فاجأت كوريا الشمالية العالم أمس بإجرائها خامس تجربة نووية لها، أدت لقرار اليابان فرض مزيدٍ من العقوبات على بيونغ يانغ. في وقتٍ كانت ازدادت فيه حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية منذ كانون الثاني الماضي، تاريخ آخر تجربة نووية أجرتها بيونغ يانغ والتي أطلقت بعدها في شهر شباط صاروخاً نووياً. فيما اعتبرت كوريا الجنوبية التجربة بأنها الأقوى حيث ذكر مسؤول في وزارة الدفاع الكورية الجنوبية أن بلاده تُقدر قوة الإنفجار الناجم عن تلك التجربة بحوالي عشرة كيلو طن. وأكد المعهد الأمريكي للرصد الجيولوجي أن التجربة أحدثت زلزال بقوة 5.3 درجات. وهو الأمر الذي أعلنت أمريكا عزمها على تحليل آثاره. في وقت يقوم الخبراء الصينيون برصد آثارها الإشعاعية. في حين اعتبرت روسيا التجربة رداً على التعاون العسكري الثنائي بين أمريكا وكوريا الجنوبیة. فماذا في الإستنفار الدولي عقب التجربة النووية؟
كوريا الشمالية تؤكد قيامها بالتجربة النووية
من جانبها، أكدت كوريا الشمالية، رسميا إجراءها التجربة النووية في الذكرى الـ68 لتأسيس الجمهورية، في ظل اتخاذها إجراءات هادفة لتعزيز قدراتها النووية في ظل الخطر المتنامي من جانب واشنطن بحسب تعبيرها. وجاء في بيان وكالة الأنباء الكورية المركزية أن بيونغ يانغ ستواصل اتخاذ الإجراءات التي تُعزز قدراتها النووية الوطنية من ناحية الحجم والنوعية بهدف ضمان الكرامة وحق البلاد بالوجود في ظروف الدفاع عن الخطر النووي الأمريكي المتنامي. مؤكدةً أن التجربة لم تؤثر سلباً على البيئة ولم يتم رصد أي تسرب لمواد مشعة.
مجلس الأمن القومي الأمريكي يستنفر لتحليل التجربة
أعلن مجلس الأمن القومي الأميركي التابع للبيت الأبيض، أنه يقوم بتحليل الإنفجار. وجاء الإعلان الأمريكي دون التأكيد بأن كوريا الشمالية أجرت تجربة نووية جديدة. حيث أكد الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي "نيد برايس"، أن واشنطن علمت بحصول نشاط زلزالي في شبه الجزيرة الكورية في محيط موقع كوري شمالي معروف لإجراء التجارب النووية بعد أن أظهرت صور الأقمار الإصطناعية نشاطاً ملحوظاً في موقع التجارب النووية لكوريا الشمالية. في حين أكد المتحدث أن أمريكا تقوم بالتعاون مع حلفائها الإقليميين، بمراقبة الوضع وتقييمه.
كوريا الجنوبية تعتبر الأمر تصعيداً خطيراً
أعلنت رئيسة كوريا الجنوبية "بارك غون" أن كوريا الشمالية أجرت تجربة نووية جديدة معتبرة ذلك تحدياً واضحاً لقرارات مجلس الأمن والمجتمع الدولي. وهو الأمر الذي رصدته كوريا الجنوبية قرب موقع "بيونغي- راي" للتجارب النووية في شمال شرق كوريا الشمالية. فيما ردت عليه عبر عقد إجتماعٍ عاجل لمجلس الأمن الوطني في القصر الرئاسي بحضور رئيس الوزراء الى جانب إعلان وزارة الدفاع إجتماع فريق إدارة الأزمات. كما أوضح المعهد الأميركي للرصد الجيولوجي أن التجربة حصلت قرابة الساعة الساعة 12 ونصف بتوقيت غرينتش في مكان قريب من النقطة التي سبق وأجرت كوريا الشمالية فيها تفجيرات نووية سابقاً. في حين أكد المرصد أن الإنفجار وقع قرب سطح الأرض وليس في أعماق باطنها.
الصين واليابان والإستنفار الداخلي
من جهتها شكلت الصين لجنة عبر وزارة البيئة الصينية بشكل عاجل لمراقبة الإشعاع في المناطق الحدودية في شمال شرق الصين. أما في العاصمة اليابانية طوكيو، أعلن وزير الخارجية "فوميو كيشيدا" أن بلاده احتجت لدى كوريا الشمالية بشأن ما يشتبه بأنها تجربة نووية أجرتها بيونغ يانغ. وقال كيشيدا للصحفيين أن هذه التجربة ستكون خرقاً لقرارات الأمم المتحدة إذا تأكدت وهي تمثل تحدياً خطيراً للجهود الدولية الرامية لمنع انتشار الأسلحة النووية.
أسبانيا تعقد إجتماعاً للجنة الدولية للعقوبات ضد كوريا الشمالية
من جهتها بادرت إسبانيا بصفتها رئيسة للجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن الدولي، إلى عقد جلسة طارئة للجنة الدولية للعقوبات ضد كوريا الشمالية، بعد تجربتها النووية الأخيرة، بحسب ما أعلنت وزارة الخارجية الإسبانية، أمس. وأعلنت أن الهدف من جلستها هو تحليل الوقائع وتنسيق رد حاسم من المجتمع الدولي. مؤكدةً إصرارها على تطبيق نظام العقوبات ضد كوريا الشمالية بشكل فعال لإرغامها على إيقاف برنامجها النووي بشكل كامل. وذكرت الوزارة أن التجربة النووية الأخيرة هي الثانية لبيونغ يانغ منذ بداية العام الجاري والخامسة منذ العام 2006، الأمر الذي تعتبره تهديداً للسلام والأمن في العالم ويهدد الإستقرار في شبه الجزيرة الكورية. كما استدعت وزارة الخارجية الإسبانية، الجمعة، سفير بيونغ يانغ في مدريد لتسليمه مذكرة احتجاج على التجارب النووية.
موسكو: الإنفجار لا يهدد الأراضي الروسية والتجربة رد على التعاون العسكري الأمريكي مع كوريا الجنوبية
من جهته أعرب مصدر روسي مطلع لوكالة "إنترفاكس" للأنباء أن طاقة الانفجار النووي في كوريا الشمالية تساوي 10 كيلوطن من مادة "تي أن تي" شديدة الإنفجار. كما أعلنت هيئة رصد الأحوال الجوية ومتابعة البيئة في إقليم "بريموريه" الروسي المُحاذي لكوريا الشمالية، أن مواد خطيرة قد تتسرب نتيجة التجربة النووية لكنها لا تهدد الأراضي الروسية، بسبب أن مستوى الإشعاع في الإقليم لا يزيد عن الأرقام الطبيعية كما أن الرياح ستهب من جهة الشمال في الأيام القريبة المقبلة. من جهةٍ أخرى نقلت الوكالة الروسية "نوفوستي" عن مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا "فلاديمير فورونكوف"، أن التجارب النووية الجديدة التي أجرتها كوريا الشمالية جاءت رداً على المناورات العسكرية المشتركة والتعاون الثنائي بين كوريا الجنوبية وأمريكا. وأكد فورونكوف معارضة روسيا لزيادة القدرات العسكرية في شبه الجزيرة الكورية.
يبدو واضحاً أن العالم بات يعيش تهديداً خطيراً يتعلق بالنشاط النووي للدول، في ظل غياب نزاهة في التحكيم ورفض أمريكا التعاطي ضمن معايير صارمة تُلزم حلفاءها. في حين رفضت الدول كافة خيارات كوريا الشمالية، والتي تُهدد السلم والأمن العالمي.