الوقت - صحيح ان النواة الاولى لداعش ظهرت في العراق، الا ان المعقل الرئيسي لهذا التنظيم الإرهابي هو مدينة الرقة السورية. كما ان داعش لطالما جهد ان يجعل من الرقة مكانا آمنا ومستقرا للمتطرفين، الا ان قادته اليوم مهددون بالتفرّق، بسبب جهود من الداخل والخارج تسعى لاخراج التنظيم من عاصمة الخلافة، مما سيلحق بسمعته ضررا بالغا، وسيضع علامة استفهام حول سيادته على الحركات السلفية.
على هذا الاساس، باتت استعادة السيطرة على الرقة وباقي الاراضي التي يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي هدفا تسعى اليه الدولة السورية والعديد من القوى الاقليمية. الا ان هذا الهدف على ما يبدو لن يتحقق عما قريب. وعلى الرغم من ان الاكراد ومنهم وحدات حماية الشعب المدعومين من الولايات المتحدة هم المؤثر الاكبر لاستعادة هذه المناطق، الا ان السكان العرب المحليين والعديد من دول المنطقة من جملتهم تركيا، يرفضون سيطرة الأكراد عليها.
الاتراك يعتقدون ان اي مساعدة لوحدات حماية الشعب الكردية في سوريا ستصل الى يد حزب العمال الكردستاني، الذي يرونه مجموعة ارهابية، وقد نفذ عليهم هجمات عديدة على مدى عقود. لذلك فإن تركيا طالما لم تطمئن على مستقبل الرقة فإنها تخالف اي عملية لإستعادتها، ومن الممكن ايضا ان تدخل الى المناطق التي يسيطر عليها الاكراد وتقوم بإبعادهم عنها.
ولهذا السبب، تسعى امريكا لتقوية عناصر عربية من وحدات حماية الشعب وذلك بغية ان يستلموا منطقة الرقة بعد اخراج داعش منها، ومع ذلك فمن غير المعلوم ان تكون هذه القوات العربية كافية كي تحافظ على الرقة في مقابل هجمات محتملة لداعش لاستعادتها، او تقدم للنظام السوري او اي مجموعة اخرى مرتبطة بتنظيم القاعدة.
لذلك فإن الاستعانة بأي قوات كردية لاستعادة الرقة يوجب على الولايات المتحدة ان تقنع تركيا ان الاكراد لن يبقوا في المنطقة بعد تطهيرها من داعش. وهذا يلزم واشنطن باتفاقية واضحة مع الاكراد، لكن ذلك ليس بالامر السهل ابدا.
ومن الواضح ان امريكا تريد ان تدعم الطلب التركي بإيجاد منطقة عازلة شمال غرب سوريا، وتساعدها ايضا في حربها على حزب العمال الكردستاني، وهذا يجبرها على ايجاد قوة بديلة للاكراد لحماية الرقة من اي هجوم تتعرض له، ولكن ليس معلوما ان تستطيع هذه القوة البديلة ان تقف في مواجهة الجماعات المتطرفة المعروفة بالعنف.
بناءا على ذلك، ان القيام بعملية استعادة الرقة وتسليمها لأي من الفصائل، تلزم امريكا بتفاهم مع الاكراد وتنسيق مع العرب المعتدلين، ولابد ايضا من ان ترضي تركيا. واضافة الى ذلك عليها ان تنسق مع الروس والجيش السوري الذين يمتلكون نهجا خاصا حول كيفية استرجاع الرقة، وما سيحصل بعد خروج داعش منها.