الوقت- على وقع المعارك القائمة على مشارف مدينة الموصل العراقيّة، بدأت قوات البيشمركة الكردية، اليوم الإثنين، اقتحام بلدة بعشيقة شرقي الموصل، في إطار عملية استعادتها من قبضة تنظيم داعش الإرهابي.
يأتي تقدّم القوات الكردية، التي استعادت قبل أيام السيطرة على قريتين قرب بلدة بعشيقة، بعد قصف مدفعي كثيف منذ ساعات الفجر الأولى، وقال مصدر في قوات بيشمركة كردستان فضل عدم الكشف عن إسمه إن "قواتهم تمكنت صباح اليوم الاثنين من إقتحام الناحية". وأضاف المصدر ان" الهجوم بدأ من ثلاثة محاور ويهدف الى إستعادة الناحية والقرى المحيطة بها من سيطرة تنظيم داعش".
ويأتي هذا الهجوم بعد يوم واحد على زيارة رئيس الوزراء العراقي حيد العبادي إلى إقليم كردستان العراق، ولقائه رئيس الإقليم مسعود البارزاني حيث بحث الجانبان مستجدات معركة الموصل، وقد أكّد الأخير أن قوات البيشمركة لن تدخل إلى مركز مدينة الموصل، في حين أن مصادر تحدّث عن غض طرف الجيش عراقي عن بعشيقة وترك زمام الأمور هناك للاكراد.
قوّات تركية الراجلة
لا نختلف أن تقدّم الأكراد نحو بعشيقة التي تبعد 20 كلم عن مركز الموصل، يحول دون أي صدام تركي عراقي نحن اليوم في غنى عنه، باعتباره سيحرف البوصلة عن "داعش"، كما هو الحال بين أكراد سوريا "قوات سوريا الديمقراطيّة" وقوات درع الفرات التركية في ريف حلب الشمالي، إلا أن هذا الأمر لا يبرّر للأتراك غزوهم للأراضي العراقية دون اذن بغداد. ولكن، قوات البيشمركة الكردية حاولت اللعب على وتر الخلاف بين أنقرة وبغداد بغية تحقيق أهدافها "الإستيطانيّة"، وفق مصادر.
وتضيف المصادر: هذه الأهداف "الإستيطانيّة" يصعب تحقيقها دون مؤازرة تركية للأكراد في العراق، بخلاف سوريا، وفي حين يطمح الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان للعب دور فاعل في معركة الموصل عبر البوابة الكردية، يعمل البارزاني على حفظ علاقاته مع تركيا التي باتت البوابة الإقتصادية الوحيدة للإقليم العراقي.
إرهاب مضاد وتهجير قسري
ولكن، تقدّم الأكراد نحو بعشيقة، لم يقتصر على طرد داعش من هناك، فقد أقدمت القوات الكردية، في خطوة مماثلة لإرهاب "داعش"، على تدمير منازل مئات العرب وترحيلهم من مدينة كركوك (شمال)، التي تقع على بعد 170 كيلومترا إلى جنوب شرق الموصل، في ما يبدو أنها عمليات انتقامية ردا على هجوم شنه تنظيم داعش الإرهابي في الآونة الأخيرة، حسبما أشارت الإثنين منظمة العفو الدولية (أمنستي).
وأكدت المنظمة غير الحكومية أنه في أعقاب هجوم شنه تنظيم داعش في كركوك في 21 تشرين الأول/ أكتوبر، أقدمت سلطات المدينة التي يسيطر عليها الأكراد على تدمير وحشي لمنازل العراقيين العرب وطلبت منهم مغادرة المدينة.
وروى رجل لديه عشرة أطفال لمنظمة العفو، كيف جاء الجنود إلى الحي الذي يسكنه لإبلاغ السكان بمغادرته بحلول الصباح.
وأشار إلى أنه عند فجر الخامس والعشرين من تشرين الأول/ أكتوبر، أي بعد أيام عدة من هجوم داعش، "تم إجلاء السكان قسرا وهدمت الجرافات” مئات المنازل في الحي، وبينها منزله".
الممارسات الكردية التي تكشف نوايا هذه القوات في مختلف المناطق التي تسيطر عليها، تأتي بعد تهجير250 عائلة قسراً من كركوك والقرى المحيطة بسبب العنف ومصادرة بطاقات الهوية، الأمر الذي يشكّل "جريمة حرب"، وفق منظمة العفو الدولية التي طالبتهم بوقف هذه الإجراءات فوراً.
يبدو أن قوات البيشمركة التي وجدت ضالّتها في داعش بغية تحقيق الحالم الكردي بالتوسّع وقضم القرى لضمّها إلى الإقليم حينما تحلّ ساعة "الإستقلال" التي ينتظرها بارزاني بفارغ الصبر، تعمد إلى استخدام أسلوب "داعش" في معاركها السياسيّة والميدانيّة. تهجير الكركوكيين وتدمير منازلهم هي ممارسات داعشية بامتياز، وإرهاب مضاد للإرهاب الداعشي الذي فتك بالعراق وأهله، وممارسات يجب وقفها فوراً ومحاسبة المسؤول عنها.
نؤيّد استخدام القوّة التي تمنع العنف وتحول دونه، تلك القوّة القانونية التي تسعى للحؤول دون أي ممارسات لا انسانية ولاأخلاقية، بخلاف ما عمد العثمانيون وبعدهم الأوروبيون فبعض الأنظمة العربية فالأمريكيون فداعش واليوم الأكراد، فالعنف لا يولّد سوى العنف.