الوقت- القدس قبلة المسلمين الاولى تستحق ان تحظی بكل اهتمام ورعاية، ذلك ان للمدينة تفرداً عجيباً بطابعها الحضاري والتاريخي ما جعلها محط أنظار المؤمنين من الديانات السماوية الثلاث، والقدس هي القضية الاساس بنظر المسلمين والشرفاء من هذه الامة، لكن ما یبعث علی الأسف والحزن هو تخاذل بعض الحكومات العربية عن نصرتها وإعادة الحق لاهلها، بل البعض تواطأ وذهب داعما للكيان الإسرائیلي المحتل الذي يسعى وبدعم دولى لنزع الهوية العربية الإسلامية التاريخية من هذه المدينة وفرض طابع مستحدث جديد علیها وهو الطابع اليهودي. فأين الحكومات العربية التي تتواطئ علی شعبها وأمتها؟؟ وما هي حقيقة ما يتناقل من اخبار عن تورط الامارات بدعم الاستيطان اليهودي؟؟
تسعى سلطات الاحتلال إلى تهجير الفلسطينيين وسحب الهويات منهم، وتعتبر سياسة التهجير هذه من مدينة القدس إحدى الوسائل المعتمدة لدى الاحتلال الإسرائيلي؛ وذلك من أجل خلق واقع جديد يكون فيه اليهود النسمة الغالبة في مدينة القدس، وقد وضعت الحكومات المتعاقبة لدولة الاحتلال مخططات من أجل ذلك .
ففي ظل تطبيع بعض الدول العربية، كمصر والأردن وقطر، علاقتها مع الکیان الإسرائيلي علناً، أقدمت دول أخرى على الأمر نفسه، محيطةً إياه بشيء من السرية. وتتصدر دولة الامارات العربية المتحدة قائمة الصدارة بين هذه الدول المتعاونة مع الكيان الغاصب بشكل سري. ولكن لم يمنع ذلك بروز هذه العلاقات الخائنة للعلن، حیث كان آخرها ثبوت وثائق تشير الى تورط دولة الامارات بدعم وتمويل عمليات الصهاينة من اجل تهويد القدس، بل والإشراف على جمعيات تدير ذلك، وهذا ما كشف عن جزء منه الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الاسلامية في الاراضي الفلسطينية المحتلة في مقابلة أجريت معه على قناة "بي بي سي" الاخبارية، مؤكدا ان 34 شقة ومنزلا في القدس المحتلة وبالتحديد في حي سلوان الذي يسكنه الفلسطينيون قد وصلت الى بنوك الكيان في فلسطين من الامارات .
يشار الى ان للامارات العربية سوابق كثيرة في تعاونها مع الكيان الإسرائیلي، فعلی ﺳﺑﯾل اﻟﻣﺛﺎل وﻟﯾس اﻟﺣﺻر نذكر التعاون في مجالات الرياضة والتجارة والتعليم والثقافة، ناهيك عن صفقة شراء الاسلحة الاسرائيلية التي يتم اختبارها على الفلسطينيين واللبنانيين، وهذا لا شك أنه من اشكال التواطؤ المباشر من اجل تبييض جرائم الحرب الاسرائيلية .
وامام هذه المؤامرات من قبل بعض الحكومات العربية اتجاه البوصلة فلسطين، يسجل بعض من المخططات والمشتركات بين الحكومات العربية والكيان الإسرائیلي لا سيما الامارات العربية المتحدة الهادفة للقضاء على الفكر والثقافة الاسلامية والحركات الثورية المناهضة لاعداء المنطقة، وتداعيات ذلك على الشعوب العربية والاسلامية يمكن ذكر ابرزها كالتالي :
1- تتواطئ بعض الحكومات العربية والمساهمة بالتنسيق مع الكيان الإسرائیلي لاغتيال بعض رموز المقاومة الفلسطينية، والمثال على ذلك التقریر الذي نشره مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” والذي يكشف تورط ضاحي خلفان قائد شرطة دبي في عملية اغتيال المبحوح في يناير عام 2010، واستند المركز في تقريره إلى من وصفهم بمصادر من داخل شرطة دبي نفسها التي قالت إن دحلان كان يملك معلومات تفصيلية عن خطة مراقبة ولكنه لم يتدخل من أجل إيقافها .
2- دالتطابق في المواقف السياسية والميدانية اتجاه كل الحركات المقاومة في المنطقة، وقد ترجمت الامارات هذه الخطوة من خلال التصريحات التي تبثها بين الحين والاخر ضد حركة حماس كان اخرها إعلان الامارات استعدادها للدعم المادي للكيان الإسرائیلي في اي عملية يريد الكيان شنها على قطاع غزة. جاء ذلك خلال زيارة لوزير طاقة الكيان الإسرائیلي الاخيرة الى الامارات وهو ما يشير بكل وضوح الى تخاذل الامارات عن حقوق الشعب الفلسطيني واعتراف واضح وصريح بهذا الكيان الاجرامي اللاشرعي .
3- التعاون الامني والعسكري بين الامارات والكيان الإسرائیلي والامثلة علی ذلك كثيرة، كان اخرها أن طيارين اثنين من سلاح الجو الإماراتي شاركا مع طيارين إسرائيليين في تدريبات عسكرية في مناورات العلم الأحمر التي أُقيمت في أمریکا في نهاية شهر سبتمبر الماضي، ما يجعل الامارات شريكة في كل اعتداء يقوم به الكيان الإسرائیلي على الفلسطينيين وهو اعتداء يومي مستمر. بل ان الامارات وبما تقوم به قد تجاوزت التنسيقات التي تقوم بها بعض الدول العربية التي تعلن اعترافها بالكيان الإسرائیلي صراحة .
4- علاقة اخوة وصداقة، ففي صفحة أكثر صراحة من تطبيع العلاقات، نشرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية خبرًا عن مشاركة – غير معلنة – لرئيس الكيان الإسرائیلي شيمون بيريز في افتتاح مؤتمر أمني انعقد في مدينة أبوظبي في بداية نوفمبر من العام 2014 بحضور 29 من وزراء خارجية عرب ومسلمين وإلقائه كلمة الافتتاح في المؤتمر عبر الفيديو كونفرانس من مكتبه في القدس، وهو المؤتمر الذي صادف حضوره توماس فريدمان الكاتب والمحلل بجريدة نيويورك تايمز، حیث كتب بشأنه مقالاً نُشر بتاريخ 17 نوفمبر الماضي في نيويورك تايمز، وهو ما يعتبر إجماعا مشتركا لحكومات الدول العربية التي اجتمعت في المؤتمر على احقية الكيان الغاصب ومشروعيته في كل ما يقوم به اتجاه القدس وتهويدها بل تهويد كل فلسطين .
يبدو إذاً أن العلاقات غير المعلنة بين الكيان الإسرائیلي والإمارات تذهب إلى مدى أبعد بكثير مما يظن الكثيرون على المستوى السياسي والاقتصادي والأمني، حيث يرى بعض المراقبين أن الإمارات راضية بشكل كبير عن هذا النوع من العلاقة الذي يجنبها الكلفة السياسية وردود الفعل الشعبية(الرافضة لاي شكل من اشكال الاعتراف بالكيان الغاصب) للتطبيع المعلن مع الكيان الإسرائیلي، بينما يرى آخرون أن القضية ليست إلا قضية وقت قبل أن يدخل الطرفان في علاقة دبلوماسية رسمية ربما تكون مقدمة لسلسلة خطوات أخرى من التطبيع الخليجي المعلن مع الكيان الإسرائیلي. بل يذهب البعض الى القول ان الامارات والكيان الغاصب يتعمدون التدرج في هذه العلاقات بهدف إضفاء طابع – الامر الواقع – للكيان الغاصب في هذه المنطقة وان التعامل معه امر طبيعي لا تشوبه شائبة. ولکن يبقى الامر متروكا الى الضمائر الحية من شعوب عالمنا الاسلامي، والحركات المقاومة التي ترفض ان يضاع الحق ويعطى لغير صاحبه .