وفي التفاصيل أشارت صحيفة الإندبندنت البريطانية في مقال لها إلى تقرير منظمة هيومن رايتس وتش الدولية لحقوق الانسان والذي تحدث عن استخدام السعودية القنابل العنقودية المحرمة دوليًا، وعن حصول السعودية على هذه القنابل من أمريكا، ويقول كاتب التقرير اليستر داوبر: "إن هناك 108 دولة وقعت عام 2008 على اتفاقية تحرم استخدام تلك القنابل بسبب تأثيرها الواسع على المدنيين، وأن أمريكا والسعودية بين الدول التي لم توقع على تلك الاتفاقية."
وأشارت الصحيفة البريطانية في مقالها إلى أن "القنابل العنقودية التي عثرت عليها منظمة هيومن رايتس ووتش من صنع شركة "تكترون سيستمز كوربوريشن"، وهي شركة سلاح أمريكية مقرها في ولاية رود ايلاند الأمريكية.
نعود إلى تقرير المنظمة الدولية الذي تحدثت عنه صحيفة الأندبندنت، إذ أكدت منظمة هيومن رايتس ووتش الدولية في هذا التقرير عثورها على أدلة "ذات مصداقية على أن التحالف الذي تقوده السعودية استخدم ذخائر عنقودية محظورة، من صنع أمريكا، في غاراته على اليمن"، وأشارت المنظمة إلى حصول كل من السعودية والإمارات على هذه الأسلحة المحظورة دولياً من أمريكا.
وقال ستيف غوس مدير قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش: "أصابت الذخائر العنقودية التي استخدمت في الغارات التي تقودها السعودية مناطق قريبة من قرى محلية، فعرّضت حياة الناس إلى الخطر. ولأن هذه الأسلحة محظورة في جميع الظروف، فإن السعودية والدول الأخرى المشاركة في التحالف، ومعهاأمريكا التي صنّعت الأسلحة، تضرب عرض الحائط بالمعيار الدولي الذي يحظر استخدام الذخائر العنقودية لأنها تعرّض حياة المدنيين للخطر على الأمد الطويل".
وأوردت المنظمة الدولية دلائل دامغة حول استخدام السعودية وحلفاؤها هذه الأسلحة خلال عدوانهم على اليمن، حيث أشارت المنظمة إلى عدد من الصور والفيديوهات التي تثبت تورط السعودية في استخدام هذه الأسلحة ضد المناطق المأهولة بالسكان. كما أشارت هيومن رايتس ووتش إلى تصدير أمريكا 1300 قنبلة عنقودية من نوع CBU-105 عام 2013م، وكذلك قيام أمريكا بتصدير عدد غير محدد من هذه القنابل إلى الإمارات عام 2010م ، منوهة بأن "السياسة الأمريكية الحالية تسمح باستخدام هذه القنابل المحظورة وتصديرها".
ولكن الأمر اللافت للانتباه في التقرير هو الحقائق التي ذكرتها منظمة هيومن رايتس ووتش حول استخدام السعودية لهذه الأسلحة مرات عديدة سابقاً، حيث ورد في التقرير "توجد أدلة ذات مصداقية تؤكد أن السعودية قامت بإلقاء ذخائر عنقودية في محافظة صعدة في نوفمبر 2009م أثناء محاربة الحكومة اليمنية لأنصار الله هناك. وأكدت مصادر عديدة وجود بقايا ذخائر عنقودية ناتجة عن غارات سعودية، بما في ذلك ذخائر صغيرة أمريكية الصنع من نوع BLU-97 و BLU-61".
هذه الحقائق أجبرت السعودية على الاعتراف باستخدامها هذه الأسلحة خلال عاصفة الحزم، بعد أن كانت نفت استخدامها بشكل قاطع، عندما اعترف المتحدث باسم التحالف السعودي أحمد عسيري، في مقابلة مع قناة سي إن إن الأمريكية "أن بلاده تستعمل بالفعل تلك القنابل"، ولكنه زعم أنها تستهدف الآليات العسكرية ولا تستهدف المدن والمناطق المأهولة، الأمر الذي أثبتت هيومن رايتس ووتش كذبه بالأدلة القاطعة. ولكن العسيري أشار من حيث لا يدري إلى تورط أمريكا في هذه الجريمة عندما تساءل بقوله "هي ليست غير قانونية، وإذا كانت تلك القنابل غير قانونية فلماذا تبيعها أمريكا؟"
وفعلاً لماذا تقوم أمريكا ببيع هذه الأسلحة؟
أمريكا معروفة عبر تاريخها بارتكابها أفظع الجرائم بحق الإنسانية جمعاء، ويكفينا لإثبات ما نقول التذكير بما ارتكبته هذه الدولة الإرهابية في حق الشعب الياباني عندما ألقت فوق رؤوس الآمنين قنبلتين نوويتين أزالتا مدينتي هيروشيما وناكازاكي خلال ثوان معددة، لتحولها إلى أثر بعد عين. والتاريخ يذكر أيضاً استخدام أمريكا الأسلحة الكيميائية لمدة تتجاوز عشرة سنوات ضد شعب فيتنام، أما جرائم أمريكا في العراق وأفغانستان فهي غنية عن الذكر حاضرة في أذهاننا جميعاً.
أمريكا هذه دافعت عن تزويدها السعودية بذخائر عنقودية حيث قال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون": "الولايات المتحدة تصنع ذخائر عنقودية تحترم الشرط الصارم بالانفجار بشكل شبه كامل"، مؤكدا أن نسبة القنابل الصغيرة التي قد لا تنفجر في هذا النوع من الذخائر تقل عن1%"
وأضاف المسؤول العسكري الأمريكي: "أمريكا لا تزود أي دولة بذخائر عنقودية إلا بعد أن تلتزم بأن ينحصر استخدام الذخائر العنقودية بأهداف عسكرية محددة بوضوح، وأن لا يتم استخدامها في مناطق معروف أن فيها مدنيين أو يقطنها في العادة مدنيون".
زعمٌ أمريكي واه أثبتته دماء الأبرياء من الشعب اليمني، وعشرات الصور والفيديوهات التي تثبت تورط حليفها السعودي في ارتكاب هذه الجرائم.
يذكر أن المتحدث باسم الجيش اليمني العميد الركن شرف غالب لقمان اتهم السعودية في وقت سابق بارتكابها مجازر في حق الشعب اليمني واستخدام أسلحة دمار شامل محرمة دولياً. وقال المتحدث باسم الجيش اليمني أنّ السعودية تواصل "ارتكاب المجازر المتتالية وحرب الإبادة، مستخدمة صواريخ وقنابل ذكية محرمة دولياً ألحقت دماراً شاملاً في الأحياء والتجمعات السكانية التي استهدفها القصف في العاصمة صنعاء وغيرها من المحافظات". وأشار لقمان إلى أن القصف الذي تعرضت له منطقة "عطان" استخدم فيه أسلحة محرمة دولياً، مؤكداً أنه أحدث دماراً بقطر 25 كم، الأمر الذي يفضح الأهداف الحقيقية لهذا العدوان.
يشار إلى أن القنابل العنقودية ليست أسلحة دقيقة التصويب، تحتوي الواحدة منها على عشرات أو مئات الذخائر الصغيرة التي تنفجر عند ارتطامها بالأرض وتنتشر على مساحة واسعة، تقارب مساحة ملعب كرة قدم، ما يجعل كل شخص متواجد في مكان الهجوم عرضة للموت أو للإصابة بجروح، وأحياناً لا تنفجر الذخائر الصغيرة في وقتها، فتتحول بطبيعتها إلى ألغام أرضية من الممكن أن تتسبب في إصابة أو قتل المدنيين بعد وقت طويل من انتهاء الحرب.