الوقت- خرج بیان علماء البحرين ليضع النقاط على الحروف. المرحلة تتطلَّب وقفةً مختلفة في ساحة الدفاع عن الدين والوطن. حيث أبرز البيان عدة توجيهات يعرف الجميع أن الساحة البحرينية مؤهلة لها. فعلى الرغم من أنها تدخل في خانة الحراك السلمي أيضاً، لكنها تُثبت مرةً أخرى أن النظام الحاكم في البحرين لا يمتلك أي مشروعية شعبية. فماذا في بيان العلماء وتأكيداته؟ وما هي دلالات ذلك؟
بیان علماء البحرين
بعد جريمته البشعة في الدراز، حاول النظام البحريني التنصّل من مسؤوليته المباشرة عن الهجوم الدموي على المعتصمين في ميدان الفداء في الدراز، عبر توظيف بعض الجهات لتحريف حقيقة ما ارتكبته ميليشيات النظام المسلحة عندما باغتت المحتدشين قرب منزل المرجع آية الله الشيخ عيسى قاسم، والإدّعاء بأنها في غير معروفة الانتماء. وهو ما دفع علماء البحرين الجمعة لإصدار بيانٍ أكدوا فيه أن الدفاع حتى الموت عن آية الله قاسم هو الموقف الشرعي الذي أعلنته المرجعية الدينية. وجاء في البيان التالي:
(الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ.)
سلام الله وملائكته وأنبيائه ورسله على أنصار دين الله المرابطين فداء للدين والوطن في ساحة الفداء المقدس. إن "الموت في حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم قاهرين" كما ورد عن أمير المؤمنين عليه السلام. نُحيي قيام الشعب المضحي بواجبه الديني والوطني وخصوصاً الشباب الذي حمل روحه على كفه في سبيل الله عز وجل، قرباناً لنيل رضاه والقرب منه تبارك وتعالى، وهم يمتثلون نداء سيد الشهداء عليه السلام: "من لحق بي منكم استشهد، ومن تخلف عنى لم يبلغ الفتح، والسلام". نعم، إنه لا يوجد محرك أكبر من الدماء الزكية الطاهرة فهي الأقدر على ابتعاث ضمير الأمة واستردادد عنفوانها وشحذ هممها باتجاه نيل الحرية والكرامة. فطوبى للبطل المجاهد مصطفى حمدان هذه الأسبقية للفداء، حيث استطاع إلى جانب إخوته المرابطين وبيدهم العزلاء أن يدحروا عصابات القتل والإجرام الرسمية ويدفعوا كيدهم بالوطن. نسأل الله تعالى أن يمنّ عليه بالشفاء والعافية، بحق محمد وآل محمد عليهم السلام.
إنها جريمة للقتل العمد بأوامر عليا رسمية ويتحمل رأس الحكم في البحرين والإدارة الأمنية البريطانية كل المسؤولية عنها وعن الإنفلات الأمني والطائفي الرسمي.
تأكيدات البيان
أكد بيان العلماء مخاطباً عموم الشعب على عدة نقاط نُشير لها في التالي:
أولاً: التأكيد أن "الدفاع حتى الموت" عن الزعيم الديني والوطني المجتهد المطلق سماحة آية الله الشيخ عيسى أحمد قاسم هو الموقف الشرعي الذي أعلنته المرجعية الدينية إلى شعب البحرين الأبيّ.
ثانياً: الرد على العدوان الدموي الجبان هو بالثبات على الرباط المقدّس بما يحقق الكفاية، والنزول الواسع للشارع في مختلف المناطق والحضور القوي بكل الفعاليات السلمية.
ثالثاً: تصعيد الغضب العام إلى أعلى المستويات، وتوطين النفس على معانقة الشهادة فداءاً للدين والوطن، وذلك بأداء الديون وكتابة الوصية.
رابعاً: الدعوة لمسيرات الأكفان مساء الأحد في جميع المناطق تحت شعار "فلندافع عن ديننا وعزتنا".
دلالات البيان
أولاً: إن سلوك علماء البحرين يأتي كرد فعلٍ على جرائم النظام والتي تخطت حدود الإعتقال والتعتيم الإعلامي الى مرحلة القتل الجسدي ومنع جميع مظاهر الحياة الطبيعية عن الشعب البحريني بالإضافة الى القيام بمهاجمة الشعب الأعزل وتلفيق اتهامات حول ذلك.
ثانياً: بيان علماء البحرين يدل على قدرة العلماء على تحريك الشارع البحريني ورفع مستوى الحراك الشعبي السلمي الى مقاومة شعبية. وهو ما يجري رداً على سلوك النظام الجائر.
ثالثاً: إن رفع مستوى الحراك نحو إبراز الإستعداد للشهادة، وهو ما تدل عليه مسيرة الأكفان المُقررة غذاً الأحد، دليلٌ على قدرة الشعب البحريني على أن يكون بمستوى التضحية من أجل الدفاع عن الكرامة والحقوق.
رابعاً: إن إبراز سلاح الإستشهاد من أجل الحقوق ودفاعاً عن الكرامة ينزع كافة نقاط القوة التي يمتلكها النظام، ويُعرِّيه من مشروعيته التي يبدو واضحاً أنها لا تتمتع برضاً شعبي.
خامساً: يجب الوقوف عند إشارة البيان الى المسؤولية المشتركة للنظام البحرين والإدارة الأمنية البريطانية. وهو ما يُثبت الدور الأسود للمخابرات البريطانية. الأمر الذي لا يختلف عن تاريخ بريطانيا الأسود والمُتعلق بصناعة الإرهاب وتفعيل سياسات التقسيم والفتنة المذهبية لا سيما في منطقتنا الإسلامية.
سادساً: يتطلب موقف العلماء تأييداً من قِبل شعوب المنطقة كونه لا يختلف عن موقف الشعوب العربية والإسلامية المظلومة والرافضة للإستكبار والظلم. كما يضع موقف العلماء المنظمات الدولية والحقوقية والتي اعترفت مُسبقاً بحجم الظلم في البحرين أمام مسؤولية تاريخية جديدة.
سابعاً: يُثبت البيان حرص علماء البحرين على حقوق الشعب البحريني. كما يُثبت أن العلماء يتمتعون بالحكمة والمعرفة اللازمة، حيث بيَّنت التجربة مستوى الحكمة التي تمتعوا بها في مواجهة مشاريع وسلوك النظام البحريني الظالم. وهو ما يجب أن يكون محطَّ تقدير واحترام.
إذن، يبدو أن البحرين يعيش فترة انتقالٍ نحو مرحلةٍ ستكون أكثر حساسية عنوانها "الدفاع حتى الموت". وهو الأمر الذي يحتاج للتمتع بمسؤولية عالية. وفي حين يعيش النظام على حساب ظلم الشعب البحريني، يستمر الشعب بإستخدام كافة الوسائل السلمية دفاعاً عن حقوقه الوطنية والدينية.