الوقت- منذ ان بدأ ما سمي بالربيع العربي، حتى تظافرت جهود الاف من الشعوب العربية، تعمل على المطالبة بحقوقها، فكان بركان الغضب العربي قاب قوسين او ادنى من الانفجار ليدمر الظلم المتمادي على مدار ايام و اشهر و سنوات. فكانت الدول تتحرر من غطرسة الحكام الذين لونو اعلامها بوجوه و تقلبات كان لها الدور الاساسي في انطلاق الصرخة المدوية لتزيح كل من طبع اسمه على كرسيه منذ سنوات. ولكن الصيد في المياه العكرة كان له دور اساسي في تلك المرحلة، فاخذت الدول الكبرى بتدمير الثورات تارة والعمل على ازاحة حكم ممانع تارة اخرى، بهدف تشتيت البلاد والسيطرة عليها وتامين ارضية مناسبة للمصالح الخاصة بها.
تحديات لضرب الاستقرار
وكما في العديد من الدول، كذلك في اليمن، كان "الطابور الخامس" ياخذ من الثورة اليمنية ماخذه، لتبدأ بذلك المعارك الاهلية بين القبائل والاحزاب والمجموعات الشعبية كافة. وكما هي عادة المخربين، يرمون الفتنة و يخرجون من النوافذ لينظروا ما الت اليه الامور. فكان المجتمع اليمني على موعد مع قتل و دمار و تشريد على مدار سنوات من الثورة الشعبية.
اما اليوم وبالاخص بعدما قدم الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استقالته، سارعت الدول الغربية وفي مقدمتها امريكا وبريطانيا الى مطالبة مجلس الأمن الدولي بعقد جلسة مغلقة لبحث تطورات الاوضاع في هذا البلد سعيا للوقوف ضد حركة انصار الله بمحاولة لقلب الراي العام عليها باعتبارها جرت العقوبات الدولية على اليمن.
ولا شك ان مطالبة مجلس الامن للوقوف بوجه انصار الله و اعلان اغلاق السفارة الامريكية في صنعاء امام العموم حتى اشعار آخر، كلها خطوات تحريضية هنا و هناك لنقل الراي العام اليمني من محور المساندة و المعاضدة الى محور الخلاف بسبب المشاكل الامنية القائمة، تصرفات لم تصدر عن روح عالية و خوف على مصالح اليمن، بل هي خطوات تسعى الى التفرقة ورمي الفتن بين الثوار من جهة و الشعب اليمني من جهة اخرى.
وعلى نفس السياق كان للسعودية دورها في الضغط على الارادة اليمنية، فلا تخفى التدخلات السعودية الساعية الى افشال ثورة الشعب اليمني خلال السنوات الـ ۴ الماضية عبر ما يسمى بمبادرة دول مجلس التعاون، وبعض الخطابات التحريضية التي تظهر بعض الجماعات والحركات كذئب كنعان الراصد لدماء يوسف. فبدات الرياض باستغلال الحالة القبلية في اليمن من أجل شراء الذمم عبر صرف الاموال الطائلة والدعم التسليحي للقبائل اليمنية و تقويتها للوقوف بوجه ما تسميه القدرة الحوثية في اليمن.
قيادة واعية والوحدة حلولها
و رغم العنف و القمع والضغوط الخارجية لم تتاثر قيادة الثورة اليمنية، بل كانت في كامل وعيها، راسمة طريقها امام جميع الثوار للوصول الى الهدف المنشود. وبعد الجهود استطاعت عزل الحكم الفاسد والوصول الى حكم شعبي بامتياز. ولكن الايادي الخبيثة لم تقف جانبا بل بدأت تثير النعرات الطائفية لتقتل الثورة و تدفن اهدافها قبل ولادتها، ومن هنا لا بد من الاشارة الى طرق الحل المناسبة للخروج السريع من هذه الازمة القائمة.
و بما انه لا يمكن اخفاء العقلية القبلية المسيطرة على العديد من اركان الشعب اليمني، ولا يمكن ايضا فصل القوة اليمنية عن قوة هذه الجماعات القبلية. و بنظرة متعمقة لزوايا الثورة اليمنية نجد ركنا اساسيا يمكن اعتباره من اكبر اركان الدولة، قائما على اكتاف القبائل التي تستطيع قلب معادلات اليمن راسا على عقب. وباعتبار القبائل اليمنية محركا اساسيا مع الحوثيين للسياسة اليمنية، يمكن القول ان علاقة مشبعة بالوطنية بين الطرفين تخرج البلاد من ازمتها القائمة.
القطب الاخر من حل الازمة اليمنية، يتمثل بالاحزاب، فالاحزاب اليمنية لا بد لها من اتفاقات جذرية تحول الاختلاف الى تكاتف والتفاف حول الثورة للخروج بالبلاد من الازمات التي تلاحقها و ابعادها عن خطر الالغام السياسية المحيطة بها متمثلة بالسعودية وامريكا. فلا بد من تفاهمات و تصالحات تجعل مختلف الاحزاب اليمنية في خط واحد وطريق واحدة لتحصيل الهدف الاساسي الا وهو الخروج من اليمن الى بر الامان السياسي.
الوضع اذا على ما هو عليه، واليد الامريكية السعودية لا بد لها من بث النعرات، والقلب اليمني الان ينبض بقوة ثورته. لذلك لا بد للصراع بين المجموعات والاحزاب اليمنية ان ينتهي ليستطيع اليمنيون النهوض بثورتهم واعلان انتصارهم. واخر ما يمكن قوله للشعب اليمني، انه يا شعب ارض التضحية و البطولة قوتكم بتضامنكم ونصركم بين يديكم، فلا تصغوا الى غرب الفتنة و مملكة التفريق والنفاق و "اعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا"، فالفرقة ضعف والتكاتف قوة وما النصر الا من عند الله العزيز الجبار..