الوقت – بعد الضجة والإثارة الإعلامية المستمرة منذ أشهر في الكيان الإسرائيلي وجمهورية أذربيجان حول زيارة نتنياهو الى باكو قام رئيس وزراء الإحتلال اخيرا بهذه الزيارة يوم الثلاثاء وقد استغرقت الزيارة يوما واحدا.
ويعتبر نتنياهو اول رئيس لوزراء الاحتلال يزور أذربيجان بشكل رسمي، وكان قد زارها ايضا في اغسطس 1997 بشكل سري في زيارة قصيرة جرت في الليل، وفي يونيو 2009 ايضا زار رئيس الکيان الإسرائيلي شيمون بيريز أذربيجان فيما زارها أفيغدور ليبرمان بصفته وزير الخارجية ووزير الحرب الإسرائيلي في أعوام 2010 و2012 و2014 ، وفي أبريل 2013 زار وزير الخارجية الأذربيجاني المار محمدياروف تل أبيب وفي سبتمبر 2014 زار وزير الحرب الإسرائيلي موشيه يعلون أذربيجان ايضا، ورغم ان باكو لم تفتتح ممثلية لها حتى الآن في الكيان الإسرائيلي لكن وفودا أذربيجانية كثيرة زارت كيان الإحتلال واستقبلت باكو وفودا كثيرة في المقابل.
لاشك ان لأذربيجان موقعا جيوسياسيا هاما في منطقة القوقاز الجنوبية وان نتنياهو كان يريد تحقيق غايات ومكاسب سياسية وثقافية واقتصادية وعسكرية ومصالح اقليمية وعالمية من زيارة باكو وان اهم هذه المصالح والأهداف هي:
الخروج من العزلة وكسب إعتبار
يعيش الكيان الاسرائيلي عزلة دولية بسبب جرائمه المستمرة ضد الفلسطينيين وضد الإنسانية ولذلك يريد هذا الكيان الخروج من هذه العزلة والتغطية على جرائمه عبر هذه الزيارات الى البلدان الاسلامية.
التغلغل خطوة بخطوة
ان الكيان الإسرائيلي الذي يتبع استراتيجية مد جسور العلاقات مع دول الصف الثاني أي الدول المحيطة بالدول المسلمة التي تطوق هذا الكيان، يريد التغلغل ما وراء الشرق الأوسط واذا نظرنا الى علاقات تل ابيب النفطية والغازية مع باكو والاستثمار في المناجم وقطاع الصناعة في أذربيجان والمشاريع الثقافية وتدريب الكوادر الانسانية في ذلك البلد نجد بأن تل أبيب تسعى الى ما هو أبعد من التعاون المتبادل وتريد التغلغل والنفوذ وشن هجوم ناعم في المنطقة.
ان حجم التجارة بين باكو وتل أبيب هو 3.5 مليار دولار وان أذربيجان تؤمن أكثر من 40 بالمئة من حاجة الكيان الاسرائيلي من النفط وخط أنابيب باكو – تبليسي- جيهان ينقل نفط بحر قزوين عبر الأراضي الجورجية الى البحر المتوسط كما تنوي أذربيجان بناء خط انابيب للغاز لنقل غازها الى اوروبا، ومن جهة أخرى تثمن تل أبيب سياسة باكو في الحفاظ على 20 ألف يهودي أذربيجاني كما يعيش في مدينة عكا في فلسطين المحتلة عدد كبير من السكان من أصول أذربيجانية.
ويريد الكيان الإسرائيلي الإيحاء بأن علاقاته الوطيدة مع أذربيجان تؤكد امكانية التعايش بين هذا الكيان وباقي الدول المسلمة، ان اعلان عام "التعددية الثقافية" في أذربيجان والإعداد لبرامج الإحتفاء بالكيان الإسرائيلي تحت هذا الستار هو في الحقيقة خطة قدمتها المراكز الصهيونية لباكو وتم تنفيذها في عام 2016.
الإضرار بالعلاقات الإيرانية الأذربيجانية
ان الاعلام الإسرائيلي قد روج لزيارة نتنياهو الى باكو وكأن حدثا هاما سيجري لكن القيام بزيارة أو زيارتين الى دول مسلمة لا يمكنها ان تحقق النجاح للساسة الصهاينة في تنفيذ خطتهم لأن كيانهم هو كيان غير مرغوب فيه وغير مرحب به لدى المسلمين ولذلك يجب القول ان خطة تل أبيب للإضرار بالعلاقات الايرانية الأذربيجانية سوف لن تنجح.
ان الكيان الإسرائيلي يسعى الى استغلال أذربيجان واستخدامها كمنطلق للعمليات الأمنية ضد ايران لإستنزافها والقضاء على نفوذها المعنوي في أذربيجان وتشويه سمعتها عبر الإيحاء بان تعايش اليهود ممكن مع دولة شيعية (أذربيجان) قريبة من ايران لكن كما أكدنا فإن هذه الخطة الصهيونية مآلها الفشل بسبب يقظة ايران وإدراك الأذربيجانيين بان مصلحتهم تكمن في الحفاظ على علاقاتهم الجيدة مع جارتهم ايران التي تمتلك امكانيات وقدرات هائلة في المنطقة.