الوقت- بالتزامن مع الانجازات النوعية التي حققتها قوات الحشد الشعبي في الحرب ضد تنظيم داعش الارهابي، ودورها الكبير في معركة تحرير محافظة نينوى، والتي كان آخرها تحرير مطار تلعفر، دقت وسائل الاعلام الداعمة للفوضى والتقسيم في العراق ناقوس الخطر، وصعدت من حملتها الاعلامية الرامية لتشويه صورة المقاتل العراقي المنخرط في صفوف تلك القوات.
وجاءت معركة مطار تلعفر محطة جديدة وفارقة في مسيرة القوات العراقية المشتركة لاسيما قوات الحشد الشعبي، وأثارت غيظ من يقف في المعسكر الآخر (معسكر داعش و الارهاب) للتوالي من جديد الداعية الاعلامية العربية منها والعالمية ضد تلك الانجازات في مسعى لإخراج المعركة الحقيقية للعراقيين وهي معركتهم ضد الارهاب عن مسارها الحقيقي ساعيةً لحرف مسار المعركة بالحديث عن انتهاكات هنا و"نيّة للانتقام" هناك.
وفي هذا الإطار جاءت مطالب وزير الخارجية الألماني، فرانك فالتر شتاينماير، أمس الاثنين، بقيام جنود عراقيين سنّة بتحرير مدينة الموصل شمالي العراق، وقال شتاينماير إنه أبلغ نظيره العراقي خلال اللقاء بضرورة الالتزام بالاتفاقات المبرمة قبل تحرير الموصل، وعدم مشاركة الميليشيات الواقعة تحت نفوذ قوى خارجية في معركة مركز المدينة، وأضاف الوزير الألماني: "يجب تحرير المدينة (الموصل) من قبل جنود عراقيين سنّة".
مطالب الوزير الألماني لم تكن بعيدة عن مطالب الحكومة التركية والرئيس رجب طيب أرودغان التي يحاول قسرا إقحام نفسه على المشهد العراقي بحجة المشاركة في الحرب على الارهاب، وتمثل ذلك بتكرار أردوغان لتصريحاته الطائفية التي تتحدث على أن تحرير الموصل وتلعفر بأيادي "سنية" ودون السماح لأي عراقي من طائفة أخرى بدخول تلك المناطق، ولكن التصريحات شيء والوقائع الميدانية شئ مختلف، ولا صوت يعلو على محاربة الارهاب في العراق بسواعد عراقية دون النظر لانتمائاته المذهبية، وهذا ما حدث فعلاً في معركة تلعفر.
وعلى هذا المنوال سارت وسائل الاعلام السعودية وما لفّ لفيها، ومع كل تقدم تحقق القوات العراقية على الأرض، يتعالي صراخ تلك المحطات، وبينما الارهاب يندحر تغطي تلك الوسائل عليه اعلامياً ساعيةً لتأجيج الفتنة.
الرد على الكلام الذي يريد تحويل الحرب في العراق من حرب على الارهاب الى صراع طائفي، مردودٌ عليه وعلى لسان الأمم المتحدة مباشرةً، اذ أكدت المنسقة الإنسانية التابعة للأمم المتحدة في العراق، ليز غراندي، قبل أيام ان القوات العراقية المشتركة التي تخوض معارك تحرير الموصل ملتزمة بشكل جيد بمبادئ حقوق الإنسان.
وأضافت المسؤولة الأممية في مؤتمر صحافي مشترك عقدته مع وزير الهجرة جاسم الجاف في بغداد، الاثنين "لاحظنا في عمليات تحرير الموصل إجراءات استثنائية لحماية المدنيين"، وأشادت بأداء القوات الأمنية التي تخوض المعارك، مضيفةً "تابعنا عمليات التحرير ولاحظنا التزام القوات الأمنية بمبادئ حقوق الإنسان".
كذلك أكد رئيس بعثة الأمم المتحدة في العراق يان كوبيتش، قبل أيام أن قيادة القوات المسلحة والحشد الشعبي أعطت الأولوية لحماية المدنيين على نحو "لم يسبق له مثيل"، اعتبر أن العمليات العسكرية لتحرير الموصل "تسير على نحو جيد"، منوهاً الى دور المرجعية الدينية الشيعية في هذا الصدد، مضيفاً:" أن الدعم المتزايد من السكان المدنيين لعملية تحرير الموصل وما سبقها من عمليات ضد داعش أفضل تجسيد لحقيقة أن تحرير العراق معركة العراقيين من كل المكونات والجماعات والأقليات العرقية والدينية لتعيش سويا فى جو تعمُّه قيم العدالة والمساواة والسلام والتسامح مع ولادة عراق جديد تحظى فيه القوات الأمنية بترحيب المدنيين الذين ينظرون إليها كقوات مُحررة".
اذاً محاولة إطفاء اللون المذهبي والطائفي على الدور المفصلي التي تقوم به قوات الحشد الشعبي العراقي ليست جديدة ولن تكون الأخيرة طالما استمرت المعركة مع الارهاب ومموليه، ولكن العارف ببنية الحشد التنظيمية، يدرك جيداً أن الحديث هنا يجري عن أبناء الشعب العراقي الذين دفعتهم غيرتهم على بلدهم وأخوتهم سواء في الرمادي أو تكريت أو الموصل لتقديم الغالي والرخيض دفاعاً عنهم، وعندما يقال قوات الحشد الشعبي العراقي، فهذا يعني أن كل قوات الشعب العراقي أجمع.
يذكر أن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أطلق في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، معركة استعادة الموصل، بمشاركة 45 ألفاً من القوات التابعة لحكومة بغداد، من الجيش والشرطة، مدعومين بقوات من الحشد الشعبي إلى جانب قوات البيشمركة، واستعادت القوات العراقية والمتحالفين معها، خلال الأيام الماضية، عشرات القرى والبلدات في محيط المدينة من قبضة تنظيم داعش الارهابي، كما تمكنت من دخول الموصل من الناحية الشرقية.