وتتحدد أهداف السياسة الإسرائيلية في إفريقيا من خلال عدة عوامل أمنية يأتي في مقدمتها تأمين متطلبات الاستراتيجية البحرية في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وضمان الاتصال بالجاليات اليهودية مع استمرار هجرة اليهود من إفريقيا الى فلسطين المحتلة، وتلبية احتياجات الاقتصاد الإسرائيلي في مجالات التسويق والعمالة والمواد الخام وتصدير الأسلحة وكسر طوق العزلة المفروض عليها من قبل الشعوب العربية إضافة إلى تأمين أصوات هذه الدول في الأمم المتحدة وفي المحافل الدولية لصالح الكيان الاسرائيلي، ويأتي على رأسها بالقطع قضية مياه النيل بما تمثله من أهمية استراتيجية للكيان بسبب أطماعه في مياه النيل من ناحية، وأهميتها لتضييق الخناق على مصر والسودان في أحد الملفات الحيوية من ناحية أخرى.
وفيما يتعلق باوغندا فإن النفوذ الاسرائيلي في هذا البلد قد وصل الى مرحلة التعاون العسكري وذلك الى جانب النشاطات الاقتصادية الاسرائيلية في هذا البلد وقد دخل الكثير من المستشارين العسكريين الاسرائيليين الى اوغندا لأن مستوى التدريب والخبرات في الجيش الاوغندي كان متدنيا وهناك عدد كبير من المستشارين الإسرائيليين في مجال القوة الجوية والدفاع الجوي والقوات البرية والقوات الخاصة والدروع وتتراوح أعدادهم ما بين (250-300) ضابط.
وتشتهر اوغندا ايضا بانها برازيل افريقيا نظرا لثرواتها من الغابات وكذلك مرور نهر النيل فيها كما ان في اوغندا مناجم كبيرة مثل مناجم النحاس والياقوت والذهب وبيسموت بالاضافة الى منتجات زراعية ثمينة مثل القهوة والشاي والقطن حيث تعتبر هذه الثروات محط اهتمام الدول الاستعمارية وكذلك الكيان الاسرائيلي.
ووقعت أوغندا والكيان الاسرائيلي اتفاقاً في مارس 2000، أثناء زيارة وفد من وزارة الزراعة الإسرائيلية، برئاسة مدير الري في الوزارة، موشي دون جولين، ينص على تنفيذ مشاريع ري في عشر مقاطعات اوغندية، وإيفاد بعثة أوغندية إلى الكيان الاسرائيلي لاستكمال دراسة المشاريع، التي يقع معظمها في مقاطعات شمال أوغندا، بالقرب من الحدود الأوغندية المشتركة مع السودان، وكينيا، وسيجري استخدام المياه المتدفقة من بحيرة فكتوريا لإقامة هذه المشاريع، وهو ما يؤدي إلى نقص المياه الواردة إلى النيل الأبيض، وقد كشفت وزارة الخارجية المصرية في عام 2009 أن نظيرتها الأوغندية أبلغتها باعتزامها إنشاء عدد من السدود الصغيرة لأغراض الزراعة وتقسيم المياه، وجاء رد الوزارة بأن هذه السدود قد تؤثر على حصة مصر من المياه واتهمت مصر وقتها الكيان الاسرائيلي بأنه المحرض على هذه الخطوة حيث يجري إنشاء 3 سدود على نهر النيل في أوغندا بمباركة ودعم إسرائيليين.
ونظرا للمعلومات التي ذكرناها فان الكيان الاسرائيلي قد نجح الى حد بعيد في تأمين مصالحه السياسية والاقتصادية والعسكرية في اوغندا وحقق الكثير من الاهداف في هذا المجال لكن ينبغي الاشارة ايضا الى هدف آخر كان الكيان الاسرائيلي يعمل على الوصول اليه وهو الاقتراب من السودان عبر اوغندا والضغط على السودان والعمل على تقسيمه لان هذا الكيان كان يخشى كثيرا من وجود سودان قوي في شرق افريقيا وقد ساعدت تل ابيب الانفصاليين في جنوب السودان عسكريا واستخباراتيا وارسلت اليهم الاسلحة وقد اوصي الكيان الاسرائيلي اوغندا ان تعمد الى انشاء معسكر لتدريب الانفصاليين السودانيين في قاعدة قرب الحدود مع السودان وقد قدمت اوغندا كافة انواع الدعم اللوجستي للانفصاليين السودانيين ما تسبب بتقسيم اكبر دولة اسلامية في عام 2010 والتي كانت تعتبر دولة من دول محور المقاومة والممانعة، ولايزال الكيان الاسرائيلي يعمل على تفتيت السودان وهذه المرة عبر فصل منطقة دارفور منه.
ويستغل الكيان الاسرائيلي حالة الفقر والبطالة والأمية المتفشية في الدول الافريقية وكذلك عدد كبير من الدول الاسلامية من اجل زيادة نفوذه في هذه الدول وقد ادى النفوذ الاسرائيلي في هذه الدول الى ان تصبح قادة هذه الدول أدوات في ايدي الاسرائيليين ويخدمون مصالح تل ابيب حيث تعتبر اوغندا احد الأمثلة البارزة لما ذكرناه.