الوقت- في تصريح له عقب الاتفاق الذي حصل بين ايران والدول الخمس أكد المتحدث باسم حلف الناتو، أونا لونغيسكو أن الحلف يخطط لنشر الدرع الصاروخية في أوروبا، بالرغم من الاتفاق حول البرنامج النووي الإيراني بين " السداسية" الدولية وطهران، مشددا على أن الدرع لا تستهدف روسيا .
وقال لونغيسكو: " تهديد دول الناتو، المرتبط بانتشار الصواريخ الباليستية مستمر في الصعود، والتوصل الى تفاهم مع ايران حول ملفها النووي لا يغير من خطة الحلف لنشر الصواريخ الدفاعية كونه لا يزيل المخاطر السابقة، نافيا أن تكون تلك الصواريخ موجهة ضد روسيا بأي شكل من الأشكال .
وأعلنت روسيا في وقت سابق أن إبداء عدد من الدول الأوروبية رغبتها في نشر منظومة الدرع الصاروخية الأمريكية على أراضيها يؤكد المخاوف الروسية من أن الغرب يعمل فقط على تقويض قوة الردع النووية الروسية .
وفي وقت سابق قال أمين عام الناتو أندرس فوغ راسموسن إنه من الضروري امتلاك وسائل للدفاع ضد الصواريخ، مضيفا "نحن نواجه تهديدات فعلية" من هجمات صاروخية من الشرق الأوسط خصوصا من إيران، زاعما أن نشر الصواريخ في البلدان الأوروبية هدفه حماية تلك البلدان وباقي الدول الأوروبية من خطر الصواريخ البالستية التي قد تأتي من الشرق الأوسط .
ولا يعتبر حلف الأطلسي، الذي يضم 28 عضوا، أن التهديد الأساسي مصدره روسيا كما كان خلال الحرب الباردة بل من دول في الشرق الأوسط أو دول لديها صواريخ قادرة على بلوغ أوروبا. وهناك ثلاثون دولة ينطبق عليها هذا الوصف وفقا للناتو، لكن إيران ذكرت بوضوح كخطر محتمل إذ طورت صواريخ بالستية يتراوح مداها بين 2000 و2500 كيلومتر أي قادرة على إصابة جنوب شرق أوروبا .
وتتألف الدرع (نسبة لتسمية حلف الناتو) التي يتم التحكم بها انطلاقا من قاعدة رامشتين العسكرية في ألمانيا، من رادار قوي في منطقة الأناضول التركية ومن صواريخ "اس ام 3" نشرت على فرقاطات ايجيس منتشرة في البحر المتوسط، فضلا عن صواريخ اعتراضية في بولندا وفي رومانيا .
تواجد منظومة الدرع الصاروخية يكذب الادعاء الغربي الذي يزعم بأن الهدف الرئيسي منها هو حماية الدول الأوروبية من هجمات صاروخية محتملة من ايران على وجه الخصوص ويكذب الادعاء الذي يقول إن المشكلة ليست مع روسيا .
فلو كان الهدف من نشر تلك المنظومة هو ردع الصواريخ الايرانية واعتراضها، لاكتفى الحلف الأطلسي بنشر تلك المنظومة في دول الخليج الفارسي التي ترحب بهكذا مشاريع والقواعد العسكرية الأمريكية على أراضيها خير دليل على ذلك. ثم انه بالعودة الى خريطة توزيع صواريخ تلك المنظومة يتضح جليا محاذاتها لروسيا و ليس لايران .
وفي الآونة الأخيرة وعقب الأحداث التي اندلعت في أوكرانيا وبخطوة مفاجئة أعلن قائد القوات البرية الأمريكية في أوروبا، بين هوجز، عن إرسال "مراقبين" عسكريين الى استونيا ولاتفيا وليتوانيا وبولندا ورومانيا وبلغاريا، بهدف دراسة وتحديد مواقع اضافية في أوروبا الشرقية، لنشر الطائرات المقاتلة والدبابات وغيرها من الآليات والمعدات الحربية التابعة للحلف .
وبحجة تدريب الدول الحليفة المحاذية للحدود مع روسيا يرسل الحلف آلاف الجنود والطائرات والدبابات، ويقيم القواعد العسكرية سعيا للبدء بمناورات مشتركة حسب زعمه. إلا أن نظرة سريعة الى خريطة تواجد قوات حلف شمال الأطلسي تؤكد بأن الحلف قد اقترب خطوة جديدة سبقتها خطوات عدة الى الحدود الروسية. مما يفسر القلق الروسي من تلك العملية ويبرر للحكومة الروسية نشر منظومة صواريخ "اسكندر" القادرة حسب مسؤولين روس على ضرب جميع قواعد الدرع الصاروخية في أوروبا اذا بادر حلف الناتو الى أي عمل عدائي مقابل روسيا .
اذا فخطة تطويق الدب الروسي التي بدأت بنشر الدرع الصاروخية والتي تبعها اقتراب قوات الحلف الى الحدود مع روسيا يؤكد أن ما يجري هو امتداد لخطة حضرت مسبقا في اطار كسر قوة الردع الروسي مقابل المحور الغربي بقيادة أمريكا، وكأن الحرب الباردة ما زالت مستمرة في ظل تصاعد المخاوف من شرارة قد تحول برودة هذه الحرب الى بركان يأكل الأخضر واليابس وتدفع الدول الأوروبية المرحبة بالدرع الصاروخية القسم الأعظم من فاتورة هذه الحرب .