الوقت- أصدرت المحكمة الجنائية البحرينية حكماً يتضمن السجن سنة مع وقف التنفيذ ضد الشيخ عيسى قاسم، وفرضت عليه غرامات مالية بعد تهم عديدة وجهت اليه، للوقوف على تفاصيل وتداعيات ما حدث، ولمعرفة وجهة الشعب البحريني بعد هذا الحكم، كان لموقع الوقت التحليلي الاخباري مقابلة مع القيادي في جمعية العمل الاسلامي الدكتور راشد الراشد، جاء في تفاصيله:
الوقت: اصدرت المحكمة الجزائية البحرينية صباح اليوم الحكم بحق الشيخ عيسى قاسم، فما هو تعليقكم على الحكم وتفاصيله؟
الراشد: "اولا نحن لا نعترف بشرعية نظام آل خليفة لكي نعترف بأحكام صادرة من محكمته غير الشرعية، وثانيا هو اعلان حرب على اكبر مكون في المجتمع البحراني وهو محاربة للمرجعية الدينية، ليس في البحرين فقط انما في العالم الاسلامي، وهو مواجهة مع ممارسات عبادية تحت رعاية مراجع الدين وقياداته في الامة، وان هذا الحكم الذي صدر اليوم بتجريم فريضة الخمس هو اعلان حرب على المكون الاساسي في المجتمع البحراني اولا وثانيا هو محاربة لفريضة الخمس التي مارسها ويمارسها ابناء الامة من المؤمنين لمدة قرون، وهي ليست بالشيئ الجديد، واتهام فقيه وشخصية لها مكانتها الدينية بتهمة غسيل الاموال لأنه يجمع الخمس والحقوق الشرعية، هو سابقة لم تحدث اطلاقا في اي بلد من البلدان، ربما هناك انظمة مستبدة ودكتاتورية حاربت خصومها السياسيين، ولكن لم نجد من تجرأ على مواجهة واقحام الفرائض العبادية لكافة الديانات في الصراعات السياسية، ان هذه سابقة خطيرة اذا تم السكوت عنها ستؤدي الى ان لا تكون هناك ديانات ولا احترام لمعتقدات الناس، هي سابقة خطيرة بكل ما تعني الكلمة من معنى وهي اعلان حرب على الديانات السماوية، وحتى الوضعية التي يمارسها المؤمنون في اي عقيدة، وان الحرية العبادية موجودة في اي مكان في العالم، حتى في ظل الانظمة الديكتاتورية والاستبدادية."
الوقت: اجّلت المحكمة البتّ بالحكم مرات عديدة، فما هي اسباب التأخير برأيكم؟ ولماذا تم ايقاف تنفيذ حكم الحبس لثلاث سنوات؟
الراشد: "السبب الاول لتأجيل الحكم في هذه القضية لهذه الفترة الطويلة هو ان القضاة متورطين باصدار حكم يعد سابقة بكل التفاصيل السياسية والقضائية والمدنية، فلا يمكن اتهام فريضة من الفرائض او ادخال عبادة من العبادات اروقة المحاكم، فهي ليست قضية مدنية، وليست حتى قضية سياسية. ثانيا، لأسباب سياسية تتعلق بكيفية الخروج من المأزق، فهناك ثورة شعبية تطالب باستحقاقات وطنية كبرى، كالعدالة الاجتماعية والديمقراطية وحق تقرير المصير، وهذا رمز ديني وقائد ديني ووطني كبير له مكانته ووزنه، وبالتالي فإن اي حكم يصدر ربما يقود الاوضاع الى المجهول وبالتالي نتفهم لماذا تردد النظام كثيرا ولماذا لم يصدر حكما كما ادعى، اي جريمة غسيل اموال وجمع اموال خارج القانون، وحاول ان يمدن القضية، ولكن باعتبار ان القضية مرتبطة بممارسة فريضة موجودة وغير خافية على احد، كان منشأ التردد هو كيفية الخروج قضائيا من المسئلة بالإضافة الى مواجهة ردود الفعل المحتملة من اصدار احكام قاسية تناسب حجم التهم التي وجهت الى سماحة الشيخ. وقد تم ايقاف تنفيذ الحكم لامتصاص ما يمكن ان يحدث من غضب، وجميعنا نعلم بأن هناك شارع وشعب اجتمع ويجتمع في كل المساجد وفي المآتم وفي كل الدور العبادية، بالتكبير انتظارا للحظة الحاسمة التي يمكن ان يصدر فيها حكما يكون فيه مس بسماحته وربما تدارك النظام غضبا شعبيا كبيرا لا احد يعلم الى اين كانت ستؤدي ردة فعله هذه المرة، وبالتالي هو نوع من امتصاص الغضب الذي بدأت بوادره بلبس الاكفان والحضور الكثيف للشعب، خصوصا في الثلاثة ايام الاخيرة في الدراز نفسها."
وحول اكتفاء السلطة البحرينية بهذا الحكم فقط، قال الراشد: "ان وضع البحرين له خصوصيات وشعب حاضر في الميدان وقيادات دينية ووطنية لازالت ثابتة وصامدة ومستمرة في مطالبتها بالاستحقاقات الوطنية الواجبة التنفيذ، وان النظام اخذ ردات الفعل بجدية، فإن المعارضة بأجمعها اتخذت مواقف جدية حذرت النظام من المساس بسماحة الشيخ، الذي يمتلك مكانة دينية مقدسة وليس مجرد زعيم سياسي، وان النظام كان يدرس جدية هذه التهديدات وما يمكن ان توصل اليه."
وتابع:" انعكست هذه الجدية في تهديدات المعارضة والشعب الذي لبس الاكفان ونزل الى الشارع للدفاع عن سماحة الشيخ باعتباره ممثلا للهوية والدين والعقيدة. هذه الحسابات لا يمكن ان تخطئها بوصلة من يشير على النظام اتخاذ القرارات، وربما كان الهدف من هذا الاجراء هو حفظ ماء وجه النظام وفي المقابل تجنبه هبّة شعبية وغضب شعبي عارم قد يؤدي الى اخذ البلاد الى المجهول، وهذا ما لا يريده النظام."
الوقت: الى اين يتجه الشارع البحريني اليوم بعد اصدار هذا الحكم؟
الراشد: "قضية شعب البحرين ليست قضية اسقاط جنسية فرد من ابنائه حتى ولو كان قامة كبيرة مثل سماحة الشيخ، القضية هي انعدام العدالة وانعدام الحريات والمطالبة باستحقاقات وطنية واجبة ولازمة قدم من خلالها الشعب اكثر من 320 شهيد، والشعب ذاهب الى الاستمرار والمواصلة بالادوات السياسية وبالحضور في التظاهرات والمسيرات التي تطالب بالعدالة الاجتماعية والشراكة السياسية، الشعب والمعارضة السياسية كلها متفقين على الاستمرار حتى تحقيق المطالب. والسؤال هو، الى متى يستطيع النظام عسكرة الوضع؟ فالاقتصاد ينهار، وهناك ازمة ملأت العالم بالحديث عنها، فمجالس حقوق الانسان تتحدث عن الجرائم البشعة التي يرتكبها النظام من اجل اخضاع الناس، وهناك صمود يستمر لسبع سنوات والشعب يشارك بقوة في المظاهرات المطالبة بالاستحقاقات الوطنية."
وفي الختام اكد ان "الثورة ماضية، ومرور الوقت يضغط على النظام ومن يدافعون عنه ولا يضغط على المطالبين بحريتهم وكرامتهم وبالعدالة الاجتماعية، وبالتالي ان النظام بكل الوحشية التي استخدمها واستجلابه الجيوش الاجنبية لقمع هذا الشعب وكسر ارادته، بعد مرور سبع سنوات فشل في اخضاع الشعب، ورغم الاعتقال والتهديد تبقى ارادته هي المنتصرة وتفرض ايقاعها على الشارع."
