الوقت - قال موقع وورلد سوشاليست أمس الخميس على لسان الكاتب أليكس لانتير إنه وبعد أقل من أسبوعين من تنصيب دونالد ترامب رئيساً لأمريكا، تحطمت السلطة السياسية في أوروبا من جراء أفعال الحكومة الأمريكية الجديدة حيث أن الاحتجاجات ضد حظر السفر الذي شرعه ترامب مؤخراً انتشرت دولياً وسط نشوب الصراعات بين واشنطن والاتحاد الأوروبي على التجارة والسياسة العسكرية، ولا يسعنا هنا القول إلا أن نتائج الانتخابات الأمريكية الأخيرة قد تغرق أوروبا في أزمة غير مسبوقة.
وتابع الكاتب في مقاله بالقول إن الرئيس الأمريكي الجديد لا يحظى بشعبية في أوروبا، حيث إنه ووفقاً لاستطلاعات مركز "فرانسينفو" فإن معدلات رفض ترامب في القارة العجوز تتجاوز 83 في المئة في ألمانيا، و81 في المئة في فرنسا و80 في المئة في إسبانيا و75 في المئة في بريطانيا و59 في المئة في إيطاليا، من هذه النتائج أعلاه يتبين لنا أن سكان أوروبا تعاطفوا مع الاحتجاجات في أمريكا ودول أخرى ضد ترامب، والذين بدورهم يحتقرون على نطاق واسع التدابير المعادية للمسلمين والمناهضة للهجرة، حيث ينظر الأوروبيون إلى إجراءات ترامب الأخيرة على حقيقتها وهي: محاولة لاضطهاد الشعب الأعزل على أساس القومية والعنصرية.
وتابع الكاتب بالقول إنه وفي حين أن المعارضة الشعبية لترامب تعبر عن العداء للطبقة الحاكمة الأوروبية، ناهيك عن أن التناقضات آخذة في الظهور بسرعة هائلة، ففي شهر تشرين الثاني، قام أوباما بجولة في أوروبا لتقديم تطمينات حول الانتخابات الأمريكية وحينها أصرَّ باراك أوباما على أن ترامب كان عميق الالتزام بالناتو والتحالف الأطلسي." لكن وبالكاد بعد شهرين نشبت الصراعات التي أطلقتها الانتخابات الأمريكية والتي فاز بها ترامب والتي قوضت بدورها العلاقات بين الرأسمالية الأمريكية والأوروبية والتي كانت سائدة بالأصل منذ الحرب العالمية الثانية.
وأضاف الكاتب بالقول: لماذا قد تسببت انتخابات ترامب بهذا الانهيار الكبير بين الاتحاد الأوروبي وأمريكا بدلاً من أن تكون بمثابة محفز لها؟ حيث أن محاولة الإمبريالية الأمريكية الأخيرة هي فقط لمواجهة التراجع الاقتصادي والعسكري الذي تعاني منه أمريكا لعقود طويلة، خاصة أن أمريكا باتت اليوم وجهاً لوجه مع ألمانيا، ومنذ انتخاب ترامب طالب ألمانيا بشراء المزيد من السيارات الأمريكية وهدد بفرض تعرفة بنسبة 35 في المئة على صادرات السيارات الألمانية، الأمر الذي فسره الكثير من المحللين الاقتصاديين بأنه تفكك للاتحاد الأوروبي، ومعاداة لليورو.
وتابع الكاتب بالقول إن سفير أمريكا في الاتحاد الأوروبي، تيد مالوك قال إن اليورو يمكن أن ينهار في الواقع خلال العام ونصف العام القادمين، حيث تكهن مالوك بأن انتخابات هذا العام من الفاشيين الجدد في هولندا، فرنسا، وربما ألمانيا قد تدمر الاتحاد الأوروبي بشكل كامل، حيث أرسل رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي دونالد تاسك بريداً الكترونياً عشية قمة الاتحاد الأوروبي في مالطا وحذرت الرسالة من أن الوضع "أكثر خطورة من أي وقت مضى منذ التوقيع على معاهدة روما" التي أنشأت الجماعة الاقتصادية الأوروبية في عام 1957، ودعت الرسالة إلى اتخاذ "خطوات حازمة ومذهلة" لاستخدام "تغيير في الاستراتيجية التجارية لأمريكا كي تصب في مصلحة الاتحاد الأوروبي من خلال تكثيف المحادثات مع الشركاء المهتمين"، حيث أنه ومن بين مقترحات رئيس مجلس الاتحاد الأوروبي "تعزيز التعاون النهائي للحدود الخارجية في الاتحاد الأوروبي، وهذه التعزيزات تتضمن تحسين التعاون في مجال الخدمات المسؤولة عن مكافحة الإرهاب وحماية النظام والسلام في منطقة خالية من الحدود؛ وزيادة الإنفاق على الدفاع وتعزيز السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي.
وعلق الكاتب على إجراءات الاتحاد الأوروبي بالقول يجب أن يتم رفض خطة الطبقة الحاكمة الأوروبية التي تستغل عداء ترامب لتبرير سياسات الدولة العسكرية والشرطة العدوانية، حيث أن هذه السياسات الرجعية هي كتلة الإمبريالية الرجعية نفسها التي تعاونت مع الولايات المتحدة في الحرب في ليبيا وسوريا، فحين يتكلم أي أحد في الاتحاد الأوروبي عن تعاطفه مع محنة اللاجئين، يجب عليه في البداية أن ينظر إلى السياسات الأوروبية التي نفذت والتي أدت إلى أن يغرق الآلاف في البحر الأبيض المتوسط.
وتابع الكاتب بالقول إن الاتحاد الأوروبي على شفا التفكك الفعلي، حيث أن بريطانيا وضعت خطة بالفعل لمغادرة الاتحاد الأوروبي وسط تصاعد التوترات بين لندن وبرلين، إذ أن الصحافة الأوروبية مليئة بالمقترحات لتقليص الاتحاد الأوروبي أو منطقة اليورو إلى "جوهر" أوروبا وتشمل هذه المقترحات خططاً لطرد دول منطقة اليورو التي دمرها تقشف الاتحاد الأوروبي في جنوب وشرق أوروبا، بما في ذلك إيطاليا واليونان ومعاقبتهم مع تخفيض قيمة العملة والتي قد تشكل صدمة في الأسواق المالية.
واختتم الكاتب بالقول إنه وبعد قرن من الحرب العالمية الأولى، بدأ العد التنازلي الجديد للحرب، التي هي متجذرة في التناقضات الملازمة للرأسمالية بين الاقتصاد المتكامل عالميا وتقسيم العالم إلى دول قومية معادية، وسط تراكم الربح الخاص عن طريق الطبقة الرأسمالية.