الوقت- ليلة الأمس كانت من أكثر الليالي أرقا لسكان مدينة اسطنبول خلال هذا العام المليء بالتفجيرات، حيث افتتحت ليلتهم على صوت انفجارين متتابعين هزّا أطراف المدينة، وأسفرا عن مقتل 29 شخصا وإصابة 166 جريحا.
التفجيران اللذان استهدفا استاد "فودافون" التابع لفريق بشكطاش لكرة القدم باسطنبول في وقت متأخر يوم السبت، لم يكونا عبثا بل جاءا بعد تخطيط منسق لاستهداف الشرطة التركية، لاسيما وأنهما نُفّذا بعد وقت قصير من انتهاء مباراة بين اثنين من أكبر الفرق في تركيا.
الإنتحاري ترك للمشجعين مشهدا رهيبا
الإنتحاري الذي فجّر نفسه بسترة ناسفة خارج الملعب المذكور بحسب ماقاله رئيس الوزراء التركي "نعمان قورتولموش"، حرم المشجعين من فرحة متابعتهم للمباراة التي تعد من أهم المباريات بالنسبة للأتراك، وترك لهم مشهدا رهيبا يؤرق عيونهم على مدى الأشهر القادمة، لاسيما وأنه فجّر نفسه وسط جمع غفير من الشرطة بعد 45 ثانية فقط من الإنفجار الأول.
أصابع الإتهام نحو داعش والأكراد
وبينما لا تزال تركيا تتعافى من سلسلة التفجيرات العنيفة التي تعرضت لها هذا العام في مدن بينها اسطنبول والعاصمة أنقرة، وجّه مسؤولون أتراك أصابع الإتهام في تنفيذ هذا التفجير المزدوج الى كل من تنظيم داعش الإرهابي من جهة، وحزب العمال الكردستاني من جهة أخرى.
اردوغان يعلن الحداد
وسارع الرئيس رجب طيب إردوغان عقب وقوع الإنفجارين بالخروج على شاشة بلاده ليقدم تعازيه ويعرب عن أسفه لما حدث، واصفا الهجوم بالإرهابي. مؤكدا أن هدف هذين التفجيرين بعد نهاية مباراة حضرها آلاف الأشخاص هو إسقاط أكبر عدد ممكن من الضحايا.
ولم يتوان أردوغان عن دعوة مواطنيه بألا يشك أحدهم في أن الدولة والأمة التركية ستتغلب بإرادة الله على الإرهاب والمنظمات الإرهابية... والقوى التي تقف خلفها.
مشيرا الى أن تركيا ستضمد جراحها بنفسها بعد هذا الهجوم الإرهابي اللاأخلاقي، وستعلن الحداد مع أصدقائها الحقيقيين.
والملفت في الأمر أن اردوغان لم يولي اهتماما لهوية التنظيم الإرهابي الذي نفذ هذا الهجوم "الخسيس"، وشدد أن "كافة المنظمات الإرهابية، سواء "بي كا كا" أو "داعش" أو "غولن"، تهاجم تركيا وشعبها لهدف مشترك".
"قورتولموش" يتهم الكردستاني
من جانبه أنحى نائب رئيس الوزراء التركي "نعمان قورتولموش" يوم الأحد، باللائمة في تنفيذ تفجيرات اسطنبول الأخيرة على حزب العمال الكردستاني المحظور، حيث أشار الى أن الكردستاني قد يكون وراء الهجوم المزدوج في اسطنبول.
ودعا نائب رئيس الوزراء التركي بكل صراحة الدول التي تبعث برسائل تدين التفجير، الى أن تبدي أيضا تضامنا مع تركيا في حربها ضد الإرهاب.
ومن المحتمل أن يتبنّى تنظيم داعش الإرهابي الهجوم الانتحاري في اسطنبول، لاسيما وأن الهجوم جاء بعد أقل من أسبوع من حث التنظيم الإرهابي لأنصاره على استهداف المؤسسات الأمنية والعسكرية والاقتصادية والإعلامية في تركيا.
جحيم من اللهب
هذا وأكد أحد الشهود المدعو "عمر يلمظ" وهو عامل نظافة في مسجد "دولماباهس" المجاور للاستاد الخاص بكرة القدم أن التفجيرين كانا مثل الجحيم. حيث قال مذهولا: ارتفعت ألسنة اللهب في السماء. كنت اشرب الشاي في مقهى مجاور للمسجد، نزل الناس أسفل الطاولات وبدأت النساء في البكاء... كان شيئا مروعا.
الهجوم استهدف الشرطة
من جانبه قال وزير الداخلية التركي "سليمان صويلو": إن 27 قتلوا من ضباط الشرطة بينهم قائد للشرطة وضابط كبير، واثنان من القتلى مدنيين. وأشار الى أن حالة 17 من المصابين خطيرة حيث أنهم يخصعون لعمليات في العناية المشدّدة في الواقت الراهن.
الناتو يدين التفجيرين
من جهته أدان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ينس ستولتنبرج" ماتعرضت له اسطنبول من أعمال إرهابية مروعة بحسب وصفه، بينما بعث أيضا قادة أوروبيون برسائل تضامن مع تركيا. كما عزّت الولايات المتحدة أنقرة بضحايا التفجيرين، وقالت إنها تقف إلى جوار حليفتها في حلف الأطلسي.
جدير بالذكر أن اسطنبول تعرضت خلال هذا العام لسلسلة هجمات ممنهجة إرهابية تبنّتها الجماعات الكردية في بعض الأحيان وداعش مرات عديدة، ومن بين هذه الهجمات هجوم في يونيو حزيران قتل فيه نحو 45 شخصا وأصيب المئات عندما قام ثلاثة إرهابيين دواعش بهجوم مسلح على مطار أتاتورك.