الوقت- أعربت المحكمة الجنائية الدولية عن نيتها فتح تحقيق دولي في المزاعم التي تتحدث عن ارتكاب جرائم مختلفة بحق المهاجرين في ليبيا من بينها الاغتصاب والبيع بأسواق نخاسة مخصصة لهذا الغرض.
وأبلغت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، فاتو بنسودا، مجلس الأمن أن مكتبها يجمع ويحلل معلومات "متعلقة بجرائم خطيرة وواسعة النطاق تثور مزاعم عن ارتكابها ضد مهاجرين يحاولون عبور ليبيا"، مطالبة المجلس بتوفير المتطلبات القضائية اللازمة لهذا الغرض.
وبحسب تقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة فإن 20 ألف مهاجر تحتجزهم عصابات إجرامية في مراكز احتجاز غير قانونية في ليبيا، مشيرة الى إن أعداداً متنامية من المهاجرين يجري بيعهم فيما يصفونها بأسواق العبيد قبل أن تحتجزهم العصابات طلباً للفدى أو العمالة القسرية أو الاستغلال الجنسي.
ونشرت وكالات إعلام دولية، صوراً لمراكز احتجاز قالت انها لمهاجرين أفارقة في ليبيا، مشيرة الى أن جهات متعددة تسيطر على مراكز اللاجئين، بعضها يعود لسلطة إحدى الحكومات المتنازعة على السلطة في البلاد، وبعضها الآخر يقع تحت نفوذ ميلشيات مسلحة، مؤكدة أن المهاجرين يتعرضون لضروب من الاستغلال و"تجارة البشر".
سعر المهاجر في ليبيا 350 دولار وسطياً
و بحسب تقرير منظمة الهجرة العالمية، فإن المهاجرون المحتجزون في مراكز الاعتقال تلك يباعون بمبالغ تتراوح بين 200 و500 دولار، ليتم استغلالهم في العمل القاسي، ويكون المشتري مسؤولاً عن الشخص بشكل كامل، في حين أن بعضهم قد ينجح بالهرب وبعضهم يفشل ليبقى عرضةً للاستغلال.
ووفقاً لشهادات صادمة لمهاجرين ولموظفي منظمة الهجرة، فإن مئات الرجال والنساء يتم بيعهم، وتتم عمليات البيع في ساحات عامة أو مستودعات.
كيف تتم عملية الهجرة عن طريق ليبيا؟
وبحسب آخر إحصاء للمنظمة الدولية للهجرة، فان ليبيا تعتبر صاحبة العبء الأكبر لحوالي مليون مهاجر من الوطن العربي نتيجة الاوضاع الأمنية والاقتصادية التي تعيشها بعض هذه الدول ومن بينها ليبيا.
ولطالما شكلت ليبيا والتي تملك حدود مترامية الأطراف البوابة الرئيسية للمهاجرين القادمين من افريقيا، والذين يرغبون بالوصل الى القارة العجوز هرباً من ويلات الحروب أو طمعا في تحسين الأوضاع الاقتصادية، وبحسب تقارير المنظمات الحقوقية فقد سلك عشرات الآلاف من الافارقة هذا الطريق في الأعوام الثلاثة الماضية، وكثيراً ما تسبب هذه الطريق بوفاة العديد منهم، اذ تشير تقارير الأمم المتحدة الى أن 600 شخص توفوا في البحر منذ مطلع عام 20177 وقتل عدد غير معلوم أثناء السفر باتجاه الشمال عبر الصحراء وصولا إلى البحر المتوسط.
الطريق نحو الموت
ويأتي معظم المهاجرين من أماكن التقاء داخل كل دولة على حدة، ثم تقوم عصابات التهريب بنقلهم عبر حافلات كبيرة إلى طرابلس، وبحسب اعترافات المهاجرين فإنّ هناك الكثير من أنفاق التهريب الطويلة التي تربط الاراضي المصرية بالليبية، وما على المهاجر سوى التنسيق مع "التجار أو المهربين" ثم يذهب لينتظر دوره في الجانب المصري برًا بالقرب من معبر السلوم على الحدود مع ليبيا، وبعد ذلك يتسلل إلى عمق الاراضي الليبية، لتبدأ بعدها رحلة العذاب، فأن كان للمهاجر حظ جيد يعبر مئات الكيلو مترات في الصحراء المترامية الاطراف خلال عدة أيام ليصل بعدها الى المناطق المخصصة على الساحل الليبي، ان لم يقع فريسة بأيدي "تجار البشر" وقطاع الطرق. وبالاضافة الى الحدود اليبية المصرية تشكل الهجرة من الحدود التونسية- الليبية ممراً هام للافارقة للوصول الى ايطاليا، باعتبار ان تلك الحدود تبقى أسهل من سلوك طريق الهجرة عبر الصحراء العربية الكبرى.
وعلى السواحل الليبية وعلى وجه الخصوص، سواحل العاصمة طرابلس ينتظر المهاجرون عدة أسابيع إلى أن تنتهي عصابات التهريب من استكمال تنسيقها مع بعض عناصر الشرطة وخفر السواحل، وبعد ذلك تبدأ "المغامرة" ويصبح المهاجر مباشرة أمام خطر الموت غرقا نتيجة تدني متسويات الامان والسلامة في القوارب الصغيرة المكتظة التي تقوم بنقلهم، اذ يقسم المهاجرون إلى مجموعات يتراوح عدد كل منها ما بين 80 و1000 ثم تنطلق بهم عصابات التهريب إلى مدينة زوارة الليبية التي تبعد عن سواحل إيطاليا بحوالي 150 ميلا بحريا يقطعونها في رحلة بحرية قد تستغرق يوما واحدا إذا كان الجو صحوا.