفها بالحد الأدنى من التوافق بدل إعلان انهياره إلى غير رجعة.