الوقت- على مدى أكثر من أحد عشرعاماً لم تتوقف معاناة سكان قطاع غزة جراء الحصار المفروض عليهم من قبل الكيان الإسرائيلي الذي يسعى جاهداً للقضاء على جميع سبل الحياة هناك، هذا الحصار الذي جلب معه أزمات اقتصادية خانقة عانى منها سكان القطاع الأمرين، ولم تقتصر معاناتهم على هذا الأمر فلقد ظهرت أزمات أخرى أثرت بشكل كبيرعلى الحاجات اليومية للمواطنين، حيث تفاقمت أزمة الكهرباء والماء خلال الأسابيع القليلة الماضية مضيفة الخناق على أكثر من مليوني إنسان في غزة.
ومنذ عدة أسابيع يحصل سكان القطاع على الكهرباء لمدة ثلاث ساعات في اليوم فقط، فيما اشتكى العديد من سكان المناطق والأحياء في قطاع غزة بعدم وصول التيار الكهربائي إلى منازلهم ومصالحهم الاقتصادية أكثر من 4 ساعات على مدار 48 ساعة.
كما تضرر جراء تفاقم أزمة الكهرباء أكثر من نصف مليون طالب/ة في كافة المراحل التعليمية في القطاع، والذين ازدادت معاناتهم مع بدء الامتحانات نهاية الفصل الدراسي للعام 2016-2017.
مظاهرات سلمية تحمل الكيان الإسرائيلي مسؤولية انقطاع الماء والكهرباء
دفع اشتداد أزمة الكهرباء الكثير من المواطنين للخروج في تظاهرات سلمية في كافة محافظات القطاع، طالبوا من خلالها بضرورة إنهاء أزمة الكهرباء التي لا زالت تتربع على عرش الفلسطينيين منذ أكثر من عشر سنوات متواصلة، والعمل على توفير الكهرباء الذی یصل بشكل متقطع ،الأمر الذي يفاقم معاناتهم، خاصة في ظل الأجواء الباردة، كما حمل أهالي القطاع خلال التظاهرات السلطة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي مسؤولية هذه الازمة.
وفي هذا السياق صرحت حماس عبر القيادي فوزي برهوم لوكالة تسنيم "أن السبب الرئيسي في هذه الأزمة هو استمرار الانقسام و التجاذبات السياسية و رفض السلطة الفلسطينية والحكومة التعاطي مع أي حلول سريعة أو حتى جذرية مع هذه الأزمة ونحن قدمنا بشكل واضح كل ما لدينا من التزامات وواجبات اتجاه تطبيق ما تم التوافق عليه في الاعلان والآن الكرة في ملعب رئيس السلطة الفلسطينية و في ملعب حكومة "رامي الحمدالله". أما المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، فيرى أن أزمة الكهرباء أزمة سياسية بامتياز، وأنها نتيجة مباشرة لغياب التوافق الفلسطيني واستمرار المناكفات السياسية.
تداعيات انقطاع التيار الكهربائي والمجال الطبي أكبر المتضررين
إن عدم توفر التيار الكهربائي بصورة منتظمة يولد نتائج هدامة: حيث يضر بالمعدات الطبية والمستشفيات التي تضطر إلى اللجوء لمولدات الكهرباء وتقليص الخدمات التي تقدمها- بما في ذلك تأجيل العمليات الجراحية غير المستعجلة وتسريح المرضى مبكرا. كما يحول التزويد غير المنتظم للكهرباء دون التشغيل المنتظم لمضخات المياه والآبار، مما يمس بالمؤسسات العامة وتزويد البيوت بالمياه التي تقلصت بصورة ملحوظة. وبناء عليه، يضطر السكان إلى الاعتماد على مزودي المياه الخاصين الذين يزودون المياه لكن بجودة قليلة، كما تواجه محطات تنقية مياه المجاري صعوبات في العمل ولهذا فقد قللت من دورات المعالجة ويتم ضخ مياه المجاري إلى البحر بعد تنقيتها جزئيا، كما قلصت المنشآت التجارية ساعات عملها، وأدى ذلك إلى مزيد من التدهور الاقتصادي الذي يعاني منه قطاع غزة.
يذكر أن الكهرباء یصل إلى قطاع غزة من ثلاثة مصادر: مصر ومحطة توليد الكهرباء في غزة والكيان الإسرائيلي الذي قصف المحطة في العام 2006 ومنذ ذلك الوقت توفر نصف طاقتها تقريبا من القدرة الإنتاجية. كما تواجه محطة توليد الكهرباء صعوبات بالعمل بسبب صعوبات مالية، ومن بينها عدم الاتفاق بين السلطات في القطاع ورام الله بخصوص تمويل السولار.
الكيان الإسرائيلي يحول دون إصلاح محطة توليد كهرباء غزة
الجدير بالذكر أن الكيان الاسرائيلي الذي يفرض حصاراً ظالماً على أهالي القطاع، يمنع ترميم محطة توليد الكهرباء كما أنه يجبر سكان القطاع بشراء الوقود منه فقط بسعر أعلى بـ3 أضعاف من الكهرباء الموزعة داخل "كيان الإحتلال"، ويفرض القيود على إدخال قطع الغيار إلى قطاع غزة وترميم البنى التحتية التي تضررت خلال القصف الإسرائيلي في قطاع غزة.
وتجدر الإشارة أن قطاع غزة يحتاج إلى 400 ميغاوات من الكهرباء، لا يتوفر منها إلا 212 ميغاوات، يقدم الكيان الإسرائيلي منها 120 ميغاوات، ومصر 32 ميغاوات وشركة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة 60 ميغاوات، وفق أرقام سلطة الطاقة الفلسطينية.
وهكذا فإن أزمة الكهرباء والماء تعد من المشاكل المعقدة التي تعاني منها غزة، ولم يجر إيجاد حل لها منذ سنوات، كما أن أوضاع القطاع تزداد سوءا بينما الدول العربية تقف مكتوفة الأيدي أمام مايحصل لهذا الشعب المقاوم والعالم يكتفي بالصمت والتجاهل حيال معاناة أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين دون أدنى مقومات الحياة الإنسانية.