الوقت- يبدو أن الحكومة اللبنانية قد كتب عليها أن لا تبصر النور ابدا، وقد ينتهي الحال بها خلال 48 ساعة، وربما يمتد الامر لفترة طويلة في حال أصرت الاطراف السياسية على مواقفها سواء فيما يتعلق بالحقائب الوزارية أو بالقانون الانتخابي الجديد.
فالطفرة في التطورات الايجابية التي شهدتها الحكومة خلال ال 24 ساعة الماضية في ظل الحديث عن جولة جديدة من الاتصالات لوضع اللمسات الاخيرة على التشكلية الوزارية من دون إقفال الباب في وجه توسيعها، يعني اقتراب المشاورات لتشكيل الحكومة من نهايتها السعيدة.
ورغم تفاؤل البعض بإعلان الحكومة قبل نهاية هذا الأسبوع، إلا أن الحريري قد يكون أمام فترة انتظار طويلة في حال فشلت المشاورات في الدقائق الأخيرة. فحكومة الرئيس تمام سلام طال انتظارها لشهرين متتاليين، في حين انتظر الرئيس السابق نجيب ميقاتي حوالي 6 أشهر لتشكيل حكومته العتيدة.
ويخشى البعض، رغم التطوّرات الإيجابيّة حدوث أي طارئ يؤدي إلى أن تطول مدّة انتظار التشكيل وصولاً إلى 20 حزيران 2017، موعد انتخاب المجلس الجديد بدلاً للمجلس الممدّد لنفسه (انتخب المجلس الثاني و العشرون في 7 حزيران 2009، لتستمر ولاية المجلس مدة اربع سنوات)، وذلك بتصويت 95 نائبا لصالح التمديد في مقابل صوتين معارضين . وفي حال فشل الرئيس الحريري في تشكيل الحكومة ونيل الثقة حتى ذلك الحين، ستكون لبنان أمام فراغ تنفيذي وتشريعي، بعد أن عاشت لسنوات في ظل فراغ رئاسي كشف حجم الهوّة بين الأطراف السياسيّة في لبنان.
لا شكّ في أن التأخر في التشكيلة الحكومية لا يصب في مصلحة الوطن ولا المواطن، لاسيّما في ظل الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة التي تعصف بلبنان والمنطقة، الأمر الذي يفرض على الأفرقاء السياسيين الإسراع في تشكيل الحكومة، عبر تقديم بعض التنازلات، لا عبر توجيه الاتهامات بالتعطيل بغية الكسب السياسي، الأمر الذي يصعّب عملية تشكيل الحكومة.
وتوضح مصادر لبنانيّة أن العقبات الأساسية في ملف تشكيل الحكومة لا تزال بموضوع توزيع الحقائب الوزارية، حيث توجد هنالك إشكالية كبيرة على حقيبة "وزارة الأشغال"، فضلاً عن إنجاز قانون انتخابي يحظى بتوافق سياسي يسمح للبنانيين بانتخاب مجلسهم المقبل في الموعد المحدد للانتخابات وفق قانون جديد وعصري، بخلاف قانون الستّين.
لا شكّ في أن الشعب اللبناني اليوم بأمس الحاجة إلى حكومة وحدة وطنية يتمثل بها الجميع بشكل متوازن ومقبول، فرغم قصر عمرها، إلا أنها تنتظر تحدّيات اقتصادية وأمنية كبيرة، لاسيّما في ظل غياب أي رؤية اقتصادية واضحة الغاية والأهداف للحكومة الحاليّة وما سبقها من الحكومات.
إن الملف الحكومي ومع يعتريه من تحدّيات، لاسيّما القانون الانتخابي يستدعي تقديم بعض التنازلات من كافّة الأطراف، ولابد من ذكر التالي:
أولاً: إن سياسة الاتهام بالتعطيل للضغط على بعض الأطراف، لاسيّما حزب الله، بغية الابتزاز السياسي لا تنفع، ولعل إجراء هؤلاء الأطراف مراجعة سريعة لتجربة رئاسة الجمهورية حيث اتهم الحزب بتعطيل الانتخابات الرئاسية و"قيل إننا لا نريد انتخاب الرئيس ولا نريد عون ولا فرنجية واصلا لا نريد رئيس لكن تبين بعد ذلك رغم كل الضغط علينا وتحريض المسيحيين علينا لم نزحزح، واقول لجماعات الضغط نحن بالضغط والتهويل نتصلب اكثر ونجوهر اكثر فتكلموا معنا بالصدق والعقل تأخذون عقل وحنان وكل ما تريدون"، وفق ما أوضح السيد نصرالله في خطابه الأخير.
ثانياً: فيما يخص قانون الإنتخاب حيث سيقبع اللبنانيون بين مطرقة "قانون الستين" وسندان التمديد الثالث المرفوض من الجميع، يجب على كافّة الأطراف العمل على إقرار قانون انتخابي حديث ومعاصر، بدل البقاء على قانون قديم لا يلبي طموحات الناس، ولعل القانون النسبي مع اعتماد دائرة واسعة هو أفضل الموجود حتّى الساعة، لاسيّما أنّه يلبّي طموحات جميع اللبنانيين مهما كبر حجم تمثيلهم أو صغر.
ثالثاً: رغم صعوبة قانون الانتخاب باعتباره قانون "استراتيجي" يؤثر على التوازنات القائمة في لبنان، وقد يعطي كل طرف حجمه الحقيقي، إلا أنّه نظراً للأوضاع الدخلية الصعبة، لا بدّ من فصل مسار تشكيل الحكومة عن مسار قانون الانتخاب الجديد الذي يعود إلى البرلمان إقراره، وبالتالي تكون المهمّة الأساسية للحكومة العتيدة هي إقرار قانون انتخاب جديد يؤمن العدالة والمساواة، لاسيّما في ظل إجماع أغلب القوى السياسية على رفض قانون الستين.
إذاً، لا بد من اللجوء إلى الحوار بدل التهويل سواءً في ملف الحكومة "قصيرة العمر" ريثما يتم انتخاب مجلس جديد بعد سبعة أشهر، أو في ملف قانون الانتخاب.
ولكن رغم قتامة المشهد السياسي اللبناني، إلا أننا نتفاءل بتشكيل الحكومة في أسرع وقت ممكن، سواءَ حكومة 24 وزير أو ثلاثينيّة، خاصّة أن تقاطع العوامل الإيجابية في اليومين الأخيرين يدفع في اتجاه الإسراع بتشكيل الحكومة.