الوقت- يسيطر تنظيم داعش الإرهابي على مناطق متعددة في العراق وسوريا، وتعتبر الموصل المركز الرئيسي لهذا التنظيم في العراق، في حين أنه يتخذ من مدينة الرقة السورية المأوى الأهم له في داخل الأراضي السورية، وعلى الرغم من أن هذا التنظيم يستخدم أحدث الوسائل الإعلامية لنشر إعداماته للمدنيين محاولاً نشر الرعب في القلوب ليوهم شعوب المنطقة بقوته، إلا أن الوقائع الميدانية تشير إلى خلاف هذا، فالتنظيم الإرهابي بدأ يستشعر الخطر فعمد إلى تضييق الحصار على المدنيين وخاصة في منطقة الرقة السورية.
قام تنظيم داعش الإرهابي بأسر 300 مدني من أهالي مدينة الرقة شمال وسط سوريا، الأمر الذي أدى إلى اعتراض الأهالي وتجمعهم فقام التنظيم باطلاق الرصاص على المتظاهرين بشكل مباشر مما أدى إلى سقوط عدد من الجرحى، ويأتي أسر المدنيين في الرقة بعد الهزيمة التي مني بها تنظيم داعش الارهابي في تل الأبيض وفي بلدة عين عيسى في محافظة الرقة، الأمر الذي يشير إلى أن التنظيم بدأ يلجأ إلى سياسته المعتادة في نشر الرعب واستخدام الحديد والنار لكم أفواه المعترضين الذين يشكلون تهديداً جدياً للتنظيم ولهذا عمد إلى أسر الـ300 مدني محاولاً منع أهالي الرقة من القيام عليه، فالتنظيم يدرك أن أهالي الرقة وكذلك سائر المناطق التي يسيطر عليها غير راغبين بوجوده.
عدم الرضا الشعبي تجاه تنظيم داعش الإرهابي يعود إلى أسباب كثيرة، فالتنظيم يمنع الحريات العامة ويفرض قوانينه بالقوة، بالإضافة إلى أن الأهالي غاضبون نتيجة رؤيتهم لمقاتلي التنظيم الأجانب يستبيحون أموال وأعراض الناس، بالإضافة إلى حرمان الناس من التعلم والدراسة، هذه الأسباب وغيرها تجعل من السخط الشعبي على التنظيم شيئاً محتوماً، وهذا ما شاهده التنظيم بنفسه في الموصل حيث ظهرت منشورات مناهضة له، ولهذا بدأ التنظيم يشعر بخطر شعبي يحيط به في الرقة، لذلك لجأ إلى سياسة القمع والإرهاب.
الهاجس الذي يعيشه تنظيم داعش الإرهابي من انتفاضة أهالي الرقة ازداد بشكل كبير وخاصة بعد أن فقد هذا التنظيم الكثير من عناصره في المعارك الأخيرة التي خاضها، ما دفع بالتنظيم إلى إزالة كل شروط الانتساب إليه، حيث كان يشترط للانتساب إلى صفوف هذا التنظيم أن يحصل من يرغب بالإنضمام على ضمان من أحد شخصيات أو عناصر التنظيم، وبعد أخذ الضمان تجري تحقيقات طويلة الأمد حول الشخص وعقيدته، وفي حال تمت الموافقة عليه يُرسل إلى المراكز التعليمية العقائدية والعسكرية ليتم إعداده ليكون جاهزاً للإنضمام إلى صفوف القتال، هذه الشروط والإجراءات التي كان تنظيم داعش قد شرّعها من قبل، قام بإلغائها الآن، فأصبح المنتسِب يُقبل دون ضمان، وأصبح بإمكانه الذهاب للقتال مباشرة إذا أراد ذلك، حسب ما نقل أهالي الرقة، وهذا يؤكد حجم نقص المقاتلين في صفوفه، وشدة خوف التنظيم من تمرد الناس عليه.
كما وذكر الأهالي أن الخسائر الكبيرة التي مني بها تنظيم داعش في المعارك الأخيرة دفعته إلى إرسال الإداريين الذين يعملون في التنظيم إلى جبهات القتال، وذلك للحفاظ على المقاتلين الأجانب الذين يُعتبرون العمود الفقري للتنظيم، وبسبب قلة الخبرة العسكرية للإداريين وشدة المعارك التي خاضوها فقد التنظيم أعداداً كبيرة منهم، الأمر الذي جعل حاجة التنظيم لا تقتصر على المقاتلين فحسب، فالإدارات أيضاً تعطلت وباتت دون كوادر كافية، ويشير الأهالي إلى أن هناك الكثير من عناصر التنظيم بدؤوا يتملصون من القتال بسبب صعوبة الظروف التي يمر بها التنظيم، وهذه العوامل زادت من الخطر الشعبي الذي يحدق بالتنظيم.
وأحد أسباب الضعف الذي يعاني منه تنظيم داعش الإرهابي والذي ضاعف خوفه من تمرد الأهالي يرجع إلى الجبهة العراقية، فالتنظيم بات يواجه معارك شرسة في العراق دفعته إلى الانسحاب من الكثير من المناطق التي كان قد سيطر عليها، اذ بات أساس وجود تنظيم داعش الإرهابي مهدداً بالزوال، ولهذا لجأ إلى رفع معنويات مقاتليه وتخويف أهالي الرقة من خلال إظهار قوته فعمد إلى بث أفلام قصيرة عن العمليات التي ينفذها وذلك عبر شاشات كان قد نصبها في شوارع وساحات مدينة الرقة.
الأمور بدأت تتعقد بالنسبة للتنظيم، فهناك نقص في العدد والعديد بالإضافة إلى أن المعارك مشتعلة على كافة الجبهات، وكذلك فإن قادة التنظيم باتوا يشعرون بالخطر وخاصة من أهالي المناطق التي يسيطرون عليها والذين باتوا جاهزين للانتفاضة على التنظيم الذي لا يستثني نوعاً من أنواع القمع والإضطهاد بحق الأهالي لزرع الرعب في قلوبهم ومنعهم من القيام بأي حراك ضده.