الوقت- من أجمل الأثار التي تركها المغول هو "تاج محل" الذي لا يوجد وصف كافِ لجماله المعماري الخلاب خاصة عند بزوغ الشمس ووقت غروبها. يبدو الضريح كأنه يتوهج في ضوء القمر وفي الصباح الضبابي. أما إذا شوهد من ناحية نهر "يمنا" فسيبدو وكأنه مُعلَّق .
وأيضاً يُعتبر تاج محل أعجوبة من عجائب الدنيا السبع لأسباب أكثر من شكله المذهل. ولكن تاريخ تاج محل الذي يُضيف روحاً لعظمته، روح مليئة بالحب والفقدان، فهو يضرب مثلا لرجل أحب زوجته بشدة حتى بعدما رحلت وأصبحت مجرد ذكرى إلا أنه حرص على ألا تتلاشى هذه الذكرى أبداً.
واسم هذا الرجل هو "شاه جهان" والذي تعني ملك العالم باللغة الفارسية وكان يُسمى أيضاً قبل أن يُصبح إمبراطوراَ للهند بـ "شهاب الدين خُرّم" الذي وُلد عام 1000 هـ (1592م) وهو ثالث أبناء الامبراطور "جهانكير" الامبراطور الرابع للهند وجده الإمبراطور"أكبر"، ففي عام 1612 تزوج شاه جهان من "أرجومند بانو ببغوم" التى وقع في حبها.
بالإضافة إلى ذلك فإنّ الشاه له زوجتان أخريتان إلا أنها كانت المُفضلة والتي كانت تُرافقه أينما ذهب حتى في حملاته العسكرية وبعدما أصبح "شاه جيهان" إمبراطوراَ منحها اسم "ممتاز محل" والذي يعني "مختارة القصر" أو "جوهرة القصر ".
أما في عام 1631 أثناء ولادتها لطفلهما الرابع عشر تُوفيت "ممتاز محل" وهي على فِراش الموت فوعدها شاه جهان أنه لن يتزوج أبداَ، وبأنه سيبني لها الضريح الأعظم والأغلى و الأجمل على وجه الأرض .
يُقال أن شاه جيهان كان مفطور القلب على وفاتها حيث أمر البلاط الملكي بالحداد لعامين كاملين . وقام ببناء أجمل آثار العالم تخليداََ لذكرى زوجته الحبيبة .
و الجدير بالذكر أن "تاج محل" مبني كلياَ من الرخام الأبيض ويتكون من مجموعة من المباني التى استغرق بناؤها 22 سنة (15 سنة لبناء الضريح و5 سنوات أخرى لبناء المآذن والمسجد والبوابة الرئيسية والحديقة ) وأيضاً تم الإستعانة ب 22000 عامل و1000 فيل لكي ينقل مواد البناء، واستخدم 28 نوعاَ مختلفاَ من الأحجار الكريمة لترصيع الضريح، وأنواع مختلفة من الرخام اُستخدمت في عملية البناء واُحضرت من مناطق وبلدان مختلفة من : الصين والهند وأفغانستان والمناطق العربية .
يقف مبنى تاج محل على الناحية الغربية للضريح وهو لمسجد "جهان نوما" المصنوع من الأحجار الرملية الحمراء، وفي مقابل المسجد يوجد دار للضيافة والإثنان معاَ، يُشكلان توازن وتماثل مذهل يضيف جمالاَ على عمارة التاج .
أما الحديقة التي تُجمِّل التاج وتعطي له الحياة فهي مبنية على غرار طراز الحدائق الفارسية، والمبنية هي الأخرى على مفهوم "حديقة الجنة" والذي أدخله "بابور" إلى الهند وهي ترمز بالأساس لمفهوم الجنة في الإسلام ماء في المركز تنبع منه أربع قنوات ماء في رمزية لأنهار الجنة الأربعة : نهر من ماء ونهر من لبن ونهر من عسل ونهر من خمر، وهذه الحديقة مليئة بالفاكهه والزهور والطيور والأشجار .
البوابة الرئيسية لتاج محل واحدة من خمس عناصر مكونة لهذا الصرح (الضريح والمسجد وبيت الضيافة والحديقة والمآذن)، عبارة عن مدخل لمحراب مقوسة الشكل يصل ارتفاعها إلى وسط المبنى و تَحُدها كتابات باللغة العربية لآيات من القرآن الكريم .
وأيضاً بمجرد أن يدخل الزائر الضريح سوف يرى غرفة مرتفعة والتي تقبع تحتها غرفة الدفن، ويوجد العديد من الغرف الأخرى والتي اُستخدمت لدفن باقي أفراد العائلة الملكية، أما قبري شاه جيهان وممتاز محل فتم وضعهما جنباَ إلى جنب ومزخرف على قبريهما آيات من القرآن الكريم وأسماء الله الحسنى وهذه الزخرفة مرصعة بالأحجار الكريمة .