الوقت- تتجه الأنظار حاليا إلى الجنوب السوري الذي بدأ لهيب الأزمة يشعل جبهاته انطلاقا من معبر التنف الحدودي، ليرافق ذلك تصريحات وردود شديدة اللهجة بين الطرفين الأردني والسوري، حيث حذر وزير الخارجية السوري وليد المعلم القوات الأردنية من التوغل في الأراضي السورية.
إلى ذلك صرح الناطق باسم الحكومة الأردنية محمد المومني بالقول إنّ بلاده ستقوم بالدفاع عن حدودها بالعمق السوري إذا اقتضى الأمر ذلك، ولا أحد يعلم ما إذا كان تصريح المومني هو تمهيد لهجوم تسعى له الولايات المتحدة عبر الأردن لتحقيق مأربها وغايتها في قطع الطريق على محور المقاومة والحيلولة دون فتح طريق دمشق ــ بغداد، ومن خلفها، طريق بيروت ــ طهران.
وتحت غطاء القيام بمناورات "الأسد المتأهب" تسرح وتمرح القوات الأمريكية ضمن الأراضي الأردنية، حيث اعتبر الكثيرين هذه المناورات مشبوهة وتهدف للتغطية على مشروع لاجتياح أراض سورية.
وعلى غرار نسخة درع الفرات الصناعة التركية يحضر لنسخة جديدة برعاية أردنية للدخول إلى العمق السوري، فهل تريد الأردن أن تنتقل من مرحلة دعم فصائل المعارضة المسلحة إلى الزج بقواتها بشكل مباشر في أتون الحرب السورية، وهل تستطيع الأردن تحمل فاتورة هذه المغامرة وتبعاتها على الداخل الأردني الذي يعيش حالة من الغليان.
أما بالنسبة لأمريكا فيمكن القول بأنه في حال تجرأت واشنطن وقامت بشن هجوم مباشر على سوريا من بوابة الأردن "علما أن سياستها الحالية تتناقض مع هذا الأمر" ستعاني أكثر بكثير مما عانته من العراق، فالمعركة مختلفة في سوريا على كل المقاييس، وبالتالي سيكون الجنوب السوري ساحة لمواجهات عنيفة يرافقها استنزاف لن تستطيع الولايات المتحدة تحمله، وهذا ما يفسر محاولة واشنطن توريط عمان بهذه المعركة الغير واضحة المعالم ولا النتائج.
وهنا نشير إلى أمرين مهمين: الأمر الأول، ليس كل ما تخطط له أمريكا عن طريق أذرعها يمكن تحقيقه.
الأمر الثاني، في حال حدوث مواجهة وهو أمر مستبعد بحسب خبراء استراتيجيين، لايمكن أن تمر بسهولة، حيث لايمكن أن نغفل دور روسيا وإيران الداعمين الأساسيين للدولة السورية، وهذا ما سيعقد الأمور ويقطع الطريق على ما تخطط له أمريكا وحلفائها.
ولكن في الوقت نفسه لا يخفى على أحد أن الغرب يسعى عبر أدواته لإطالة عمر الأزمة السورية من أجل الضغط على قرارات الدولة السورية وسيادتها ومحاولة إضعاف محور المقاومة وبالتالي تفكيك القضية الفلسطينية، وهذا يصب في خدمة الكيان الاسرائيلي، إلا أن سنوات الأزمة السبعة أثبتت عكس ما جرى التخطيط له برعاية أمريكية في الغرف السوداء.
وفي هذا السياق لابد أن نقول بأن اتفاق المناطق الاربعة جاء خطوة استباقية لقطع الطريق أمام ما يجري التخطيط له، لكن الجيش السوري أثبت اليوم أن المناطق الامنة لن تكون أمنة على الجميع، وأن أي هجوم أو محاولة تقدم نحو الأراضي السورية سيتم التعامل معها وردعها كما فعل الطيران السوري اليوم مع ما يسمى "جيش أسود الشرقية" و "ولواء شهداء القريتين" في محوري السبع بيار وحاجز ظاظا في البادية الشامية عند الحدود الإدارية لريف حمص الجنوبي الشرقي مع القلمون الشرقي بريف دمشق، وذلك إثر هجوم للفصائل، في محاولة لتحقيق تقدم في المنطقة الواقعة على الطريق الواصل إلى معبر التنف الحدودي مع العراق.
ومن خلال هذا المشهد يمكننا أن نستشف أن كل ما تقوم به المجموعات المسلحة وداعميها يقع تحت نظر الجيش السوري، إلى ذلك تحدثت معلومات عن تجمّع حشود عسكرية أميركية وبريطانية وأردنية على الحدود الجنوبية لمحافظتي السويداء ودرعا من تل شهاب إلى معبر نصيب وإلى منطقة الرمثا وانتهاء في خربة عواد بتواجد كتائب دبابات بريطانية ثقيلة من نوع "تشالنجر" مع 2300 مسلح وعدد من الطائرات المروحية من طرازي "كوبرا" و"بلاك هوك"، وأن قرابة 4000 مسلح ممن دربوا في الأردن موجودون في منطقة التنف داخل الحدود السورية.
ومع نشر هذه المعلومات وجه مصدر مطلع تهديدا مباشرا للأمريكيين وقال: "ليعلم الأميركيون وحلفاؤهم أنهم سيدفعون الثمن غالياً، وسيكونون أهدافاً جراء استباحتهم الأرض السورية".
وقال المصدر إن "سوريا وجميع حلفائها يتابعون عن كثب ما تسعى اليه أميركا من وجودها عند الحدود الأردنية السورية، وتراقب تحركاتها في تلك المنطقة حيث تم رصد تحركات لقوات أميركية وبريطانية وأردنية باتجاه الأراضي السورية". ورأى المصدر أنّ "المناورة التي تجري حالياً عند الحدود الأردنية السورية مناورة مشبوهة، يراد منها التغطية على مشروع لاجتياح واحتلال أراضٍ سورية تحت عناوين محاربة داعش التي ليس لها أي وجود فعلي عند تلك الحدود".